19-03-2022 09:25 AM
بقلم : الدكتور فارس محمد العمارات
يُرجع مؤرخو الحقبة الاستعمارية أول إستعمال لمفهوم "الإسلام فوبيا" ،والذي يٌعني " رُهاب الإسلام" أو الخوف المرضي من الإسلام إلى بدايات القرن العشرين، بالرغم ان ما يحتوية وعاء الدين الاسلامي خال من أي نوع من التطرف والعدوانية التي لا داعي لها ، فقد استعمل علماء اجتماع هذا المفهوم لوصف رفض جزء من الإداريين الفرنسيين ومعاداتهم للمجتمعات المٌسلمة التي كانوا يتولون إدارة شؤونها في زمن الاحتلال ويُفترض أن يتعايشوا معها ويندمجوا في أنساقها الاجتماعية، نظرا لما تُمليه المهام الإدارية والسياسية الملإسندة إليهم.
والواقع أنَّ ذلك الرفض ، وتلك الكراهية مصدرهما عنصري بالدرجة الأولى، ثم ثقافي ونفسي مردُّه إلى الخطاب الاستعماري نفسه الجاهل بالإسلام ،والمٌخوف والمٌتخوف منه ومن المٌسلمين، بحكم سابقِ ريادةِ الحضارة العربية الإسلامية للعالم في القرون الوسطى، الا ان جزءٌ من علماء الاجتماع واللسانيات افادوا بأن الإسلام فوبيا ازدهر كمفهوم مع قيام الثورة الإسلامية في إيران عام 1979، والتي جاءت في عكس ما جاء به الاسلام كدين يتصف بالسماحة والوسطية ،إذ استُخدم هذا المفهوم ورُوج له من قبل مرجعيات دينية شيعية لفرضِ اراء جديدة قد تكون بعيدة عن الاسلام ، بدون ايه تقديمات تٌفند أهمية هذه الحاجة وانها خيار لا اجبار ، فوُصم بمعاداة الإسلام أو "الإسلام فوبيا" كل من يُعارض فرض هذه الاراء ، كما وُصمت النساء الرافضات لهذه الاراء لدوافع ثقافية أو اجتماعية.
وجراء عدم القدرة على الاجابة على السؤال الذي حير الكثير من الذين لم يعتنقوا الاسلام ،لماذا انا مٌسلم.؟ من قبل كثير من المٌفكرين الاسلاميين ازدهر مفهوم "الإسلام فوبيا" في مطلع العقد الأول من الألفية الثالثة وذلك إثر هجمات 11 سبتمبر 2001 التي وقعت في الولايات المٌتحدة وتبناها تنظيم القاعدة انذاك وأحدثت تحولاً نوعياً في واقع العلاقات الدولية واحتُل إثرها بلدان إسلامية انتقاماً من هذا الدين .
وقد أعاد ذلك طرح إشكالية المواجهة بين الإسلام والغرب التي بشَّر بها عددٌ من المفكرين الغربيين الذين كانوا يدسوا كثير من اللامعقول في ما يكتنفه الاسلام منذ نهاية الحرب الباردة، إذ روجوا لبروز الإسلام باعتباره عدوا جديداً للغرب بدلا عن الشيوعية مٌمثلة بالاتحاد السوفياتي سابقاً ، وروَّج بعضهم لفكرة انتهاء "الخطر الأحمر" الشيوعي وبروز "الخطر الأخضر" الإسلامي الذي لا يمكن ان يتقبله العالم الغربي بما فيه من طوائف شتى .
وزادت تجليات "الإسلام فوبيا" ونمت مع ظهور "الإسلاموفوبيا" في كثير من الأقطار الغربية ، مع تنامي الخطابٌ السياسي اليميني المٌتطرف والذي يسعى بشكل حثيث إلى استثمارِ الوضع الدولي المٌترتب على هجمات 11 سبتمبر وما اتسم به من خطابٍ إعلامي مٌعادٍ للإسلام، والواقع الاجتماعي في الغرب وما يُميزه من مشاكل الهوية والاندماج خاصة بالنسبة للمسلمين والعرب، الذين فشلوا في الاجابة على السؤال الذي ينتظره الكثير منهم ، لماذا انا مٌسلم .
وفي ضوءِ هذه العوامل، نشأ شعورٌ عنصري مناوئ للمٌسلمين والعرب وللإسلام، أذكاهُ الجهل المستحكم بالإسلام لدى فئات واسعة من المٌجتمعات الغربية، وخطابٌ مٌحرض لدى بعض وسائل الإعلام الغربي وفشل الاعلام العربي في الاجابة على اسئلة الاعلام والمجتمع الغربي ، وآخر مٌتهافت وجاهل بالإسلام لدى أكثر المنابر الإعلامية اعتدالا.
وتجلت نتائج هذا الخطاب في تنامي الأعمال العدائية ضد المٌسلمين والعرب ،وفي حق كثير من الادوات التي يستخدمها المٌسلمين هناك ، كما ظهرت مجموعات مٌتطرفة غربية مٌعادية للمٌسلمين ، وللعرب من باب انهم قد يكونوا ذوي ميول اسلامية ، عاجزة عن الاجابة عن سؤال ما زال يٌحير المٌجتمع الغربي ،حول لما انا مٌسلم .؟
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
19-03-2022 09:25 AM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |