20-03-2022 01:15 PM
سرايا - يرتفع مستوى السكر في الدم، وتتسارع دقات القلب لدى الشباب الذي يتمتعون بصحة جيدة، إذا ناموا ليلة واحدة في غرفة ذات إنارة خفيفة أشبه بضوء صادر عن جهاز تلفزيون صامت، وفقًا لما أظهرته نتائج دراسة مخبرية جديدة، نشرت في مجلة "Proceeding of the National Academy of Sciences"، الاثنين.
وقالت مؤلفة الدراسة الدكتورة فيليس زيي، مديرة مركز الساعة البيولوجية وطب النوم بكلية فينبرغ للطب في جامعة نورث وسترن، إن الضوء الخافت يتسلّل تحت الجفون معيقًا النوم، رغم أنّ المشاركين ناموا وأعينهم مغمضة.
وخلال الليل، يتدنّى معدل ضربات القلب عادة، ويتباطأ، في حين ينشغل الدماغ بإصلاح وإعادة تنشيط الجسم. وأظهرت العديد من الدراسات أن معدل ضربات القلب المرتفعة ليلًا يُعتبر عاملًا خطرًا قد يؤدي للإصابة بأمراض القلب والوفاة المبكرة مستقبلًا.
ويُعد ارتفاع معدل السكر في الدم إشارة إلى مقاومة الإنسولين، حيث يتوقف الجسم عن استخدام الغلوكوز على نحو صحيح ويتضاعف عمل البنكرياس، فيفزر الجسم كميات إنسولين إضافية للتعويض، إلى أن يفقد قدرته على ذلك. ومع مرور الوقت، قد تؤدي مقاومة الإنسولين إلى الإصابة بمرض السكري من النوع 2.
وأظهرت أبحاث سابقة وجود ارتباط بين الضوء الاصطناعي في الليل، وعوامل زيادة الوزن، والسمنة المفرطة، والاضطرابات بوظيفة التمثيل الغذائي، وإفراز الإنسولين وتطور مرض السكري، إلى مخاطر الأمراض القلبية الوعائية.
وشملت الدراسة المخبرية التي أجرتها زيي وفريق الباحثين، 20 شخصًا سليمًا في العشرينيّات من العمر، أمضوا ليلتين في مختبر النوم. وأوضحت زيي أنّهم ناموا الليلة الأولى في غرفة مظلمة حيث "لن يتمكنوا من رؤية أي شيء، إن وُجد، عندما يفتحون أعينهم".
وكان جميع المشاركين في الدراسة يرتبطون بأجهزة لمراقبة عدد من المقاييس الموضوعية الخاصة بنوعية النوم. لذلك في الإمكان جمع البيانات بأقل قدر من التدخل. وخلد المشاركون في الدراسة للنوم بعدما وُضع لهم أنبوبًا وريديًا يتفرّع منه أنابيب طويلة عدة تصل إلى المختبر من خلال ثقب. وسحب الدم من المشاركين النائمين من دون لمسهم.
وقالت زيي: "لقد سجلنا الموجات الدماغية، وتمكّنّا من معرفة مرحلة النوم التي يمر بها الشخص". وأضافت: "سجّلنا أيضًا تنفّسهم، ومعدل ضربات القلب وتخطيط الإشارات الكهربائية فيه، وسحبنا الدم منهم أيضًا لقياس معدل الميلاتونين أثناء نومهم". والميلاتونين هو هرمون ينظم إيقاع ساعة الجسم البيولوجية، أو النوم والاستيقاظ على مدار الساعة.
وعلى نحو عشوائي شارك البعض من المجموعة الأولى في الاختبار الثاني في الليلة التالية بنفس معدل إنارة الليلة السابقة، فيما اختبرت مجموعة أخرى النوم على ضوء خافت عال في الغرفة مع توهج أشبه بـ"يوم مظلم جدًا، كثيف الغيوم، وتسرّب أضواء الشارع من خلال نافذة"، وفقًا لما وصفته زيي.
وأوضحت: "ناموا الآن وأجفانهم مغمضة"، لافتةً إلى أنّ "التقديرات وفق الدراسات المنشورة تشير إلى أنّ بين 5 و10٪ تقريبًا من الضوء، ضمن هذا الإطار، سيتسلّل عبر الجفن المغلق إلى العين، ما يُعتبر نسبة ضئيلة من الضوء".
ورغم كمية الضوء القليلة هذه إلا أنها تسبّبت بخلل في مرحلتَي الموجة البطيئة وحركة العين السريعة، اللتين يتم خلالهما تجديد معظم الخلايا.
وإلى ذلك، كان معدل ضربات القلب أعلى، وارتفعت مقاومة الإنسولين، وكان الجهاز العصبي الودي (القتال أو الهروب) والجهاز العصبي اللاودي (الراحة والاسترخاء) غير متوازنين، وارتبط بارتفاع ضغط الدم لدى الأشخاص الأصحاء. وأضافت زيي أنّ الضوء لم يكن ساطعًا بما يكفي لتقليل مستويات الميلاتونين في الجسم.
ما العمل؟
وبناء على نتائج دراستها والأبحاث المنشورة في هذا المجال، تنصح زيي بإغلاق الستائر وتلك الحاجبة للنور، وإطفاء الإنارة، وحتى الاستعانة بقناع للنوم.
وقالت: "أعتقد أن قوة الدليل تكمن بأن على الفرد الانتباه إلى الضوء في غرفة نومه"، لافتة إلى ضرورة "البدء بتخفيف الإنارة قبل ساعة أو ساعتين من وقت النوم في الحد الأدنى، لتهيئة بيئة ملائمة لذلك".
ونصحت زيي بالتخلي عن كل مصادر الضوء في غرفة النوم، وفي حال الحاجة إليها ليلًا، فليكن ضوءًا خافتًا يوضع على مستوى الأرض، "بحيث يكون أكثر انعكاسًا أفضل من أن يكون موازيًا مباشرة لعينيك أو مستوى سريرك".
وأوصت بضرورة الانتباه لنوع الضوء المستخدم في الغرفة حيث يمنع استخدام الإنارة المشتقة من اللون الأزرق كالذي ينبعث من التلفزيون، والهواتف الذكية، والأجهزة اللوحية، والكمبيوتر المحمول.
وأوضحت زيي أنًّ "الضوء الأزرق هو أكثر أنواع الإنارة تحفيزًا". ونصحت بشراء مصابيح بدرجات اللون الأحمر والبني إذا كان لا بد من استخدامها لأسباب مرتبطة بالسلامة.