حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
الإثنين ,23 ديسمبر, 2024 م
طباعة
  • المشاهدات: 2083

رواية "جرس إنذار" للروائي إبراهيم اليوسف

رواية "جرس إنذار" للروائي إبراهيم اليوسف

رواية "جرس إنذار" للروائي إبراهيم اليوسف

17-03-2022 09:22 AM

تعديل حجم الخط:

سرايا - أصدر الروائي السوري إبراهيم اليوسف مشروعه الروائي "جرس إنذار" تنتمي إلى ما سمي "أدب الجائحة" والتي تركز على عدة محاور منها: ثنائية ارتباط المهاجر بالوطن وواقع اندماجه مع المجتمع الجديد، رغم إن الرواية تتناول الأشهر الستة الأولى من عمر الجائحة، فحسب، عاكسة قلق المواطن الكوني، من هذا التهديد الحقيقي لوجوده، على سطح البسيطة، بعد أن تركت الأسئلة مفتوحة هي: هل الفيروس نتيجة مخطط بيولوجي؟ أم إنه نشأ بشكل طبيعي؟

"أنت تغمز من الوباء وتحكم على فيروس كيوفيد بأنه بيولوجي وليس طبيعيًا! ص 180 الرواية.

تبدأ الرواية بفصل سردي يكاد يكون مقالاً، أو بعض دراسة عن بدايات ظهور الفيروس، عندما اكتشفه الطبيب الصيني" وينليانغ " وهذا الفصل مهدى إلى هذا الطبيب ذاته، لنكون بعد ذلك- وجهاً لوجه أمام- راوي أحداث الرواية عامر الأخضر وهو رب أسرة كبيرة. بعض بناته وأبنائه في المبنى ذي الرقم 19 في مدينة "إيسن" الألمانية التي لجأوا إليها مع موجات هجرة السوريين في حرب السنوات العشر. وواضح أن الرقم19 يذكر بكوفيد ذاته، ومن ضمن الأحداث تسلل الفيروس إلى بيت أحد أبنائه، إذ تلتقط إحدى كناته الفيروس عن طريق طبيب أسنان ألماني عجوز، لتعيش أسرتها المؤلفة من ثلاث أشخاص: الزوجان وطفلتهما" ساي"، حالة قلق، لاسيما إن الطفلة الصغيرة ابنة الثلاث سنوات لا تتفهم التباعد الاجتماعي فهي مرتبطة بوالدتها، وتحنُّ إلى مجتمعها الطفلي بنات وأبناء الأعمام، وتضطرُّ أسرة أحد أعمامها إرسال ابنتها" تيلي" إلى منزل عمِّها الذي يعيش تحت وطأة الفيروس المرعب، وتعود بعد حين إلى بيت أبيها، من دون أن يصيبها الفيروس، كما وينجو زوج المريضة وابنتهما "ساي" من الفيروس مع إن الأسرة تعيش في غرفة صغيرة جداً: "لقد تناقشا طويلًاً .. هو لم يرد أن يضع الكمامة ولا أن تعزل نفسها عنه، فالبيت صغير، و الهواء الذي يتنفسه الثلاثة هو ذاته يتقاسمونه، وإن كان الفيروس قد وصل حقًا فلا أحد في منجى عنه!

"اشربي العصير. تناولي طعامك!

أنت تنتحرين؟

لا أستطيع..!" ص "178-179"

توازي هذا الحدث الذي يبدو محورياً، مع أحداث أخرى تسير جنباً إلى جنب: ومن بين ذلك شخصيتا" مهاباد" و"آلا" . الأولى مخرجة مسرحية دمشقية من أصل كردي إيراني حارب جدها في فلسطين ضمن جيش صلاح الدين الأيوبي، والثانية عالمة الأدوية الصيدلانية زميلة الراوي أثناء المرحلة الابتدائية، رغم وجود فارق سنوات الدراسة بينهما، إذ كان يسبقها، وقد تم خطفها من قبل مجموعة من الإرهابيين والاعتداء عليها، والتعامل معها كسبية رغم إنها تجاوزت سن الزواج الذي رفضته لأسبابها الخاصة، وأطلق سراحها لقاء فدية، ثم تلقت دعوة من مملكة السويد، لتسافر إليها، ويتم الاهتمام بها في أحد مراكز الدراسات العلمية التي ستهتم بفيروس كورونا، وتحلم أن تكون هي مكتشفة اللقاح المضاد للفيروس، مركزة على شرط واحد هو: أن يتم إيصال اللقاح لأهل بلدها ووطنها، وهو ما يذكّر بالسيدة" مهاباد" التي تدرس التمريض، وقبل تخرجها من معهدها تظهر الجائحة ويستعان بها في أحد مشافي المدن الألمانية، لتسكن في العمارة19 نفسها التي يسكنها الراوي مع أسرته، وتتأثر علاقتها الوطيدة مع أسرة الراوي مع ظهور وانتشار الفيروس إذ تواصل إعلام أسرته بمستجدات الجائحة، قبل أن تعزم على العودة إلى الوطن، لنقل خبراتها ومساعدة أهلها، بعد تأمين بعض أدوية الوقاية الأولية لتوزعها هناك، وتكون المفاجأة أنها أيضاً من الأسر المتضررة في ظل الحرب في سوريا، وتنفصل من زوجها الراديكالي غريب الأطوار، ما دفعها للهجرة إلى ألمانيا، بعد افتقادها للعديد من الأهل نتيجة هذه الحرب الضروس!

صحيح أن الروائي كما يقدم نفسه سوري، ويؤسس علاقات في المبنى الذي يسكنه وهكذا المباني المجاورة مع سوريين وكرد، إلا إن شخصيات الرواية من جنسيات ولغات عديدة إلى جانب الألمان، وإن كان ينحاز إلى مهجره ويتمنى لو إن الألمان يكتشفون اللقاح في مواجهة العالمة "آلا" التي تقيم في السويد وتتمنى لو أن السويديين يكتشفون العقار.

ورغم الملاحظة التي استبقها بعضهم على ما سمي بـ "أدب الجائحة" إلا إن هذه الرواية لا تأسر ذاتها في هذا الإطار، وإنما راحت إلى مدى أرحب من خلال تقديم أسئلة كثيرة حول المصير الإنساني، إذ إنها تزخر بالكثير من المعلومات خارج مجال الجائحة وتدهور واقع الطبيعة، كما إن عنوانها "جرس إنذار" الذي يتكرر في أكثر من مكان يجلي مخاوف الراوي من واقع ومصير الكوكب الأرضي الذي يخشى أن يخلو يوماً ما من البشر وتقطنه كائنات أخرى.

في رواية "جرس إنذار" التي صدرت عن مؤسسة أروقة للدراسات والترجمة والنشر وتقع في 346 صفحة من القطع المتوسط، يفصل اليوسف بينه كشاعر وكروائي، على صعيد اللغة التي تأتي هنا سردية صرفة، دون التعكز على الشعرية، كما إنها تسجل حضورها ضمن الروايات والأعمال الإبداعية التي استطاعت إثارة المزيد من الأسئلة المتعلقة بعالم كوفيد، إضافة إلى أمر آخر وهو مقدرتها على رصد القلق الإنساني من خلال حالة رؤي النص وسواه من شخصيات الرواية متعددي الجنسيات واللغات والأديان.

 

 











طباعة
  • المشاهدات: 2083

إقرأ أيضا

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم