07-03-2022 10:51 AM
بقلم : محمد يونس العبادي
مع وصول مسودة مشروع قانون الأحزاب، إلى مجلس النواب، وبعد مرحلة التعديلات الدستورية، يكون مسار الإصلاح السياسي في الأردن، قد دخل في صلب ورشة عملٍ تشريعيةٍ جوهرية، تسعى إلى الرقي بالعمل السياسي، والعمل العام.
فقانون الأحزاب السياسية، يعد أحد أبرز المفاصل، في الرؤية الطامحة لخلق بيئة سياسية، قادرة على إنعاش العمل السياسي في بلادنا، وغربلة التجارب السابقة، أو الاستفادة منها.
وإذا ما كانت الرؤية للعمل الحزبي اليوم، تمتد إلى عشر سنواتٍ على أقل تقدير، وبحسب تصريحات كثيرٍ من المعنيين والمشرعين، فإننا أمام طريقٍ واضحة المعالم، وليست بطويلة، ضمن مشروعٍ ورؤيةٍ متكاملة.
فنحن أمام مفاهيم جيدة يمكن البناء عليها، ولربما أبرزها: تفعيل مشاركة الشباب والمرأة، بالإضافة إلى إناطة الأحزاب ملفاً وترخيصاً بيد الهيئة المستقلة للانتخاب، وضمن المقترحات التشريعية حق 300 أردني بتأسيس حزبٍ، بعد تقديم طلب خطي لأمين السجل، وغيرها من المفاهيم التي فتحت الباب واسعاً لحوارٍ وطنيٍ ما زال فاعلاً، ويتوقع أن يأخذ زخماً أكبر مع إقرار البنية التشريعية بشكل كاملٍ.
ميزة التجربة الأردنية اليوم، هي أنها تحاول الابتعاد عمّا أثقل كاهل الأحزاب في عالمنا العربي، وتجاربنا السابقة التي بنيت على فكرة العقائديات بعيداً عن البرامج والنظريات القابلة للتحقق.
ولدينا إرث، في هذا الوطن، يمكن الاستفادة منه، إذ ينظر كثير من السياسيين والمشتغلين بالتاريخ إلى عقد الخمسينات من القرن الماضي على أنه الفترة الذهبية للحياة الحزبية، رغم أنها فعلياً الفترة الذهبية للعقائديات العربية (والقومية منها خاصة) وحينها كانت الاشكالية أن تلك الأحزاب لم تكن ذات مرجعيات وطنية بقدر ما كانت تستقي مفرداتها من الشعارات ومشاريع الخارج !.
وبعد انتهاء فترة الأحكام العرفية والتحولات التي شابت الحياة السياسية طفا على السطح أحزاباً تحمل هموماً قديمة لحال جديد، أي هموم العقائديات التي غادرها الزمن على حساب هموم الإنسان والوطن.. فولدت فجوة كبيرة بين الحزب بمفهومه التنظيمي والفكري والحاجة، بينما يشكو كثير من الحزبيين من عدم إقبال الناس على الأحزاب.
وبعيداً عما يقول به البعض من وجود راسبٍ نفسي لدى الأردني بالانتماء للحزب، ولكن هل الأحزاب نفسها اليوم في بلادنا حقيقية، وتمارس دورها أسوة بالأحزاب في الديمقراطيات الراسخة؟
وفي كثير من الأحيان تجد أن بعض الأحزاب ذاتها تمارس النقد في كل شيء ولا تقبل ممارسة النقد الذاتي والمراجعة، فتنظر من زاوية المثالية إلى الناس والدولة، وتحاول طرح هموم بعيدة عن هموم الناس.. فضلاً عن غياب الحواضن الحقيقية للأحزاب من أندية اجتماعية ووسائل تواصل ودور اقتصادي وثقافي واجتماعي، فالحزب في عيون كثيرين من المشتغلين به مشروع للوصول إلى السلطة فقط وحصراً.
وهذا أمر يجب أن نتنبه إليه، كثقافة حاضرة في العمل الحزبي، يجب أن تنزع وتتجه إلى التغير، وأن نخرج من فكرة الأحزاب كمشاريع شخصية ونعززها كمشاريع فكرية أو برامجية، وأن تأخذ الأحزاب مساحةً اكبر في الفضاء العام، وألّا تكتفي بالببيان فقط، أو حتى التعليقات، مدركة أنّ هذه المساحة متاحة ضمن أدوات القانون، وضمن المنابر النيابية التي تسعى لها.
والعلة – في بلادنا- في أحزاب كثيرة في بلادنا أنها أحزاب ومشاريع شخصية، وبرامجها حتى تنحصر ضمن خبرة رئيسها، لذا فإنها تصبح مع الزمن أطراً لا تتفق والأحزاب.
ومن الواجب التنبه إلى ضرورة وجود أحزاب حقيقية خارج العاصمة، وأن نتعلم من درس الزمن وكيف غير أجيالًا، فما بين الأحزاب في مرحلة مضت وكثير من أحزاب الحاضر بون شاسع نحن بحاجةٍ إلى إدراكـــــــــه، فالجيل تغير، والبنية التشريعية قائمة، ومثالية، والمطلوب اليوم، هو جدية العمل السياسي، والاستفادة من الماضي، لأجل أردنٍ قــــــــادر، على صون ريادته كأنموذج في المنطقة.
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
07-03-2022 10:51 AM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |