05-03-2022 10:50 AM
بقلم : د.عماد زاهي نعامنة
انتهت منذ أيّام قلائل إعادة بثّ التلفزيون الأردنيّ حلقات المسلسل الأردنيّ الذي أنتج عام ألف وتسعمئة وثمانية وتسعين، وقد تجلّى فيه إبداع كاتبه د. مخلد العبّادي، وتميّز في إخراجه المخرج المرحوم سعود الفياض الخلفات.
ولنا في هذه المسلسل الدراميّة دروس وعبر ومشاهد ومواقف ناقدة ثرّة، استمدّها كاتبها من وحي المجتمع، ومع كثرتها الكاثرة إلّا أنّني سأقتطف بعضًا منها. ولعلّ ما حفزني إلى ذلك ولفت انتباهي إليها أنّ كثيرًا من تفصيلاتها بخيرها وشرّها ما زال سائدًا حتّى يومنا هذا بعد ما يقرب من ربع قرن.
ولستُ أظنّ أحدًا ينسى أولئك الشزذمة البائسين الذين راحوا يتمترسون وراء القوانين والأنظمة والتعليمات وهم لا يرجون بها خير الوطن وأهله، وإنّما يتخذونها كلمة حقّ يريدون بها باطلًا، وما اقترفته يدا عواد وأمثاله — ومجلسه البلديّ — المتخمة فسادًا وإفسادًا بحقّ المشروعات الخيريّة التي عقد عليها أبناء القرية آمالًا عريضة — لَخير شاهد على ذلك.
ومن المؤسّف حقًّا كيف يُنحّى جانبًا ذوو الكفاءات والخبرات وأهل الدراية والكفاية عن قيادة شؤون بلدهم، ويُحِلّون محلّها أصحابَ رؤوس الأموال والمتمكِّنين اقتصاديًّا وقد دحروا بمالهم السياسيّ الأسود الذي ابتاعوا به من غير ذمة له ولا ضمير ذمم أُناس معوزين لا حول لهم ولا قوّة، مستغلين بذلك حاجة ذوي الفاقة والعوز؛ ليفوزوا هم بكراسي فارهة ومواقع سياديّة لا يفقهون منها إلّا الصّلَف والغرور والقال والقيل وكيْل المدائح وتطريز الثناء، وسحقْ الآخر وفرض سيطرتهم وبسط نفوذهم ونفاذ كلمتهم من غير وجه حقّ أبدًا.
وفوق هذا وذاك فإنّ هؤلاء الشرذمة— وأرجو الله أنْ يكونوا قليلين بين ظهرانينا هذا اليوم — يقفون سدًّا منيعًا أمام تشجيع الاستثمار واستقطاب المستثمرين وكلّ ما من شأنه أنْ يعود على بلدنا بالخير والنْماء والازدهار، متجسّدًا بفعلة مَن ترأس زورًا وبهتانًا بلدية أم الكروم الذي لم يُحسن إدارة الملفّ الاقتصادي وتنمية الاستثمار إطلاقًا حين قدم حامد ذاك الرجل المغترب وذاك المستثمر الخليحيّ اللذان كانا يشتعلان حماسةً وتوقُّدًا لتأصيل مشروعات ناجحة محليًّا وعربيًّا وعالميًّا. وإنّ لنا في مجالس نيابيّة وأخرى بلديّة خير انعكاس لما شهدناه في سلسلة من الحلقات المتلفزة.
ولعلنا ما زلنا نذكر ما عانى منه وطننا الحبيب منذ وقت مضى غير بعيد من جشع التجار والحيتان والسماسرة المتاجرين بصحّة المواطنين وقوت يومهم، حيث مُرّرت شحنات الدواجن واللحوم الفاسدة، إذْ تمثّل ذلك في شخصيّة أبي نوال خلف الذي لم يتّعظ من فعلته أول مرّة ببيعه موادَّ غذائيّة منهية صلاحيّتها متسبّبةً بتسمم صبري، بل عاود الكرة مرّة أخرى حين وسّع دائرة تجارته فراح يُخزّن شحنات كبيرة طالها العفن، غير آبه إلّا بتدسيمه رأس ماله تحت طائلة الطمع والجشع.
ولكنّ عزاءنا أنّه كما في الحياة وعلى وجه هذه البسيطة من يعيثون فيها فسادًا وإفسادًا ودمارًا وتدميرًا وإفراطًا بأرضهم وومتلكات الوطن وتفريطًا، فإنّّه ما زال على هذه الأرض من يستحقّ الحياة: نفرٌ عزّ عليهم وطنهم فما فتِئوا يتشبّثون بحقوقهم ويعضّون النواجذ على ثرى الوطن، بل يبذلون أرواحهم رخيصة حفاظًا على كلّ شبر منه، فقد قضى فالح نحبه غيظًا على أرضه حين بيّت ولده عواد النّية على بيعها، فلم تطِق أذناه سماع ذلك، ولم يتحمّل فؤاده ما تناهى إلى مسمعيه ففاضت روحه كمدًا وحزنًا، وهو الذي أفنى زهرة شبابه في عمارة أرضه وفلاحتها وزراعتها وتنميتها. فطوبى لأولئك الذين ينشرون الخير حبًّا وكرامةً، ويقدّمون ما في وسعهم لإصلاح ذات البين، أمثال فالح ومطلق وسلمان....
وإنّنا لنرجو أن يؤول الصراع بين الخير والشر لصالح الخيريّة في منطقتنا هذا اليوم، كما هو الحال الذي آلت إليه قوى الشر وأقطابها في أمّ الكروم مدحورة مكسورة وقد عادت سيرتها الأولى، بعد ما طغوا وتجبروا وتكبّروا وهم يحسبون أنهم يُحسنون صُنعًا، أو أنّهم سيخرقون الأرض أو يبلغون الجبال طولًا، أمثال: جبر وعواد وعقلة.
مضى ربع قرنٍ على هذه الدراما، وما زال ما حملته من ارتكاسات وانتكاسات ماثلًا بين ظهرانينا، غير أنّه ستبقى لنا فيمن تمثّلت فيهم بذرة الخير حسن عزاء وبصيص أمل وغاية رجاء. والله خير حافظًا.
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
05-03-2022 10:50 AM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |