02-03-2022 10:03 AM
بقلم : الدكتور فارس محمد العمارات
تبرز سمات الشعوب عادة عبر الإنجازات ومن خلال الأزمات، بشكل يُميزها عن غيرها والأردن بدأ بنموذج لافت للنظر بشكل عام وفي زمن الكورونا بشكل خاص ، حيث ضرب مثالا يُحتذى في الإستجابة لجائحة كورونا والتصدي لها من خلال تقوية نظامه الصحي ؛ بالرغم إنه لا يتمتع بموارد مالية كبيرة، حتى قبل وصول فيروس كورونا له ، وكان يُعاني من أزمة إقتصادية خانقة، إلا إن الأردن يُمثل حالة فريدة في التعامل مع هذا الفيروس لأسباب عدة جعلت منه مثلا يُحتذى في العالم أجمع خاصة إنه من أول الدول التي تعاملت مع الأزمة بكل كفاءة وإقتدار ، من مُنطلق إن الإنسانية هي شعارها ، ولا تُميز بين عرق او جنس ،او دين وتعاملت بشفافية عالية مع مواطنيها قبل أن تتعامل بها مع مُنظمة الصحة العالمية، ناهيك عن إنها منحت عدة أيام لكل من يرغب بالعودة إلى الوطن وللمُقيمين في الأردن للعودة وكان ذلك القرار له تكلفة مالية عالية ومخاطرة صحية تجنبته عبر إبقاء كل من عادوا للأردن من أردنيين أو أجانب في الحجر الصحي ُمباشرة من المطار إلى مناطق العزل ذات الخمسة نجوم ، وتوفير كل ما يلزمهم من إجرءات تهم صحتهم فيما قامت الدولة بدفع جميع تكاليف هؤلاء المحجور عليهم سواء أردنيين أو عرب أو أجانب.
ولم تقتصر هذه الإجراءات عند هذا الحد ، بل قامت الاردن بإجراءات حظر التجوال منعا لتفشي وإنتشار الفيروس ، فكانت من أول الدول التي تفرض منع التجول على جميع المدن والقرى والمُحافظات، وتعزلها عن بعض منعا للإختلاط ، ولم تكتف بفرض منع التجول بل سخرت رجال الشرطة والأمن ورجال القوات المُسلحة الاردنية لمُتابعة أي حالة فردية قد تخترق أوامر الدفاع حماية للمُجتمع والإفراد ، وبكل حزم وبعيداً عن أية إنتهاكات لحقوق الانسان .
وقد تفوقت الاردن على باقي دول العالم في إجراءات غير مسبوقة ، تمثلت في تقنين فتح الأسواق للمواطنين بل إتخذت قرارات بطريقة حضارية وذات بُعد يتعلق بالكرامة الإنسانية ، من حيث توزيع المواد الغذائية وتقنين نوعية هذه المواد مُكتفية بالمُتطلبات الأساسية ومنحت تراخيص للتجول لفئات خاصة لأسباب أمنية أو صحية.
وان ما قامت به الحكومة الأردنية من إجراءات رغم إمكانياتها المحدودة فانها لا تُعادل الطريقة الإنسانية التي تعاملت بها مع الموقف، ففي الوقت الذي يقول به بعض زعماء الدول العظمي لشعوبهم نتوقع الملايين من الموتى ، أخذ الاردن بقوله سوف نتجاوز هذه الأزمة معاً وسننتصر من مُنطلق أن أغلى ما نملك هو الإنسان، وقد تُعاقب على جائحة كورونا حكومتين ومجلسي نواب الثامن عشر والتاسع عشر .
لقد شهد الجميع بأن الأردن كان فعلا وبكل جدارة وبغض النظر عن صعوبة مواجهة هذا الفيروس بأنه دولة بكل ما فيه من جيش وامن وصحة كان في الصفوف الاولى للرقي على الصعيد الإنساني وأنها وإن كانت في مواجهة قاسية مع هذا الفيروس إلا أنها نجحت وبجدارة إنسانية وعالمية بأن تثبت إنسانيتها تجاه مواطنيها وتجاه غير الأردنيين في التعامل مع هذه الأزمة ،وهي ظاهرة فريدة في عالم أصبحت به الإنسانية أقل إهتمامات قادة العالم، فرغم سوداوية المشهد الذي خلفه فيروس كورونا على الأردن الا أن القيم الإنسانية حظيت بجزء كبير في تغير سلوك الحياة ، كالشعور باللُحمة مع الأخرين والتسامح ، وزيادة مساحة التعرف على الأخرين والشعور بهم رغم التباعد الإجتماعي ،وإستثمار الوقت مع من نحب والعودة إلى مفهوم العائلة بصورته الحميمة ، وخاصة بين الأباء والأبناء، وكل يوم اثبت كل من فيه بان الوطن بحجم الورد لن تذبل زهراته وان كان الماء شحيحاً .
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
02-03-2022 10:03 AM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |