28-03-2022 01:22 PM
بقلم : محمد يونس العبادي
يقال إنّ كلمة النخبة، استخدمت في القرن السابع عشر لوصف سلع ذات تفوقٍ معين، وامتد استعمالها في ما بعد ليشمل الإشارة إلى فئاتٍ اجتماعيةٍ متفوقة، فكرياً وسياسياً واجتماعياً.. ليصبح هذا المفهوم لاحقاً رائجاً وبشكلٍ كبيرٍ خاصة في مجتمعاتنا العربية.
ويرى مفكر سياسي يدعى جاتينو موسكا، بأنّ على النخبة بأن تكون على اتصال حميم بالمجتمع عبر نخب وفئات فرعية لتضمن شموليته في التعبير عنهم، ويحفل تاريخ علم الاجتماع بالعديد من الفرضيات التي تتحدث عن النخب، وأدواها، ومدارسها، ودورها في قيادة وتنوير المجتمع، والمحافظة عليه من أيّ اختلالات من الممكن أنّ تفرز أفكاراً متطرفة، وعادةً ما تكون هذه النخب من أصحاب التعليم والثقافة، وحتى الدخل الأعلى والأثرياء.
غير أنّ الديمقراطية، والحزبية، منحت فرصاً لتصعيد وإنتاج نخبٍ جديدة، وهذا ما نراه في المجتمعات الغربية، التي ترسخت لديها الحياة الحزبية، وثقافة تداول السلطة بناءً على صندوق الانتخاب، وما يريده الناس.
إنّ مناسبة الحديث عن " النخبة"، هو أننا اليوم في الأردن، وأمام حالة الحراك التشريعي والإصلاحي، والسياسي، بحاجةٍ إلى وقفةٍ، نتحدث فيها عن بعض النخب التي آن لها أنّ تفسح لغيرها، وعلى رأسهم الشباب.
فالانتخابات، والحراك الحزبي الحالي، والمنتظر أنّ يأخذ زخماً كبيراً لاحقاً، يجب أنّ يضمن إنتاج وجوه جديدةً لعناوين العمل العام، وما ينسحب على الساحة السياسية هناك ينسحب على كثير من مجالات المجتمع الإنساني سواء في مجالات الثقافة أم الحياة الأكاديمية أم غيرها.
وفي صُلب كل تغير مجتمعي، هناك دوماً سؤال " النخبة" ومقدرتها على تجديد ذاتها بتوليد وجوه شابة، تحافظ على حيوية المجتمع، ومقدرته على استشراف قادمه.
وهذه النخبة التي تعتبر من أعمدة المجتمع ترتبط بالغالب بعناوين ومشاريع، تكون قد نادت بها ولها ، وعملت لأجلها، ولكن مع مفارقةٍ بسيطةٍ هي أن هذه النخب تغادر الساحة، وتتيح المجال لجيل آخر أو وجوه جديدة بتسلم المهمة.
غير أننا في مجتمعاتنا العربية لدينا هوّس بالوجاهة، لتبقى النخبة تتربع على الساحة بل وتتمدد بالعرض، إذ تزاحم على جاهات الأعراس ، والشاشات والمقالات وتتنقل من اختصاص لآخر بسهولة كبيرة، أكثر ما تتأتى من ثقافة المجتمع القائمة على الشخص دون عناوينه وأفكاره، وهذه بحد ذاتها معضلة لأنه مع تقادم الزمن يصبح الشخص ينتمي لهمومٍ تختلف عن هموم أجيال قادمة، ويصبح يحتل حيزاً ومساحةً كان يفترض أن يملأها غيره، بما يصيب المجتمعات بحالة من التململ وغياب الصوت !
واليوم وفي سؤال الشيخوخة الباكرة، فإن نخباً كثيرة في مجتمعا بالعمل العام والأكاديمي والثقافي مطالبةً من منطلق مسؤولياتها أن تبرز الجيل الجديد، وتمنح الفرصة لظهور وجوهٍ تحمل رؤى وهموماً جديدة ، خاصة تلك النخب التي تعيد إنتاج نفسها في كل مرةٍ بأدوات وأشكال جديدة، دون حساب وزنها وتأثيرها.
فالحاجة دوماً لنخب حقيقية، ولربما ستمثل الأحزاب وصناديق الانتخابات طريقاً يعيد تشكيل حتى تفكيرنا الجمعي، ويتجه به إلى المقدرة على "تخليق" قياداتٍ جديدة، خاصة وأن لدينا في الأردن نماذج كثير لـ "نخبٍ محترمة" استطاعت أنّ تكون ريادية بالعمل العام، وخدمة الناس، والدولة وقيادتها.
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
28-03-2022 01:22 PM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |