30-03-2022 12:14 PM
بقلم : أ. محمَّد الدَّلالعَه
تتعاقبُ الأيَّامُ يومًا تلو يوم؛ و في جوانح أيَّامنا لا نعلمُ ما تخفيه لنا أو ما تباغتنا به، فربَّما هي مشيئة الخالق في خلقه، يقول سبحانه:"كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ"*٢؛ حيثُ جاء في تفسير ابن كثير لهذه الآية:"قال قتاده: لا يستغني عنه أهل السَّماوات و الأرض؛ يحي حيًّا، و يميت ميتًا، و يربي صغيرًا، و يفكُّ أسيرًا..."، أو كمال قال الشَّاعر-واصفًا طبع الدُّنيا-:
طُبِعَت على كدرٍ، و أنت تريدُها...صفوًا من الأقذاءِ و الأكدارِ
و رحم الله أبو البقاء الرُّنْدي-حينما قال في وصف حال الدُّنيا-:
لكُلِّ شيءٍ إذا ما تَمَّ نقصانُ...فلا يُغَرَّ بطيبِ العيشِ إنسانُ
هيَ الأمورُ كما شاهدتُها دُوَلٌ... مَن سرَّهُ زمنٌ ساءتْهُ أزمانُ*٣
فالحياةُ بطبيعتها هشَّة؛ فلا تُؤتمن منغِّصاتها، يقول علي بن أبي طالب:
تزوَّد من التَّقوى فإنَّك لا تدري...إذا جَنَّ*٤ ليلٌ هل تعيشَ إلى الفجرِ
و كم مِن صحيحٍ مات من غيرِ علَّةٍ...و كم مِن سقيمٍ عاشَ حينًا من الدَّهرِ
و كم مِن فتًى أمسى و أصبحَ ضاحكًا...و قد نُسجت أكفانَهُ و هو لا يدري
و كم مِن صغارٍ يُرْتجى طولَ عمرِهمْ...و قد قُبضت أرواحُهم ليلةَ القدرِ
و كم مِن عروسٍ زيَّنوها لزوجها...و قد أدخلت أجسادُهم ظلمةَ القبرِ
فحياتنا في الدُّنيا على وَجَلٍ؛ فلا نعلم ما تخفي لنا الأيَّام، و في الختام لا يسعني إلَّا أن أوصيكم بالدُّعاء، يقول رسول الله-صلوات ربِّي و سلامي عليه-:"لا يردٌّ القدرَ إلَّا الدُّعاءُ"*٥، ويقول ابن القيِّم عن بركة الدُّعاء:"و الدُّعاء من أنفع الأدوية، و هو عدوّ البلاء؛ يدافعه، و يعالجه، و يمنع نزوله، و يرفعه أو يخفِّفه إذا نزل"، و كان رسول الله يدعي:"اللهُمَّ إنِّي أعوذُ بكَ من زوالِ نعمتِكَ، و تحوُّلِ عافيتِكَ، و فُجاءةِ نقمتِكَ، و جميع سخطِكَ"*٦.
و يقول رسولنا:"ما من عبدٍ يقولُ في صباحِ كلِّ يومٍ ومساءِ كلِّ ليلةٍ بسمِ اللَّهِ الَّذي لا يضرُّ معَ اسمِهِ شيءٌ في الأرضِ و لا في السَّماءِ وَ هوَ السَّميعُ العليمُ ثلاثَ مرَّاتٍ إلا لم يضرَّهُ شيءٌ"*٧
و أوصيكم بكثرة الاستغفار، يقول الله تعالى:" وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ ۚ وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ"*٨؛ فالاستغفار أمانًا من وقوع العذاب حتَّى بعد انعقاد أسبابه.
و أخيرًا ادعو الله-جلَّ شأنه-أن يجعل حياتي و حياتكم مليئة بالسَّعادة، و السُّرور، و الفرح، و المفآجئات السَّارة، و ما يسرُّ الخاطر، و يريِّح البال.
_______________________________________
*١ بقلمي: أ.محمَّد دلالعَه
*٢ الآية:٢٩، من سورة الرَّحمن
*٣ دُوَلٌ؛ أي متقلِّبة لا تثبت على حال
*٤ جَنَّ: حلَّ الظَّلام
*٥ المحدّث الألباني، المصدر ابن ماجه، حكم المحدّث: حسن
*٦ الرَّاوي عبد الله بن عمر، صحيح مسلم ص٢٧٣٩
*٧ المحدث : ابن القيم، المصدر: زاد المعاد، خلاصة حكم المحدث:صحيح
*٨ الآية:٣٣، من سورة الأنفال.
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
30-03-2022 12:14 PM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |