17-03-2022 11:06 AM
بقلم : المهندس عادل بصبوص
نغبط رئيس الوزراء د. بشر الخصاونه على تفاؤله الواسع حتى لا نقول المفرط في هذه الظروف وهو يؤكد بأن "أجمل أيام الأردن هي التي ستأتي ...."، كلمات قالها سابقاً وأعاد التأكيد عليها قبل يومين، وهو بذلك يطلق قدراً كبيراً من الطاقة الإيجابية والأمل في وقت تطغى فيه السوداوية والتشاؤم على كامل المشهد الذي يئن من وطئة وأثر مصاعب وتحديات غير مسبوقة جلها إقتصادي معيشي فاقمتها جائحة كورونا التي اجتاحت العالم منذ نحو عامين، وها هي الحرب الروسية الأوكرانية تزيد الطين بلة وتثير الخوف والفزع في كل مكان من نقص محتمل في ضروريات الحياة وأسبابها من غذاء ووقود وشعور بالطمأنينة والأمان.
لا شك أن من مهام القادة وولاة الأمر أن يشيعوا التفاؤل والأمل حتى في أصعب الظروف وأحلكها، فالروح المعنوية المرتفعة هي متطلب إجباري لا غنى عنه في أية معركة أو مواجهة مهما كانت طبيعتها أو حجمها، ولنا أن نتساءل هل ما قاله دولة الرئيس وأعاد التأكيد عليه يأتي ضمن محاولة رفع الحالة المعنوية الشعبية المستمرة في التراجع، أم هي رؤية علمية مبنية على معطيات ومؤشرات يراها دولته ولا نحس بها أو نلمسها نحن معشر المواطنين العاديين، أم أن القضية برمتها لا تتعدى إمتثالاً وممارسة لما ورد في الأثر من أن "تفاءلوا بالخير تجدوه" ......؟؟؟!!!
موضوع الأيام وجمالها هو تعبير يستعمله الشعراء والأدباء عادة وقد استعاره رئيس الوزراء من قصيدة للشاعر التركي المعروف ناظم حكمت وهو يتحدث عن التعلق بالأمل والإيجابية والثقة بالمستقبل، وهو بالتالي ليس مؤشراً إجتماعياً أو اقتصادياً يتصل بجودة الحياة أو درجة الرفاهية والرخاء يمكن قياسه ومتابعته زمنياً لمعرفة مقدار التقدم أو التراجع في مستويات الحياة المختلفة للأفراد والجماعات، هو أقرب ما يكون إلى الشعور بالرضا "Satisfaction" حتى لا نقول السعادة والسرور، و"الأيام الجميلة" هو مصطلح يرتبط بالماضي في أغلب الأحيان، فمن غير المألوف القول هذه أيام جميلة، بيد أنه من الشائع أن نسمع الآباء والأجداد يصفون حياتهم الماضية "بالأيام الجميلة .... ساق الله على هذيك الأيام" وهم بذلك يتحدثون عن حياة نراها اليوم بدائية كابدوا خلالها شظف العيش وتخلو من مظاهر الحياة الأساسية التي نعتقد الآن أن لا قيمة للحياة بدونها، فجمال تلك الأيام في أعين من خبروها وعايشوها ليس فيما توفر لهم من أسباب الحياة المادية وإنما فيما تمتعوا به من هدوء وراحة بال قياساً بما تفرضه علينا حياة اليوم من ضغوط وتوترات لا تنتهي ....
لذا ننتظر منك دولة رئيس الوزراء الذي نحب ونحترم أن تحدثنا عن معدلات البطالة متى تنخفض وعن نسب الفقر متى تتراجع وعن مؤشرات الصحة والتعليم متى تتحسن، أما الحديث عن الأيام وجمالها فلنتركه للشعراء والأدباء - ولدينا منهم الكثير - يصنعون منه آياتٍ وصوراً مختلفة من الإبداع والجمال .....
لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "فيسبوك" : إضغط هنا
لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "تيك توك" : إضغط هنا
لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "يوتيوب" : إضغط هنا