حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
الإثنين ,25 نوفمبر, 2024 م
طباعة
  • المشاهدات: 3764

أُكذوبةُ الدّروسِ الخصوصيّةِ وأُلعوبةُ الملخّصاتِ

أُكذوبةُ الدّروسِ الخصوصيّةِ وأُلعوبةُ الملخّصاتِ

أُكذوبةُ الدّروسِ الخصوصيّةِ وأُلعوبةُ الملخّصاتِ

21-03-2022 11:55 AM

تعديل حجم الخط:

بقلم : د.عماد زاهي نعامنة
يثيرُ اقتراب امتحانات الثانويّة العامّة شهيّة كثير من المُتعالِمين
دُعاة عبقريّة التعليم ممّن يشيعون الملخّصات، والدوسيّات، و(الكورسات)،
والمكثفّات، والدروس الخصوصيّة وجاهيًّا وعلى مواقعِ التّواصلِ
الاجتماعيّ، وما شابهها، فنجد ذلك ينتشر انتشارَ النارِ في الهشيمِ.

وتُعدّ تلك الدروس والكرارييس من أبرزِ عواملِ تشتيتِ أذهانِ الطلبةِ، فضلًا عن سطحيّتِها في الطّرْحِ والتناوُل، وسذاجةِ أنشطتها، وضآلة مهاراتِها، وضحالةِ ما تقيسُه من قدراتٍ عقليّةٍ بما يتواءمُ والفروقَ الفرديّةَ لدى جمهورِ المتعلّمين والمعلِّمينَ، بل إنّها تلجأُ إلى رسْمِ طلاسمَ ذات حروفٍ وكلماتٍ يعتقدُ أصحابُها أنّها جامعةٌ مانعةٌ دالّة، ناهيكَ عمّا تعجّ به طيّاتُها من انحرافاتٍ علميّةٍ لا أوّل لها ولا آخر.

وما يزيد الطين بلّةً أنّ ذوي تلك الملخّصات، ومُروِّجي تلكَ الدروسِ يجتهدونَ من غير هوادةٍ في ثَنْي المتعلّم عن كتابِهِ المدرسيِّ المقرّر الذي هو الفيصل والمرجعيّة المعتمَدة للتقويماتِ كافّةً، ويَجِدّونَ من غيرِ تؤدَة ولا تَروٍّ؛ تضليلًا وتدليسًا في التّغنّي بأنّ حصائدَ ألسنتهم، وما خطّتْهُ أيديهم سيجعلُ الطلبة ينعمونَ بتعلُّمٍ راقٍ، وسيجلبُ لهم الدّرجاتِ العُلا، بل الكاملة التامّة بيُسر وسهولة، وكأنّهم أخذوا عهدًا على ذلك من أباليسهم وزبانيتهم.

ولم يكنْ ما سبق قولًا جُزافًا، وإنما جاء حصيلةَ اطّلاعٍ على عديدٍ منها؛ إذْ وجدتُها لا تجدي نفعًا، ولا تغني ولا تسمنُ من جوعٍ، وليت الأمرَ توقّف عند هذا الحدِّ أو دونَه، إذْ إنّها تنحدرَ دون القدْر الأدنى من المحتوى التعليميّ والمهاريّ المنشودِ تحقيقُه؛ ديدنهم التحفيظ والتلقين، بعيدًا عن إعمال الفكر وتقليب النظرما يجعلُ الطلبة حائرينَ، وفي حالةٍ من الضياع المُطْبِقِ، يشعرون معها وكأنّ الامتحانَ قادمٌ من كوكبٍ آخرَ.

وأكادُ أجزم أنّ الطلبة الذين يعتمدون عليها لن يحصِّلوا أكثرَ من مِعشار العلامة تزيدُ أو تنقصُ قليلًا؛ فيصحون من حلمِ ما وعدَتْهم به تلك الدروسُ ووسوّلتْه لهم المكثّفاتُ والملخّصات، وقد باتوا يعضّونَ أصابعَهم ندمًا، على ما وقعوا فيه من شرَكِ الوهْم الموعودِ، وزيْف المنطق المعسول، فعادوا بُخفّيْ حنين وصحائفهم خاوية على عروشها يضربون أخماسًا بأسداس، نادمين آسفين لِما آلت إليه حالهم، ولكنْ لاتَ حينَ مَنْدَمٍ، في الوقت الذي راح فيه تجّار العلم مُتخمةً جيوبهم غيرَ آبهين بما خلّفتْه أيديهم من نكوص تحصيل الطلبة وارتكاس مستواهم التعليميّ. حينئذ لا يجد أولئك الكَتَبةُ والمَلاسِنةُ المَهَرة لتغطية ما جنَوْا به على طلبتنا سوى كَيْل التُّهم لواضعي الورقة الامتحانيّة زورًا وبهتانًا، أو النّيْل منها من غير ما وجه حقّ؛ بحثًا – من غير جدوى - عن ماء وجوههم الذي أريق، وحالهم حال براقش الّتي جنت على نفسها.

فحريّ أنْ تتكاتفَ الجهود، وتُشَدَّ الزّنودُ؛ لمحاربة هذه الظاهرةِ المجتمعيّةِ السلبيّةِ ووأْدِها إلى حيثُ لا رجعةَ لها، بل لا قيامةَ لها؛ تلطُّفًا بأبنائنا الطلبةِ، وأولياءِ أمورِهم؛ داعيًا أنْ يرعوي ناشروها موقنين أنّ الله سيبدلُهم خيرًا منها؛ ففي السماء رزقكم وما توعدون، فليُحرِّقوا ما خطّوا تحريقًا، ويدفنوا ما اقترحوه، ويطّرحوا ما حبّروه؛ فنُجهِزَ تمامًا على أضحوكة الدروس الخصوصيّةِ، ونقضيَ معًا قضاءً مُبرمًا على ألعوبة الملخّصاتِ أو المكثفّاتِ، والمُتوقَّعاتِ أو ما شاكلَها من مسمّيات غثّة ما أنزل اللهُ بها من سلطانٍ.








طباعة
  • المشاهدات: 3764
 
1 -
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
21-03-2022 11:55 AM

سرايا

لا يوجد تعليقات
الاسم : *
البريد الالكتروني :
التعليق : *
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :
برأيك.. ما خيارات ترامب للتعامل مع إيران بعد فوزه بانتخابات الرئاسة الأمريكية؟
تصويت النتيجة

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم