20-03-2022 09:17 AM
بقلم : العميد الركن المتقاعد مخلص المفلح
في هذا اليوم من كل عام نتنسم عبير واقعة من وقائع النصر والظفر التي صنعها رجالات الجيش العربي انها الكرامة الحادي والعشرين من اذار الخير يوم يسطر باحرف من نور في كتاب المجد الهاشمي .
السيدات والسادة :
عقود اربع وتزيد مرت على الكرامة فهذا اليوم وهذا التاريخ يعيدنا الى اربعة وخمسين عاما من عمر الوطن وايامه التي كتبت في سفره بمداد الفخار لتشكل في نهاية المطاف منعطفا رسم صورة هذا الجيش الذي تميز على مستوى المنطقة .
حفل عقد الستينيات من القرن المنصرم بظروف سياسية واقتصادية وعسكرية بالغة التعقيد سببه الصراع العربي الاسرائيلي الذي شكل ملامح تلك المرحلة , حيث خرجت الامة العربية جمعاء منهكة من حرب حزيران لعام 1967 و لا زالت القوات الاسرائيلية في المرحلة التي اعقبت نكسة حزيران , ترابط على الضفة الغربية لنهر الاردن محتلة بذلك خطا دفاعيا على طول نهر الاردن متبعة مبدأ التعرض بالدفاع لتبقي زمام المبادرة بيدها , فقامت بعمليات تعرضية بقصد وقف نشاط دوريات الجيش العربي الذي ازدادت خلال شهر ايار لتبرهن اي اسرائيل للعالم بانها القادرة دوما على نقل المعركة الى اي مكان تشاء داخل الاراضي العربية .
مخططات رسمت لضرب وانهاك مقدرات الجيش العربي المرابط على الضفة الشرقية لنهر الاردن ليحتل بذلك خطا دفاعيا على طول الواجهة المقابلة للقوات المعادية واهدافها التي صاغتها ورسمت خارطتة طريقها لاحتلال مرتفعات البلقاء لتؤدي في نهاية المطاف الى القضاء على الامل في الجيش العربي الذي كان ينتظر الامر بالانقضاض على القوات الاسرائيلية والثار لحزيران .
السيدات والسادة
عملت اسرائيل على وضع المخططات قبيل المعركة لتحقيق عنصر المفاجاة على المستويين التعبوي والاستراتيجي, لكن الاستخبارات العسكرية الاردنية بتميزها ونشاطاتها المكثفة كانت على علم تام بما تخططه القوات الاسرائيلية , وتجلى ذلك من خلال متابعتها لحركات القوات الاسرائيلية منذ بدء تحشدها في الاغوار الوسطى وفي غور الصافي , فاستطاعت تحديد حجم القوات المعادية و تحديد ساعة الصفر للهجوم المعادي والذي حدد يوم 21 من اذار لعام 1968 وعند الساعة الخامسة والنصف صباحا .
في الساعة الخامسة والنصف صباحا حانت ساعة الصفر و بدات القوات الاسرائيلية بتسخين الجبهة على طول امتدادها مبتدئة من المنطقة الشمالية واجهة الفرقة الثانية وحتى واجهة الفرقة الاولى جنوبا , مركزة هجومها وقصفها الشديد على قوات الحجاب المتواجدة عند جسر الامير محمد والملك حسين وسويمة.
عندها بدأت معركتنا الدفاعية باستخدام المدفعية والرمايات بالعمق وتمكنت مدفعية الجيش العربي من منع القوات الاسرائيلية التي حاولت التجسر على مواقع متعددة من نهر الاردن الخالد نهر الموت لمن اراد ان يتجاوزه عنوة, لتتواجه مع نشامى وقفوا سدا منيعا ليكونوا الحائط الذي يحوط الوطن ولتتكسر عليه مخططات كانت العدو قد رسم تفاصيلها .
ساعات تمضي و الموقف يتجلى اكثر فاكثر, قتال وكفاح مستميت سلكته القوات الاسرائيلية على مقتربات ثلاث ورابع تضليلي :
مقترب جسر الامير محمد (داميا) –المثلث المصري –العارضة – المرتفعات الشرقية –عمان .
مقترب جسر الملك حسين (اريحا) –الشونة –وادي شعيب-المرتفعات الشرقية –عمان .
مقترب سويمة عبر جسر الامير عبدالله –ناعور- المرتفعات الشرقية –عمان .
مقترب غور الصافي للتضليل .
ومن ثم وسعت القوات الاسرائيلية هجومها من خلال حشدها لقطاعاتها الرئيسة في منطقة اريحا وشمال غرب البحر الميت.ورغم قوة الهجوم الاسرائيلي الا ان النشامى كانوا بالمرصاد وعلى العهد بهم اباة في خنادقهم قابضين على اسلحتهم بقلوبهم وسواعدهم ينتظرون وعد الله عز وجل لهم اما النصر واما الشهادة .
السيادات والسادة الحضور :
خمسة عشرة ساعة مرت بين مد وجزر كان النشامى فيها كالبحر الهائج لا يوقف عنادهم ايا كان فتقدم البواسل بهجوم كاسح اضطرت معه اسرائيل ولاول مرة في تاريخ الصراع العربي الاسرائيلي الطلب بوقف اطلاق النار الا ان جلالة الملك الحسين طيب الله ثراه رفض وقف اطلاق النار ما دام ان هناك جنديا اسرائيليا واحد شرق النهر , مما حدا بالقوات الاسرائيلية للانسحاب تحت وطأة وابل النيران الاردنية بوحداتها وقطاعاتها المختلفة التي استبسل فيها النشامى .
كان الحسين القائد رحمه الله مثالا يحتذى في القيادة فكان بين جنوده الاوفياء يتابع سير العمليات عن كثب .ومع صبيحة يوم الثاني والعشرين من اذار كان الحسين القائد الاعلى للقوات المسلحة انذاك برفقة جيشه الابي صانع نصر الكرامة يبادلهم حلاوة النصر فاعلن النصر بنبراته القوية من خلال خطاب له في الثاني والعشرين من اذار في اليوم التالي للمعركة.
كانت الكرامة اكبر من معركة طال نصرها كل ركن من اركان الوطن فتعمق الولاء ، ومعه الثقة بمستقبله، بدفاع جيشه عن استقلاله وسيادته. وقام الجيش العربي بدور مشرف، توالت تباعا ردود الفعل المحلية والعربية عبرت عن الثقة الكبيرة بجند الحسين , فكانت الكرامة بعظيم نصرها ملحمة تاريخية انطلق بعدها الاردنييون والقوات المسلحة ليرووا للعالم ملاحم بنائية عد تطوير القوات المسلحة احد فصولها منذ عهد الملك الحسين ليكمل مسيرة الخير الهاشمية جلالة الملك عبدالله الثاني الذي اولى القوات المسلحة جل الرعاية والاهتمام من حيث الاعداد والتاهيل والتدريب حتى غدت القوات المسلحة علما وبيرق يرفرف في ارجاء المعمورة
في هذا اليوم نبارك للوطن ولقائد الوطن وللجيش العربي قرة عين القائد
وكل عام والجميع بالف خير .
بقلم العميد الركن المتقاعد : مخلص المفلح
مدير التوجيه المعنوي الأسبق
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
20-03-2022 09:17 AM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |