02-04-2022 02:54 PM
بقلم : أ.د رشيد عبّاس
التكتيكات في المنطقة على قدم وساق وآخذة بالتسارع, وإعادة تموضع النظام القيمي التقليدي لكثير من دول المنطقة بات قاب قوسين أو أدنى, وربما ستشهد المنطقة تحالفات جديدة من نوعها في هذا المجال قد تكون مفاجئة لكثير من التوقعات, وبكل صراحة ووضوح نجد اليوم أن (بوتين) قد قلب وبإسرار شديد جميع الأوراق التي رتبتها أمريكا وتحمل شعار الفوضى الخلاّقة وبذلت عليها جهد كبير منذُ زمن بعيد, وكانت أول هذه الاوراق المقلوبة هي غزو روسيا لأوكرانيا بهدف محاولة إعادة ترتيب (النظام القيمي التقليدي) للمنطقة من جديد في ضوء احترام منظومة المبادئ التي تحملها كل امة من الأمم, والعمل من أجل محاربة التحرر القيمي المنفلت.
بوتين يسعى اليوم بجدية عالية من أجل إعادة تموضع النظام القيمي التقليدي من وجهة نظره هو والذي كان يتمسك به ما كان يسمى بالاتحاد السوفييتي سابقاً في المنطقة أمام الفوضى الخلاّقة التي انفردت بها أمريكا وأرعبت بها جميع دول المنطقة وبذرائع وهمية تلك التي كشف بوتين عنها الستارة اليوم, دون خجل أو وجل, وبكل ما أوتي من قوة.
إسرائيل في منطقتنا نمت وترعرعت في فترة (الفوضى الخلاّقة) التي سادة المنطقة, واليوم وامام إعادة تموضع النظام القيمي التقليدي تحاول إسرائيل بناء ناتو جديد في المنطقة حفاظاً على كيانها الغاصب من التقهقر, ولذا فإننا نلحظ اليوم مزيد التحركات اللوجستية متعددة الاطراف في المنطقة, من شأنه تمرير إعادة تموضع النظام القيمي التقليدي باقل الخسائر بالنسبة لإسرائيل, وهذا ربما من شأنه أن يجعل الاسرائيليين يضعوا اسلحتهم جانبا ويرفعوا شعار حمائم السلام مؤقتاً, والحقيقة التي لا تقبل الشك هنا أن حملة بوتين الحالية ستكون قاسية على الاسرائيليين في ضوء إعادة تموضع النظام القيمي التقليدي.
الأردن بموقعه الجغرافي وبمواقف جلالة الملك عبد الله الثاني المبدئية والراسخة سيكون له دور استراتيجي مهم للغاية مهما حاول البعض من تغييب دور الأردن, أو ربما تجاهل مثل هذا الدور, واعتقد جازماً انه لا يمكن باي شكل من الاشكال بناء ناتو جديد في المنطقة حفاظاً على الكيان الاسرائيلي الغاصب من التقهقر, دون أن يكون للأردن كلمة قوية ورأي واضح يؤخذ به, وان محاولة البعض من الالتفاف على الأردن لن يتم طالما أن جلالة الملك عبد الله الثاني حمل ويحمل مبادئ ثابتة وراسخة لا يمكن التخلي عنها أو تجاوزها.
وليعلم الجميع أن تحرك واحدة من تحركات جلالة الملك عبد الله الثاني ربما تلغي أو تعطّل مجموعة من التحركات في المنطقة والمبذول عليها كثير من الجهد والعناء, فالأردن كان وما زال شريك فاعل ومهم في نفس الوقت في المنطقة, وبدون شراكة الأردن في أي مستجد مشاركة فاعله لن تسير القافلة مهما كان وقودها وزادها.
المنطقة اليوم في فوضى عارمة وربما جاء بوتين لإعادة ترتيب اوراق هذه المنطقة من جديد في ضوء نظام قيمي تقليدي كما يراه ويؤمن به ويقتنع به هو, وهناك تحركات في المنطقة مكثفة تؤشر وتؤكد على أن هناك شيء ما في المنطقة قادم, وان إسرائيل وما أدراكم ما إسرائيل اليوم مُحرجة جداً وتريد مخرج مُجغرف (حلف دولي جغرافي مجاور لها لتبني موقف موحد لمشروع بوتين الجديد والقادم)..إسرائيل تطرح على نفسها اليوم سؤال مصيري بالنسبة لها يتمثل في: هل تقف مع أوكرنا أو مع روسيا أم انها تبقى في فلك الأمريكان؟ ومن سيكون معها من دول المنطقة؟.
المهم أن الأردن اليوم بقيادة جلالة الملك عبد الله الثاني وبالتفاف شعبه حوله ورقة صعبة يمكن استثمارها في جميع الاتجاهات..والعقل الأردني اليوم يُحترم من قبل الجميع في المنطقة, فكيف نستثمر كل ذلك..؟
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
02-04-2022 02:54 PM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |