لعنة قارئة الفنجان .. عندما تشاجر عبد الحليم حافظ مع الجمهور وتعرض لأشرس هجوم إعلامي .. فيديو وصور
لعنة قارئة الفنجان .. عندما تشاجر عبد الحليم حافظ مع الجمهور وتعرض لأشرس هجوم إعلامي .. فيديو وصور
30-03-2022 03:23 PM
تعديل حجم الخط:
سرايا - تعرض عبدالحليم لحملة إعلامية قاسية جراء ما حدث في حفل قارئة الفنجان، واتهمه بعض الصحفيين بالتكبر على جمهوره الذي صنع شهرته ومجده.
"ابنك يعيط يا عبدو"، هكذا سخر بعض الجمهور من المطرب الراحل عبدالحليمحافظ عندما صعد على خشبة مسرح نادي الترسانة في القاهرة في ربيع عام 1976، ليشدو بقصيدة الشاعر السوري نزار قباني "قارئة الفنجان"، وألحان محمد الموجي، وهي آخر أغنية له قبل وفاته في 30 مارس/آذار عام 1977.
صعق عبدالحليم بهذا الاستقبال غير الودي له رغم المجهودات الكبيرة التي بذلها لتخرج الأغنية لهم بالمستوى اللائق على مدار عدة سنوات وتعرضه للنزيف عدة مرات جراء ذلك، وفوجئ بنكران الجميل الذي قابلها به جمهوره بعد أن أسعدهم وشاركهم أتراحهم ومسراتهم على مدار أكثر من ربع قرن.
حاول عبدالحليم أن يتمالك نفسه بادئ الأمر وطلب من الجمهور التزام الهدوء والتوضيح لهم أن كلمات القصيدة صعبة، من دون أن يجدي ذلك نفعا معهم، لكنه استمر في محاولة تهدئتهم والتأكيد لهم أن الميكروفون يعمل ولا مشكلة فيه لمن ادعى أنهم لا يسمعون ما يقول.
وفي المقطع الثاني للأغنية، توقف العندليب عن الغناء فجأة بسبب استمرار الفوضى من بعض الحاضرين وتصفيرهم ورقصهم، وقال لهذه المجموعة بعصبية شديدة "بس بقى، أنا أعرف أصفر وأزعق زيكم"، وراح يصفر لهم".
الهجوم الإعلامي وقد تعرض حليم لحملة إعلامية قاسية نتيجة لذلك، واتهم بعض الصحفيين العندليب الأسمر بالتكبر على جمهوره الذي صنع شهرته ومجده، وحتى عندما كان حليم في أيامه الأخيرة على فراش المرض في لندن، هاجمه أحد الصحفيين واتهمه بالتظاهر بالمرض لكسب عطف الجمهور، الأمر الذي سبب له ألما وحزنا كبيرين.
حاول حليم الدفاع عن نفسه في مقابلة تلفزيونية مع الإعلامي طارقحبيب في برنامج "أوتوجراف" صيف 1976، وأكد أن سبب ما فعله إصدار عدد من الجمهور أصوات مرتفعة وإطلاق صوت صافرات ومقاطعته عند بداية غنائه للقصيدة، مضيفا أن الذي عمله كان فقط ضد 20 أو 25 شخصا كانوا مدسوسين على الحفلة، لافتا إلى أنه صبر كثيرا وحاول تمالك أعصابه حتى لا يرد برد غير لائق عليهم، إلا أنهم استمروا في رفع صوتهم ومقاطعته.
وأوضح عبدالحليم أنه في السابق كان بعض الحضور يثيرون الفوضى خلال حفلاته، لكن ما إن كان يطلب منهم السكوت حتى يصمتوا، وهو ما لم يحدث في حفل "قارئة الفنجان".
وتابع "واحد جايبلي بدلة وراسملي فنجان قهوة هنا وفنجان قهوة هنا، وما يرمز له ذلك من سخرية منه ومن الأغنية، كما استنكر سخريتهم منه عندما يشرب الماء أثناء الغناء، قائلا إنه يتناول دواء يسبب له نشفان الريق ويضع الماء بجانبه خلال الحفلات.
وأعرب عبدالحليم خلال اللقاء عن استيائه من بعض الصحفيين المصريين الذين هاجموه بشدة بعد ما فعله في الحفل، مضيفا أنه "لا يذكر أنه قرأ في أي مجلة لبنانية أي كلمة سيئة عن فيروز أو وديع الصافي، بل على العكس كانوا يقدسوهم".
ولم يوقف هذا اللقاء التلفزيوني الهجمة الإعلامية، وزادت معاناة عبدالحليم عندما سخر منه المونولوجست المصري سيد الملاح عندما قلده بشكل مهين على الهواء مباشرة، وأخبر الناس أن عبدالحليم صار عدوهم ويريد تأديبهم، فصفق الناس له بحرارة، وهو ما صدم عبدالحليم الذي رأى أن ما قدمه طوال ربع قرن ذهب هباء.
من يقف وراء ذلك؟ عبد الحليم لم يصدق أن جمهوره يمكن أن يخرب ويفسد حفله، وتخيل أن المطربة وردة الجزائرية وزوجها الملحن بليغ حمدي يقفان وراء ذلك بدافع التنافس.
الفنانة نجوى فؤاد أكدت في بعض البرامج أن عبدالحليم بكى بسبب بليغ ووردة وأن بليغ أرسل عددا من الأشخاص لإفساد حفل قارئة الفنجان إرضاء لوردة.
وحول حقيقة هذه المعلومة قال الملحن الموجي الصغير الذي رحل مؤخرا -وهو ابن الموسيقار الكبير محمد الموجي رفيق عمر العندليب- "سمعت عبدالحليمحافظ بيقول إن بليغ ووردة هما اللى بعتوا الناس اللى صفروا علشان يبوظوا الحفلة"، بسبب رفض حليم لحنا أعده بليغ " هو اللي اختار"، وطلب تعديلات عليه، ورفض بليغ إجراء التعديلات، فقرر عبدالحليم غناء أغنية قارئة الفنجان التي لحنها الموسيقار محمد الموجي. وأعطى بليغ اللحن لهاني شاكر فيما بعد.
ونفت وردة الجزائرية هذه الاتهامات خلال استضافتها في أحد البرامج التلفزيونية قبل رحيلها عام 2012، وأكدت أن صداقتها لعبد الحليم كانت قوية حتى وفاته رغم التنافس الفني بينهما.
وهناك تقارير تحدثت أن وزير الاعلام المصري الأسبق صفوت الشريف هو الذي وقف وراء تخريب الحفل بسبب علاقة عبدالحليم القوية بسعاد حسني وتهديدات صفوت لها على خلفية الحكاية القديمة الخاصة بعمل سعاد في جهاز المخابرات. وكان صفوت يخشى أن يحكي حليم للرئيس المصري أنور السادات هذه الحكاية والمضايقات التي تتعرض لها، فسعى إلى إرسال تهديد له عبر حادثة قارئة الفنجان.
الموسيقار هاني مهنا الذي عزف الأورج في حفل قارئة الفنجان وكان شاهدا على ما حدث سرد رواية أخرى، وهي أن مذيعا فرنسيا أجرى حوارا مع حليم أثناء زيارة لباريس، وقال له إن التصفير في الغرب يعني الاستهجان وعدم قبول الأغنية وليس الاستحسان كما في العالم العربي، فتذكر العندليب ذلك عندما قابله الجمهور بالتصفير فغضب وفقد أعصابه ورد عليهم بهذه الطريقة.
توجس من الأغنية كانت الغيبيات تحظى باهتمام كبير من عبدالحليم رغم إيمانه القوي والشديد بالله بسبب حالته الصحية المتدهورة، فارتبط بالعديد من العرافات كان آخرهن عرافة فرنسية شهيرة تعرف عليها أثناء رحلته العلاجية إلى فرنسا، وتشاء الصدف أن تكون قارئة آخر أعماله الفنية.
وكان نزار قباني اختار عبدالحليم لأداء هذه القصيدة بعد أن أرسلها له مباشرة وطلب منه تقديمها لعدم وجود مطرب غيره يمتلك الجرأة الكافية للخروج عن السائد والمألوف حينها. قبل عبدالحليم التحدي وقدم الأغنية في ربيع عام 1976 ودفع 5 آلاف جنيه لمحمد الموجي مقابل تلحينها الذي استغرق سنتين و3 آلاف دولار للشاعر نزار قباني و5 آلاف جنيه مصري قيمة مكالمات تلفونية أجراها مع نزار في لندن وبيروت ودبي من أجل تغيير كلمات في القصيدة، وهذا المبلغ كان كبيرا في ذلك الوقت.
الأغنية مرت بأزمة كان من الممكن أن تقضى عليها في مهدها، إذ حدث احتباس في صوت محمد الموجي، فكانت هناك صعوبة في نقل اللحن إلى نوتات موسيقية، وعندما انتهى نقل النوتات، كان لا يزال على موعد الحفل 12 يوما فقط، وكان عبدالحليم يعتاد على إجراء البروفات في 45 يوما، فقرر إلغاء الحفل، لكنه تراجع بتأييد من صديقه مجدي العمروسي، وبعد أن حرص أعضاء الفرقة الماسية -وعلى رأسهم قائدها أحمد فؤاد حسن- على أن يعملوا 12 ساعة يوميا على التدريبات.
ويقال إن عبدالحليم كان نادما على تقديمه لقارئة الفنجان بسبب مضمونها المتشائم وتنبؤها بمستقبل مظلم له، وفق رواية فنان الماكياج محمد عشوب، في البرنامج التلفزيوني “ممنوع من العرض”.
وقال عشوب في روايته، إن عبدالحليم كان متوترا يوم أداء الأغنية، منذ أن قدم إلى منزله لتصفيف شعره، استعدادا للحفل، وإنه عندما هنأ عبدالحليم بالأغنية الجديدة، بعد طرحها على شرائط كاسيت، نظر إليه بانكسار، وشكره من دون وجود أي علامة للفرح على وجهه.
رحل عبدالحليم في مثل هذه الأيام قبل 45 عاما ، لكن قارئة الفنجان لم ترحل، وما زالت تتربع على عرش الأغاني العربية وتتناقلها الأجيال الجديدة عبر منصات التواصل الاجتماعي، وهي تردد معه: وسترجع يوما يا ولدي مهزوما مكسور الوجدان وستعرف بعد رحيل العمر بأنك كنت تطارد خيط دخان