حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
الإثنين ,23 ديسمبر, 2024 م
طباعة
  • المشاهدات: 2292

رمضان في بواكير الصحافة العربية

رمضان في بواكير الصحافة العربية

رمضان في بواكير الصحافة العربية

05-04-2022 11:52 AM

تعديل حجم الخط:

بقلم : محمد يونس العبادي
إنّ قراءة الأوراق الأولى من الصحافة العربیة، تظهر أن شهر رمضان المبارك، حاز على مساحةٍ مهمةٍ فيها. ما يشير إلى أنها ومنذ مھد نشأتھا، أولت هذا الشهر الفضيل، مساحةً بین أوراقها، على قلة الأوراق للأعداد الصادرة، والتي لم تكن تتجاوز في مطلع القرن الماضي الأربع صفحات لكثیر من الصحف.

ومن بين ما كُتب عن الشهر الفضيل، نقرأ في رحاب صحیفة "القبلة"في عددھا الصادر في 2 رمضان 1336هجري، الموافق لعام 1918م، وعلى صفحتھا الثالثة، قصیدة تھنئة للشریف الحسین بن علي – طیب الله ثراه – یقول فیھا صاحبھا عبدالمحسن الصحاف:

شھر الصیام بدا وأنت ھلاله وبك إزدھى بین الوجود جمالھا
طمحت له الأبصار فخراً مدبرات نوراً خباه الله جل جلالھا
رفعوا الأكف لدیھ لما شاھدوا وجھاً بھي النور لاح كمالھا
وتباشروا بجماله مطلع حسنه والكل قد ھامت بأمالھا
أنت الحسین لك المشاعر رحبت فرحاً بعدد جاء تھیف فاله

وعلى صفحتھا الأولى ھنأت "القبلة" بالشھر الفضیل مستعرضة فوائد الصیام الصحیة والأدبیة وشارحةً حركة جیوش الثورة العربیة الكبرى ومجاھدیھا، مما یبدي للقارئ المساحة الكبیرة التي أولتھا الصحیفة للشھر الفضیل.

ونعود في تأملنا للصحافة العربیة إلى نشأتھا، خصوصاً في أواخر العھد العثماني حیث الصحافة لا زالت في بواكیر عھدھا، لنقرأ في صحیفة "الإتحاد العثماني" والصادرة بتاریخ26 أیلول 1908 م الموافق 1 رمضان 1926هـ، خبر إعلان الشھر الفضیل الذي جاء فیه: "في نحو الساعة الرابعة من لیلة أمس ثبت لدى الحاكم الشرعي رؤیة ھلال رمضان المبارك بشھادة أحمد أفندي أبو خلیل رضوان، الذي رآه بعد الغروب بنحو عشر دقائق من مكان مرتفع في محلة الرمل وعلیه نظم الإعلام الشرعي وأرسل إلى ملاذ الولایة ومنه إلى قومندان الموقع، فأطلقت المدافع من الموقع العسكري إعلاماً وتبشیراً وأعتبرت غرة رمضان المبارك الیوم (السبت)
برؤیة ھلاله، ھنأ الله الأمة باقباله وبارك لھا به، ومن علیھا بقبول الصیام والقیام بمنھ وإحسانه ونستعرض في نفس الصحیفة الخبر في العام الذي يليه، وهناك اختلاف بسیط، وجاء فيه: " في نحو الساعة السابعة ونصف من اللیلة الماضیة أثبت وكیل الحاكم الشرعي في بیروت رؤیة ھلال رمضان المبارك وذلك بحضور أصحاب الفضیلة المفتي والنقیب، وغیرھم من أولي العلم وأرسل الاعلام إلى الموقع العسكري فأطلقت المدافع إعلاماً وإجلالاً وأنیرت منائر المساجد الشریفة فھنئ بإقباله العالم الإسلامي بأسره أعاده الله تعالى بالیمن والسعادة".

كما أسست الصحافة المصرية، حضوراً نوعیاً لرمضان في أوراقھا باكراً، ذلك أن افتتاحیاتھا بحثت في العمق في معاني رمضان، فالمتأمل لصحیفة المؤید وأعدادھا –مثلاً– یرى أنھا وضعت القارئ في رحاب الشھر الفضیل فقد أفردت مواضیعاً للصیام وعلاقة علم الفلك بالقران، وغیرھا، ومما نشرت في أعداھا لرمضان عام 1911م، حلقات لحاج مصري یروي فیھا تفاصیل سفره إلى المدینة المنورة بعنوان "من مصر إلى المدینة المنورة "، والتي جاء فیھا: "رست السفینة على مدینة یافا وھي الثغر الأول من الثغور العثمانیة فنزلنا بھا الساعة 12 تماماً ظھراً بعد ألأن أجریت عملیة التطھیر الصحي على الركاب فصلینا صلاة الظھر بالمسجد الكبیر، وركبنا قطار السكة الحدیدیة العثمانیة إلى مدینة القدس الشریف الساعة 1 و40 دقيقة بعد الظھر، فسار بنا القطار بین الجبال المرتفعة تارة والأرض السھلة تارة فشاھدنا في الطریق مقامات الأنبیاء الكرام سیدنا ھود وذو الكفل وسارة صلوات الله علیھم، ثم مر القطار على محطات (اللد) و(الرملة) و (سجد ) و (دیر أبان) ثم وصلنا القدس الساعة الثالثة وخمس دقائق.

وخلال ھذا السرد یروي الحاج المصري، ما رآه من مزروعات كالعنب والبرتقال والتین الشوكي واللیمون، ووصف لبیت المقدس في حلقة ثانیة بقوله : "مسجد أو جملة من والزیتون والذرة والقمح وغیرھا، مواصلاً المساجد مجموعة في فناء واحد محاط بسور كبیر وله عشرة أبواب، بالجھة الغربیة سبعة أبواب على صف واحد وبالجھة الشمالیة ثلاثة أبواب كذلك، أما الأول فھو باب المغاربة وباب الكنیسة وھو المعروف بباب السلسة، وباب الموضأ، وباب القطانین، وباب الحدید، وباب البصیرى، وباب الغوانمة، أما الثاني فھو باب شرف الأنبیاء، وھو الذي دخل منه سیدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وباب حطه وھو الباب الذي یتحتم على الزائر الدخول منه، حیث قوله تعالى: "وأدخلوا الباب سجداً وقولوا حطة نغفر لكم خطایاكم"، وداخل ھذا الباب یكون مستقبل القبلة مقابل باب الصخرة الشریفة وباب الأسباط وھو المعروف بباب الرحمة، وبالجھة الشرقیة بابان متلاصقان أحدھما باب التوبة والأخر باب الرحمة؛ ویواصل الشرح إلى أن یختم حلقةً ثانیة، عن زیارته للقدس الشریف، بقوله: "ومكتوب على باب الصخرة الشریفة قوله صلى الله علیه وسلم: من أراد أن ینظر إلى بقعة من بقع الجنة فلینظر إلى بیت المقدس"، وواصفاً مسجد الصخرة بأنه جمیل الصنع من الشكل بدیع النظام جمیل الزخارف، ذاكراً وجود لوح من الرخام فیه صورة لھدھدان یُسر من ینظر لھما، فسبحان الخلاق العظيم."
هذه الاطلالة، وهذه المقتطفات، تروي جانبا من ملامح التأسيس لأجواء الاحتفاء بالشهر الفضيل، وما زالت باقية في صحافتنا.








طباعة
  • المشاهدات: 2292
لا يمكنك التصويت او مشاهدة النتائج

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم