20-03-2022 10:07 AM
بقلم : أ.د. خليل الرفوع
رحل الأديب الصديق محمود الشمايلة إلى الملأ الأعلى راضيا مرضيا بعد قسوة من مرض ثقيل حط في رئتيه مرخيا سدوله عليه بكل أنواع الهموم ليبتلي صبر أيوب فيه وحِمل الرجولة عليه ودورة الصبح به ، أما وقد غبت أيها العاشق لوطنه فآن لي أن أرثي فيك نبلك وشهامتك وحبك لهذا الأردن الذي تمدد على ساحل قلوبنا واستعصي في كل ذرة من ثراه على الانكسار ، عشت غريب الملامح كموج البحر ، نقي السريرة كقمح مؤتة ، طيب الملفى كبيادر حوران ، بسيط السمت كعشاء الفقراء، ومضيت إلى غايتك شهابا صفيحة وجهه كضوء القابس المتنور ، فلله أنت حاضرا وغائبا ، أيها الأديب الذي حاك قصصا مشبّعة بالصور والنقد والسخرية فكنت قامة أدبية أحترم صلابتها ورقتها وعنفوانها وتمسكها بثبات المبدأ مهما عصفت العواصف بالراسيات من الشامخات وسخط العابثون العابرون من أوتاد الأرض ورؤوسها العاليات ، وما كنت إلا كما أنت يا صديق الفراشات الناعمة والسحب الغائبة و الرجولة البهية والتراب الندي ودندنة العود حينما كنت تغني يا صديقي به وعليه عذبَ الكلام ومواويل بحور الشعر فتطرب رخيمَ النغم وسلاسة اللحن ورقة الكلمات.
كنت يا صديقي رقيق المشاعر لطيف الحديث ، بديع الصور ، شاعرا في نثرك مديدا في غنائك ، وكم التقينا على ضفاف الوطن وجدا وهياما وفداء ، لم يسعفك الدهر لتكمل البوح المتراكم في أعطاف نشيجك وحزنك وفرحك ومبدئك ووفائك.
ترحل وكأنك مللت من المُكث فوق الأرض فأوجعتَ وجهها و ووجوه محبيك وفوح طيب الكلمات ، فحللت بأعلى شاهق من تلاع الفؤاد فكان رحيلك من الذاريات الموجعات .
وقوفًا يوم غيابك أيها الحامل عبء الأرض ومن عليها من البسطاء وما عليها من سلام ولتكن محمودا عند الله كما كنت محمودا عند مريديك ، سيبقى أدبك في ذاكرة الإبداع موردا معلوما ومنهلا معلولا.
يا صديقي غيابك أوجعني، عليك من الله الرحمة والمغفرة والعتق من النار.