28-02-2022 08:41 AM
سرايا - في ندوة جمعت نخبة من الكتاب الأردنيين، بمقهى وجاليري»فن وشاي»، مساء يوم الثلاثاء الماضي، عاين الزميل خالد سامح الأدب الأردني واتجاهاته وتطوره منذ نهايات العهد العثماني وحتى الزمن الحاضر، مروراً بظروف تأسيس الدولة الأردنية واستقلالها ثم نكبة فلسطين وما تلاها من تحولات كبيرة على كافة الصعد، وشارك الزميل سامح الشاعر رامي ياسين والروائية نيرمينه الرفاعي حيث قرآ نماذج من الشعر والسرد الأردني القديم والحديث.
صاحبة ومديرة جاليري «فن وشاي» في جبل اللويبدة الفنانة الفوتوغرافية ليندا خوري قدمت للندوة بالتذكير أنها تأتي ضمن نهج المقهى بالتفاعل مع المشهد الثقافي والإبداعي الأردني.
الأدب وحركات التحرر
تناول الزميل خالد سامح في قراءته للمشهد الأدبي في الأردن منذ بداياته الظروف السائدة قبل تأسيس الدولة، وغياب المعلومات الموثقة الدقيقة عن تلك الفترة، إلا أنه أشار لبروز أدباء تأثروا بحركات التحرر العربية من الهيمنة العثمانية، ومنهم ابن بلدة الحصن الروائي عقيل أبو الشعر، صاحب رواية «الفتاة الأرمنية في قصر يلدز» عام 1912، والذي انحاز في مجمل أعماله للقضايا العربية، والكاتب عودة القسوس، ثم صبحي أبو غنيمة الذي بدأ الكتابة قبل تأسيس الدولة لكنه نشر أول كتبه عام 1922 وكان مجموعة قصصية بعنوان «أغاني الليل» وهي الأولى أردنياً.
مرحلة الرواد
كما تحدث الزميل سامح عن تأثر الكتاب الأردنيين بالحركة الأدبية في مصر وسوريا ولبنان، وبروز العديد من الأسماء الرائدة قبل الاستقلال مثل حسني فريز، عيسى الناعوري، روكس بن زائد العزيزي، يعقوب العودات، أديب عباسي، محمود سيف الدين الايراني وآخرين، وقد أضاء على تجربتهم وأعمالهم ذات المنحى الوعظي الأخلاقي في أغلبها، ودور بعضهم في مجال توثيق التراث الأردني وترجمة الآداب الأجنبية، وعند شخصية الشاعر مصطفى وهبي التل وآثاره الأدبية، وقال: «عرار شخصية استثنائية في تاريخ الأدب الأردني، فهو شاعر معارض عبر عن خصومته مع السلطة بكافة أشكالها في أشعاره، انحاز للمهمشين ومجد الغجر وتغنى بنهج حياتهم الحر المنفلت من القيود، كما استخدم ألفاظا عاميا في قصائده الفصيح وقد كان ذلك أمرا مرفوضا ومستهجنا في تلك الفترة، وتغنى بكل مدن الأردني، كما ترجم رباعيات الخيام عن الفارسية التي كان يتقنها، وتخلل حديثه عن عرار قراءة من قصيدة «العبودية الكبرى» قدمها الشاعر رامي ياسين.
بذور الحداثة
كما وصف سامح المرحلة التي أعقبت النكبة الفلسطينية ولجوء أسماء أدبية فلسطينية لامعة للأردن ليصبحوا جزءا فاعلا في الحراك الأدبي الأردني أيضا، وتناول أثر القضية الفلسطينية على النتاج الأدبي ومضامينه حيث انحاز للهم القومي وأحلام العرب بتحرير فلسطين وهزيمة الاستعمار، متوقفاً عند عدد من التجارب اللافتة كتجربة الروائي الراحل غالب هلسا، الذي اعتبره أهم روائي أردني إلى الآن، وتابع: «غالب هلسا تجرأ على طرح العديد من القضايا الاجتماعية والسياسية والإنسانية في أعماله، وهي قضايا لم تطرق من قبل في الأدب الأردني، وخط لنفسه أسلوبا في الكتابة جعل منه أحد أهم الكتاب العرب في القرن العشرين.
الروائية نيرمينه الرفاعي قرأت جزءا من قصة «زيدي وشتي» لغالب هلسا، وهي من مجموعته القصصية «زنوج وبدو وفلاحون».
تحدث سامح عن تجربة الشاعر والروائي الراحل تيسير السبول، وديوانه الوحيد «أحزان صحراوية»، إضافة إلى روايته الوحيدة أيضا «أنت منذ اليوم» التي تناولت بعمق أزمة الإنسان العربي بعد هزيمة العام 1967.
بعد ذلك سار الحديث نحو مرحلة السبعينيات والثمانينيات التي برز فيها الكثير من الأسماء المجددة والمتأثرة بالأساليب الحداثية في الشعر والرواية والقصة، وأبرزهم الشاعر أمجد ناصر الذي أبدع في كتابة قصيدة النثر وحاز على جوائز وتكريمات دولية، حيث قرأ له الشاعر رامي ياسين قصيدة «مديح لمقهى آخر»، وفي الشعر تحدث أيضا عن حيدر محمود وعبدالله رضوان ويوسف عبد العزيز وزياد العناني وطاهر رياض وآخرين، أما في السرد فتوقف عند تجارب مؤنس الرزاز وسميحة خريس ومحمد طمليه وفخري قعوار وبدر عبد الحق وسالم النحاس، ومن مرحلة التسعينيات وما ميزها من ظروف سياسية صعبة فقد تحدث عن تجارب جديدة لعدد من الأسماء التي كرست حضورها منذ ذلك العقد في السرد والشعر كبسمة النسور التي قرأت لها نيرمينة الرفاعي جزءا من قصة «مزيداً من الوحشة»، وسامية العطعوط ورفقة دودين وجميلة عمايرة وحكمت النوايسة ونايف النوايسة وإبراهيم خليل وراشد عيسى وعلي العامري وهشام عودة وجمعة شنب ومحمد خليل ونبيل عبد الكريم وزهير أبو شايب، وغيرهم.
أدب الألفية الجديدة
أما في الألفية الجديدة فأوضح سامح أثر ظهور الإنترنت والانفتاح التكنولوجي على الحركة الأدبية، إضافة لما تركه «الربيع العربي» من تأثير واضح على مضامين ما نشر في الشعر والرواية والقصة خلال تلك المرحلة، منوهاً بالعديد من الأسماء التي برزت خلال العقدين الفائتين كنضال برقان وعامر الشقيري ومهند العزب ومهند السبتي ومحمد ساري وعثمان مشاورة ورامي ياسين ونيرمينة الرفاعي وتبارك الياسين وحليمة الدرباشي وماجدة العتوم وهشام البستاني الذي كتب القصة القصيرة بتجريب جمالي لافت ولغة مغايرة قامت على فكرة الانفتاح على أجناس أدبية وإبداعية أخرى كقصيدة النثر والمسرح والتشكيل والمشهدية السينمائية وغيرها من العناصر، ما أهله لنيل جوائز عالمية رفيعة.
وأوضح سامح أن المشهد الأدبي الأردني مازال يحمل الكثير من السمات التي رافقته منذ تشكله قبل قرن تقريبا، وأهمها تركز الفعاليات الأدبية في العاصمة، وهيمنة النفس الوعظي والأخلاقي على مجمل الأعمال السردية مع استثناءات قليلة كما في حالة غالب هلسا، والحضور الضعيف للمكان في المنتج الأدبي،وغيرها من الملامح.
اختتمت الأمسية بجلسة حوارية بين الجمهور والزميل المحاضر، أدارها القاص هشام البستاني.
تجدر الإشارة إلى أن الزميل خالد سامح صدر له أربعة مجموعات قصصية، ورواية بعنوان «الهامش»، ترجمت بعض قصصه للانجليزية ونشرت في مجلة «ذا كومون» التي تصدر عن جامعة ماتساتشوستس في الولايات المتحدة الأمريكية، وله مشاركات في ملتقيات أدبية وإعلامية عربية وعالمية.