03-03-2022 11:25 AM
بقلم : الدكتور فارس محمد العمارات
يٌعد مفهوم الحرب اللاٌمتماثلة من المفاهيم الحديثة نسبياً والتي دخلت إلى قواميس القادة العسكريين والمٌخططين الاستراتجيين، وقد بدأ التداول بهذا المٌصطلح في نهاية العقد الأخير من القرن الماضي، وتحديداً عندما بدأ المعنيون بحماية الأمن القومي الأمريكي عقب انفراط العقد السوفيتي بإعادة النظر في سياساتهم العسكرية الدفاعية ،وتقييم المخاطر والتهديدات التي تواجه واشنطن، وكان من بين ما توصلوا إليه بهذا الخصوص ، هو أن ما حل بالاتحاد السوفيتي قد أفضى إلي ظهور حقائق جديدة على الساحة الدولية، وأهمها أن أي دولة من دول العالم اليوم لا تملك القدرة التي تؤهلها للدخول في مواجهة تقليدية مع أمريكا بحكم التفوق الكاسح لقواتها، بيد أن هناك مخاطر حادة يتعرض لها البيت الأبيض وأمنه القومي جرّاء التطورات التي بدأت تتسارع على الساحة الدولية، وأخطرها ظاهرة الإرهاب الدولي الذي لم يعد يرتبط بأعمال عنف مٌحدودة، بل تنوعت عملياته في كل مكان وتعمقت الارتباطات بين منظماته، وتوسع نشاط عناصره في كل المناطق، وبدأت أفكاره بالتغلغل إلى مجموعات من الناقمين والساخطين ،والمحبطين والشاردين والمتضررين من الدور الذي تلعبه واشنطن في مختلف مناطق العالم أو إلى أفراد يبحثون عن الإثارة والمغامرة لإرضاء نزعات سادية لديهم. إضافة إلى أن العولمة وثورة التكنولوجيا قد أدت إلى إتاحة وسائل جديدة لعملياته بحيث أصبح هناك تهديد جديد يطرح في مجمله مخاطر الحروب التي قد تتعرض لها الولايات المتحدة أسموها (الحرب غير المتماثلة)
لقد جرت الأحداث الدائرة الان ما بين روسيا واوكرانيا أهمية معاودة فحص مُصطلح عسكري أساسي جديد وهو "الحرب غير المتكافئة"، والذي سبق أن طرحه عدد من الخبراء العسكريين منذ أكثر من عقدين من الزمان وبالتحديد في عام 1989. وترتد جذور هذا المٌصطلح إلى أواخر السبعينيات عندما أثار "Andrew Marc" العديد من التساؤلات حول أسباب هزيمة الولايات المٌتحدة الأمريكية رغم قوتها وعظمتها من دولة صغيرة (مثل فيتنام)، رغم صغر حجمها وتواضع إمكاناتها واعتمادها على أسلوب حرب العصابات .
وتعتبر الحروب الدائرة في عدة دول من الحروب اللامُتماثلة وذلك لان طرفي المعادلة لا تٌمثل حرب بين جيشين بل بين عصابات وجماعات ارهابية مٌسلحة ومليشيات لا يمكن ان ينطبق عليها صفة الجيوش الناظمة لصفوفها افراد عسكريين مدربين وجراء عدم امتلاكها المعدات العسكرية التي تمتلكها الجيوش النظامية بالاضافة الى افتقارها للتدريب اللازم لممارسة المهارات القتالية التي تتميز بها الجيوش النظامية بالاضافة الى عدم قدرتها على امتلاك اداراة المعركة وكسبها لصالحها واعتمادها فقط على عمليات مباغته للجيش ومهارات الكر والفر بالاضافة الى اعتمادها على عمليات القنص واقتناص الفرص العسكرية التي تسنح ما بين فترة اواخرى جراء الفجوات الامنية التي لا يمكن ان يسيطر عليها الجيش النظامي وعدم وجود ميادين قتال محددة ومن هذا المنطلق فقد جاء هذا البحث من اجل اظهار الدروس في الحرب اللامتماثلة في المدن السورية والمدن العراقية
مما سبق نستخلص إلى التأكيد على أن الثوابت القادمة الناتجة عن عدم التكافؤ وعدم التماثل بين اطرف الصراع لسوف تقلب الاعتقادات الأساسية والافتراضات والسلوكيات التي قادت ووجهت القوات العسكرية منذ بدايتها. ومثلًا، كان في الحروب السابقة كلما زادت قدرة الأسلحة كبرت بدورها القوة العسكرية التي يمكن تركيزها على ساحة المعركة.
إذن فسوف تقل أو تتغير أهمية ثوابت السلوك العسكري الأخرى في حٌقبة ما بعد الجيل الرابع فسوف تحتاج اوكرانيا إلى القوة التدميرية الضخمة في عصر الأسلحة الحديثة التي تعتمد على التقنيات الأساسية الجديدة والحديثة ،إلى دعم لوجيستي ضئيل وعدد قليل من الأفراد، بعدما كانت في السابق تعتمد على إمدادات لوجيستية كبرى ومقاتلين كُثر، وكما تقل أهمية الاعتبارات الجغرافية والطبوغرافية التقليدية ومعها الميزة التنافسية التي يعطيها التدريب العسكري وقوة النيران وحجم القوات الٌمقاتلة، فالعمليات الروسية التي يقوم بها جزء من الجيش الروسي قد يٌضاهى الجيش الاوكراني ضمن تلك المٌعادلة التي تفكر فيها اوكرانيا ، وتصبح بذلك تعتمد على أحدث أنواع الأسلحة التي تزود بها من قبل الغرب الذي دفعها إلى حرب غير مٌتكافئة ولو طالت ايام الكر والفر ، وان ما تتمتع به اوكرانيا كقوة سوف تستخدم للانتقام ضد منفذي بعض الهجمات من الجيش والوحدات الخاصة الروسية التي تعرف كيف تناور وتستخدم الارض كفرص السيطرة النهائية على كييف قلب اوكرانيا .
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
03-03-2022 11:25 AM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |