27-02-2022 10:17 AM
بقلم : د. سليمان الرطروط
كانت الدول الأوروبية في القرون الماضية تشتعل الحروب المدمرة فيما بينها ، وعندما تحل الألفة بينهم والسلام فالشرق العربي الإسلامي هدفهم؛ فيعيثون به فساداً ودماراً.
وفي القرن التاسع عشر كانت القطبية الثنائية بين بريطانيا وحلفائها من جهة وفرنسا وأتباعها في الطرف الآخر، وأحياناً تتبدل التحالفات حسب المصالح، ومع بداية القرن العشرين اندلعت الحرب العالمية الأولى ما بين الدول الأوروبية
وأخير التحقت الدولة العثمانية بها؛ فكانت نهاية الحرب كارثية ومدمرة للدولة العثمانية، حيث انتزعت النسبة العظمى من أراضيها، وأسقط نظامها السياسي الذي دام عدة قرون، ودمر اقتصادها، وكبلت بالمعاهدات والاتفاقيات المذلة وطويلة الأمد، وعملياً بات أطهر مقدساتها تحت نير الاحتلال ( الكافر) بشكل مباشر أو غير مباشر، ومزقت أراضيها، وانشأت على انقاضها ما يزيد عن عشرين دولة، ولقد كانت الدولة العثمانية الخاسر الأكبر في الحرب العالمية الأولى بسبب تقدير الموقف الخطأ للنتيجة المتوقعة للحرب القائمة آنذاك، مما حدا بقادة الدولة الجدد دخول حرب لا ناقة لهم بها ولا جمل، ولو تركوا أنفسهم على الحياد لكان خيرا لهم.
وأما الحرب العالمية الثانية والتي دارت رحاها بين الدول الأوروبية بالدرجة الأولى، وقد حاول بعض قادة الشعب الفلسطيني مثلاً استغلال الحرب من خلال دعم وتأييد ألمانيا،
فكانت نهاية الحرب عكس ما توقعوا، وتم إقامة الكيان الصهيوني والسيطرة المباشرة على القدس خاصة وكامل التراب الفلسطيني مع سيناء والجولان.
وخلال المائة عام الماضية كانت خسائر العرب خاصة والمسلمون عامة كبيرة جدا من حيث أعداد القتلى وانتهاب المقدرات الاقتصادية، وأصبح العرب والمسلمون أغلب اللاجئين والمشردين في العالم إلى غير ذلك من الخسائر الكثيرة والكبيرة بالإضافة لعدم الاستقرار العام .
والآن وقد بدأت الحرب في أوكرانيا والتي يتوقع أن تتطور لحرب عالمية لا يرغب بها أحد، وكما قيل: أنك تستطيع إشعال وبدء الحرب وتحديد وقتها، ولكنك لا يمكن لك معرفة وقت انتهاءها.
وإزاء الأحداث الحالية المتسارعة فإن الله سبحانه وتعالى ذم الحرب ومَن يوقدها فقال : (كُلَّمَا أَوْقَدُوا نَارًا لِّلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللَّهُ ۚ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا ۚ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ) ولكن من الأفضل للدول العربية والإسلامية_ والتي لم تكن طرفاً في بدء الحرب ولن يكون لها رأي في وقفها_ الإفادة من دروس الحروب العالمية الأولى والثانية وأن تقف على الحياد؛ حيث تنتشر بعض التقارير الصحفية والمعلومات التي تفيد بعروض للمقايضة بين الدول الكبرى بأن تكون أوكرانيا للروس وسوريا للغرب، وعن احتمال فتح جبهة أو أكثر على روسيا في سوريا خاصة وفي غيرها من الأماكن .
وللعلم فإن اتفاقيات الدول الكبرى معاً تماثل اتفاقيات بيع وشراء جملة الجملة بين كبار التجار، وما اتفاقيات سايكس بيكو إلا مثالاً على ذلك.
وأخيراً أظن أن الحرب الحالية ستنتهي بنظام عالمي جديد، ودول أخرى قوية، فهل سيكون للعرب والمسلمين مكانة ودور عالمي ورأي ومكانة مختلفة عما هم فيه الآن، أم سنكون الطرف الخاسر الأكبر؟
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
27-02-2022 10:17 AM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |