بقلم : يوسف رجا الرفاعي

باعلان المستشار الالماني الذي تتزعم بلاده اليوم اوروبا بأكملها بعد زوال الامبراطورية الانجليزيه التي لم يبقى منها سوى رواسب من الخُبث السياسي المُدَمِّر،
بهذا الاعلان الذي صدر بالأمس في اليوم التاسع من حرب روسيا على اوكرانيا وجاء فيه ان هذه الحرب ليس له فيها ناقة ولا جَمَل ، وانه لن ينخرط او يتورط أو يشارك فيها ، وان الجيش الالماني ليس معنيا بها على الاطلاق ، القى هذا البيان بظلاله على مساحة واسعة من اوروبا الموحده مع حلفائها برغم محاولة التعتيم او التهميش على هذا البيان الذي انما هو بداية التصدع الكبير لهذا التحالف الهش وفَتْح الباب على كل الاحتمالات في لحاق دول اوروبيه كثيره لركوب قطار المستشار .

مسارعة حلف الناتو وعلى لسان امينه العام في الاعلان المستمر عن دور الحلف بانه دفاعي بالمطلق وانه لا نية لديه من قريب او بعيد في الانخراط في هذه الحرب ، وانه ياخذ التدابير الاحتياطية للاستعداد للدفاع عن نفسه في حال تَقَدُم الجيش الروسي بعد اجتياحه لاوكرانيا والدخول الى دول منضوية تحت هذا الحلف الذي لم يفعل شيئا حتى اليوم التاسع من الحرب يعطي صورة شديدة الوضوح على هشاشة هذا التحالف المؤقت او بالمصطلح العربي المعروف " بالفزعه " التي سريعا ما تنتهي ، ودليل ذلك هذا الموقف الباهت من الجهة التي من المفترض انها الاعنف والاصلب والحاميةِ لدول هذا الحلف ولو على الاقل بالكلام ، إلا ان هذا الحامي " الناتو " لم يفعل .

امريكا التي عملت على توريط روسيا في هذه الحرب وقدمت لها اوكرانيا طُعماً سائغا ، تعمل على توريط اوروبا باكملها بكل الطرق ، ومن يستمع الى التصريحات الامريكية وعلى لسان وزير خارجيتها وهو يكرر ما يقوله البنتاغون ويعلنه الرئيس بايدن انهم لن يشاركوا في هذه الحرب وانهم لن يفرضوا حظراً جوياً لان هذا يعني دخول امريكا في هذه الحرب مباشرة وهذا الذي لن تورط نفسها به ولو كان الاجتياح الروسي لاوروبا باكملها لأن اعلان الحظر الجوي يعني حرب عالميه ، وذلك لاخافة اوروبا والعالم اجمع ولتُعطي لنفسها التبرير الغير واقعي ، فإنما كل ما تريده هو الجلوس على المدرجات ومشاهدة الملعب واللاعبين ومراقبة النتائج .

البنتاغون يلعب دوراً لوجستيا بحتاً في هذه الحرب منذ التحضير والحشد العسكري الروسي لها ، فهو يقوم باعطاء التقرير اليومي عن معلومات تتعلق بعدد القوات واماكن تواجدها والقوى العسكرية المتواجده في المواقع الاوكرانية ويعطي تقديرا للاوقات التي يحتمل ان تتحرك فيها القوات الروسيه وكذلك عن امكانية القوات الاوكرانية في الدفاع او الهجوم في مواقع القتال في انحاء اوكرانيا الملتهبة كلها .

إجتماع بوتين مع جميلات روسيا العاملات في مجال الطيران على طاولةٍ شبيهةٍ بابعادها بالطاولةَ التي استقبل عليها الرئيس الفرنسي ، ولكن بدون كمامات او تباعد في المسافات ، وتناوُل الشاي مع تلك الحسناوات الجميلات يَشي بأن هذه الجلسة ذات الرفاهية العالية والمكياج الطاغي تشير الى ان كل الأمور تحت السيطرة وتسير على ما يرام ، بدليل
قول بوتين للحسناوات ، ان كل شيء يسير كما
( خُطّطَ ورُتِّبَ ) له ، مع مَن ؟ لا ندري !!!!
جلسة لا توحي من قريب او بعيد بوجود أجواء لا اقول حرب ، بل ولا حتى على برودةٍ في الجو او حتى نسماتِ هواءٍ ربما تُحرك ُخصلة شَعرِ احداهنّ رتَّبتها بعنايةٍ فائقة كانها في حفلةِ زفاف .

اوربا تنظر وتراقب وتنتظر قرارات بوتين التي يمكن ان يتخذها ضمن قرائته للتحالفات " الظاهرية " ضده والقابلة للتصدع في اي لحظة تيمناً بالموقف الالماني الصادم لهذا التحالف ،
عندها ربما تجد اوروبا نفسها امام واقع صادم اكثر وقد تخلت عنها امريكا ، عندها سينفرط العقد ولن يكون هناك خيار الا ان تُغلِق كل دولةٍ ابوابها على نفسها ، وتنتظر ترتيبات امريكا مع روسيا والتي ربما سَيُسمَح لبوتين بتطبيق مبدأ الثواب والعقاب على من يشاء منها ، كلٌ حسب موقفه وموقعه ووزنه .

هذا السيناريو في حال بقيت الامور تحت السيطرة الامريكية على المشهد المرشح للانفلات في كل لحظة من حيث لا يحتسب احد ، عندها سيجد العالم نفسه مضطرا ومجبراً على ان يُقفل الباب على نفسه بانتظار ما يُقرره القَدَر .
يوسف رجا الرفاعي