02-04-2022 02:39 PM
بقلم : المهندس عادل بصبوص
يتجدد الجدل كل عام مع حلول شهر رمضان المبارك حول موضوع تحديد بداية شهر الصوم وحول الإختلاف في ذلك بين الدول العربية والإسلامية، إلا أن القضية قد أخذت حجماً وبعداً مختلفاً هذا العام مع إعلان كافة الدول العربية المجاورة بالأمس أن اليوم السبت هو أول أيام الشهر الفضيل، فيما أعلن الأردن أن اليوم ذاته هو المتمم لأيام شهر شعبان، مما دفع الكثيرين للتساؤل مستنكرين هل من المعقول أن يصوم إبن درعا اليوم فيما يفطر إبن الرمثا التي لا تبعد عنها سوى كيلومترات قليلة، وكذا الحال مع إبن الشونة مقابل ساكن أريحا وأيضاً المعاني مفطرٌ فيما التبوكي صائم محتسب ....؟؟؟!!!
بداية نقول لا يجوز التشكيك بقرار الأردن في هذا المجال بذريعة أن كافة الدول المجاورة قد أخذت قراراً مخالفاً، طالما إرتضينا أن المبدأ المتبع لتحديد بداية الشهر هو "صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته، فإن غُمَّ عليكم فأكملوا عدة شعبان ثلاثين يوماً"، فقد اجتمع بالأمس العلماء والمختصون وراقبوا الهلال فلم يروا له أثراً لا بالعين المجردة ولا بالمناظير والتلسكوبات المتطورة، فهل عليهم أن يتظاهروا برؤيته لمجرد أن الدول المجاورة قد أعلنت عن ذلك ... هذا يخالف المنطق قطعاً ولا نقبل لأنفسنا أن نتصرف بهذه الطريقة هرباً من مواجهة النقد والتقريع والإسئلة الإستنكارية من مثل "كيف كلهم شافوه وإنتو ما شفتوه ... هل لهم عيون زرقاء اليمامة ولكم عيون الأعشى ... أم أن مناظيركم قديمة متواضعة وتلسكوباتهم حديثة خارقة" .... ودعونا لا ننسى في هذا المقام أن موقف الأردن في هذا المجال كان دوماً موضع إنتقاد وتندر وأن إجراءات مراقبة هلال رمضان هي مجرد تمثيلية ... وأن القرار بهذا الشأن يتم إتخاذه من قبل دولة شقيقة مجاورة ....
إن تحديد بداية شهر الصوم هي قضية هامشية وثانوية مقارنة بالقضايا المفصلية والمصيرية التي تواجه الأمة العربية، ولكنها تعكس بشكل جَلِيٍّ واضح حالة التشرذم والإرتباك التي تعيشها الأمة بشكل عام، كما تعكس حالة الإنغلاق والتردد لا بل وضيق الأفق التي يعاني منها علماء الأمة وفقهاؤها ومجتهدوها (هل ثمة من مجتهدين هذه الأيام ...) ، فكيف نقبل أن تنوب السعودية عن الأمة وشعوبها ودولها المختلفة في تحديد تاريخ العاشر من ذي الحجة لغايات موسم الحج ولا نقبل أن يطبق ذلك على تحديد تاريخ الأول من رمضان، ألا تعتبر مراقبة هلال رمضان ضمن الدولة الواحدة "فرض كفاية" بدليل أن رؤية الهلال في مدينة "خميس مشيط" مثلاً في أقصى جنوب السعودية تلزم أبناء مدينة تبوك في أقصى الشمال بالصيام وأهل مدينة الدمام في أقصى الشرق وبينهما آلاف الكيلومترات، لماذا لا يُطبق ذلك على مدينة المنامة في البحرين وبينها وبين الدمام كيلومترات قليلة أو على مدينة معان الأردنية القريبة من تبوك .... ثم لماذا لا نستعيض عن الرؤية المباشرة للهلال بإعتماد الحسابات الفلكية، وللذين يقولون إن في ذلك مخالفة لنص شرعي نقول هل يمثل عدم استعمالنا للخيول في المعارك والحروب مخالفة للآية الكريمة "وإعدوا لهم من إستطعتم من قوة ومن رباط الخيل" ... ؟؟؟؟
القضية ليست معضلة بحد ذاتها ولكنها تثير الحزن والشفقة على حال هذه الأمة التي فرقتها حدود مصطنعة رسمها أعداء الأمة وخصومها ... والتي لولا هذه الحدود لصام وأفطر في ذات الوقت أبناء صنعاء اليمنية والدوحة القطرية ومعان ومعان الأردنية لا بل ودمشق السورية وبغداد العراقية مع أبناء مكة المكرمة السعودية ....
رمضان مبارك وكل عام وأردننا الغالي وأهله الطيبين بألف خير ...
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
02-04-2022 02:39 PM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |