20-03-2022 01:49 PM
بقلم : الدكتور فايز أبو حميدان
لا أحد يستطيع التنبؤ متى ستنتهي الحرب في أوكرانيا ، الاستراتيجية الروسية كانت حرب خاطفة خلال عدة أيام كما كان الحال في الهجوم على الشيشان 1994 وجورجيا عام 2008 لكن أوكرانيا تختلف كثيراً فهي في المساحة أكبر بكثير وجيشها خاض حروب داخلية منذ عام 2014 والشعب الأوكراني ذاق طعم الديموقراطية وهو قريب من الوحدة الأوروبية ولديه وعود للانضمام الى الوحدة الأوروبية والناتو وهذا زاد من رغبة الشعب وحكومته من الاقتراب لأوروبا والتمسك بذلك .
الخاسر الأول من هذه الحرب هي جمهورية أوكرانيا فالبنية التحتية تم تدميرها كما ان جيشها فقد اهم مقومات الجيوش خلال الساعات الأولى للحرب وهي القوات الجوية وسوف يحول الحرب من تقليدية بين جيشين الى حرب عصابات وهذا ما دعا روسيا الى استدعاء 16 ألف محارب سوري وعدد غير قليل من الشيشان لديهم خبرة كافية في هذا النوع من الحروب. فالمقاومة الأوكرانية التي لم تكن متوقعة غيرت الكثير من مجرى الاحداث ولكن لا احد يعلم الى متى سيستمر صمود أوكرانيا امام روسيا على الرغم من المساعدات العسكرية الكبيرة من أمريكا ودول الناتو وخاصة بالصواريخ المضادة للطائرات والدبابات ، اذاً فالوضع العسكري ديناميكي ويتغير كل يوم .
ومن العوامل المؤثرة الآن على مجرى الحرب هو العقوبات الاقتصادية القاسية ضد روسيا والتي لها توابع ضاره لأوروبا والعالم اجمع، كما ان الوضع الداخلي في روسيا يلعب دوراً هاماً فعلى الرغم من ان الأغلبية تؤيد الرئيس بوتين الا انه يوجد نسبه كبيره من المعارضين الذين يجابهون بكافة اساليب القمع والاضطهاد اذ بلغ عدد المعتقلين من المعارضين للحرب 14 ألف وسُنَّت قوانين صارمه بالسجن 15 عاماً لمن ينشر اخبار كاذبه عن الجيش الروسي او يتفوه بكلمه حرب ويجب عدم نسيان المعاناة الداخلية في روسيا والناتجة عن العقوبات الاقتصادية وشح الموارد بشكل عام في الاسواق .
ان التضامن العالمي مع اوكرانيا كبير للغاية ويشكل عقبة امام الإدارة الروسية لم تكن تتوقعه ولكن حيازة روسيا على حق الفيتو يجعلها بحال اكثر ارتياحاً مما يعتقد الكثيرون، كما ان المقارنات التي بدأ العالم في الحديث عنها وخاصة سلوك امريكا في الكثير من النزاعات الدولية يجعل انتقاد روسيا محدداً.
العقلاني الذكي هو من يتنازل ويتراجع في الوقت المناسب وهذا سيكون احد ابواب انهاء الصراع ، لقد تدخلت دول متعددة لإيجاد حل سياسي هي تركيا اسرائيل فرنسا المانيا والصين ، وقد تم اجراء اربعة لقاءات مباشره حتى الآن بين الروس والأوكران ولم تسفر عن نتائج سوى الاتفاق على بعض الممرات الآمنة للمدنيين ولكن يوجد عده سيناريوهات لإنهاء الحرب ، أولها انتصار ساحق للجيش الروسي واستسلام الجيش الاوكراني او القضاء على المقاومة واقامة حكومة تابعة لروسيا او ضم اوكرانيا الى جمهورية روسيا الاتحادية وهذا احد احلام بوتين ، اما السيناريو الثاني فهو صمود الشعب الاوكراني وتكبيد الروس خسائر هائلة وعزل روسيا دولياً واقتصادياً والضغط عليها من اجل الانسحاب وربما سيؤدي هذا الى اضعاف قوة عظمى سوف تتفتت بعد ذلك الى دويلات متعددة ومتحاربة ، اما السيناريو الثالث فهو خليط من السيناريوهات الآنفة الذكر ويتمثل بإيجاد اتفاق سياسي برعاية دولية يضمن لروسيا بعض الشروط اهمها عدم دخول اوكرانيا الى حلف الناتو والاحتفاظ جزيرة القرم كأرض روسية وايجاد حل وسط كحكم ذاتي للمقاطعات الانفصالية او انضمامها الى روسيا الاتحادية و اعطاء ضمانات دولية لأوكرانيا بعدم قيام روسيا باحتلالها مره اخرى وذلك بإنشاء تحالف دولي عسكري يكون على اتم الاستعداد والجاهزية للتدخل في حال عدم التزام روسيا بهذا ، وهناك سيناريو بعيد المنال وهو انقلاب الجيش والمخابرات الروسية بمساعدة كبار الاغنياء على بوتين وهذا الامر مستبعد لان الرئيس فلاديمير بوتين هو الرئيس الاول الذي يمسك بكل مفاتيح السلطة منذ عهد جوزيف ستالين وقد انشأ نظام شبه قيصري في الإدارة وهو يسيطر سيطرة تامة على وسائل الاعلام والجيش والمخابرات ويدير البلاد منذ اكثر من 20 عاماً وولايته ستستمر 8 سنوات أخرى ، اما بالنسبة للسيناريو الاخير الذي لا نتمنى حدوثه وتحاول امريكا وحلف الناتو تجنبه فهو الدخول في صراع مسلح مع روسيا والذي سيؤدي حتماً الى حرب عالمية ثالثة . ولكن في حال تم الاتفاق على السيناريو الثالث فيجب وضع خطة لإعادة بناء اوكرانيا كما كان الحال في بناء المانيا واليابان بعد الحرب العالمية الثانية.
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
20-03-2022 01:49 PM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |