بقلم : يوسف رجا الرفاعي
لا يمكن ان يكون بوتين جاهلا بالعلوم العسكرية حتى لا يستطيع التفريق بين الحرب والمهمة الخاصة ،
فالمهمة الخاصة معناها وترجمتها العسكريه حسب التعريف العلمي العسكري " مرتكزها عنصر المفاجأة والسرعة والقوة المفرطة في تحقيق اهداف محدده مسبقاً " ويتم بناء الخطه الخاصه بالمهمه الخاصه بناءً على معلومات استخباراتية دقيقة متعلقه باهداف محدده ويتم تنفيذها بجيوش خاصه عالية التدريب وفائقة القدرات .

كثير من اصحاب الرأي السياسي يعتقدون بأن ما يجري في اوكرانيا هي حرب تكتيكية محددة الاهداف بدقة بالغه ، تم الاتفاق ، بل تم التوافق عليها وتم رسم خطتها بشكل مدروس للوصول الى نتائج ارادها المخططون ان تكون ذات طابع تغييري جذري على مستوى العالم ، بحيث يتم تغيير مراكز قوى وخاصة اقتصاديه وسياسية بما يتماشى مع اهداف لا يعلمها من الناس إلا الذين هم في الدائرة الضيقة جداً من هذه القوة المسماة بالدولة العميقه .

إما انّ تسمية بوتين لهذه العملية التي لم تأت من فراغ او جاءت صدفه خاطئة ، أو أن اوروبا كاملة مع امريكا تسميتهم لهذا الذي يجري على الارض خاطئة ايضاً ، ولكن كلا الطرفين هم المرجع الأول بل الوحيد في العلوم العسكرية دون ادنى شك ، فكيف يكون هذا الاختلاف في التسمية لهذا الذي يجري !!

وجود روسيا في سوريا لا يمكن استيعاب السكوت عليه ولا يمكن فهمه لحساسية هذه المنطقة التاريخية وحدود النفوذ المُتفَق عليه بين القوى العظمى فيها ، واذا ما قارنَّاه بالتدخل العسكري في اوكرانيا فإن المنطق يقول ان تدخلها هناك في اوكرانيا هو حق مشروع نابع من تخوفها من حلف الناتو بأن يطوِّقها بحزام اشبه بالسياج وان اللامعقول واللامقبول والغير منطقي على الاطلاق مرة ثانيه هو سكوت العالم كله على تواجدها في سوريا .

على الرغم من حقيقة ان روسيا هي القوة العسكريه الثانية على هذا الكوكب إلا ان قبولها بالعمل لصالح امريكا كحارس مأجور لها يعطي الدلالة القطعية على طاعة روسيا للإملاءات الامريكية " وكيلة " الدولة العميقة الحصريه ، ويعطي الصورة وضوحاً اقوى فيما يجري على الاراضي الاوكرانية ،
لا يوجد الآن من هو افضل من دولتين احداهما إقليميه والثانية دوليه لتنفيذ مخططات على مستوى تغيير جذري عالمي مؤهلتين للقيام بهذا العمل ، روسيا ، وايران ، وهما الان منخرطتان في هذا العمل وتقومان بمهامهما على اكمل وجه .

ربما هذا الذي يجري باوكرانيا هو تغيير ديمغرافي وجغرافي متفقٌ عليه ، وذلك من اجل عمل توازنات ديمغرافية مستجدة في مكان ما ، كما يحصل في سوريا ، واوروبا لن تقدم نفسها قرباناً لانقاذ اوكرانيا ، وما هذه الحُزَم الهائلة من العقوبات المعلنة على روسيا باستثناء العصب والشريان الرئيسي المتمثل بالنفط والغاز ومواد اساسيه اخرى ما هو الا جزؤ من هذه الحرب التكتيكية التي بها من المتناقضات العسكرية وغير المنسجمة مع القوة الروسية المفرطه ومع العقيدة العسكرية الخاصة بها ، او حتى مع اوكرانيا التي هي من اكبر دول اوروبا الغربية على الاطلاق مساحةً والتي كانت ثالث قوة نووية ،
ايُعقَل انه لا يوجد حَجَرٌ واحد على كامل الأرض الاوكرانية بحدودها مع روسيا لِتُلقيه على الارض الروسية الحدودية الفارغة على الاقل ، ولو مِن قبيل الاحتجاج السلمي على هذه الحرب المدمره !!!

ربما بناء على المصطلح السياسي والعسكري الحديث " المُضَلِّل " الذي دمَّرَ شعوباً ودولاً باكملها والذي مفاده ان الوصول الى منطقة ما لتحقيق هدف ما ، لا يتم الا بالمرور مِن من منطقة محدده معينه وغالباً عمداً تكون بعكس الاتجاه ، تماما كمن يقول،لا بدّ من الذهاب الى جُزر القمر من اجل شراء التين من الصين
ربما هذا ما يحصل في اوكرانيا ،
وليس اصدق من امثال العرب عندما قالوا
عِش رجباً ترى عجباً .
يوسف رجا الرفاعي