بقلم : يوسف رجا الرفاعي
في ايام المخاض العسيرة التي يشهدها ويرقب نتائجها العالم الان ، لا يملك احد مساحة من الحرية "المُقَيَّدة " التي كانت تُمنَح ليُناوَر بها الامريكان ، فلا خروج لأحدٍ عن النص الان ، والعقاب يأتي بلا هواده ، والنموذج المكرر اليوم كان في باكستان ، ودفع الثمن على مرأى ومسمع الجميع وبصورة جعلوها تبدو شرعية عمران خان .

اوروبا يوم كان اتحادها في ذروته ، او اوروبا اليوم وقد انفرط عقدها بخروج بريطانيا التي هي احد كُبرائها،
بالنسبة لامريكا ، فإن اوروبا بكل حالاتها ، لم تفلت يوماً من قبضتها ،
هذه ايام حاسمة ، احداثها رغم رَسمِ خطةٍ محكمةٍ لها إلا انه ربما تخرج نتائجها عن مسارها ، وخشية خروج الامور عن السيطرة والخوف من عواقبها ،
ضبطت امريكا كل أوروبا بمهماتٍ أُوكِلت الى كل دولة فيها دون ترك اي مساحة للاختيار او اخذ قرار في هذا المسار الذي إن لم يُحمى بقوة النار سيؤدي حتما الى الانهيار .

لم تكن يوماً امريكا مضطرة الى التكشير عن انيابها من اجل تنفيذ كل ما ارادته الدولة العالمية العميقه في ارجاء الارض ، فكانت وما زالت ارادة الدولة العميقة هذه نافذة دون ان يُكسَر لها موج ، وتم عبر عقود طويلة من الزمن تنفيذ سياسات افضت الى نتائج كارثية على كثيرٍ من شعوب العالم التي معظمها بل جلها من دول العالم ( الثالث ) الذي لا يملك من الامر شيئا ، وكانت تُنَفَّذ عبر رئاسات حريرية ناعمة هادئة .

باكستان دولة محورية في المنطقة وهي دولة نووية وازنة ذات قوه عسكريه تصنيفها السابع على المستوى العالمي وهي الدولة الاسلامية الوحيدة التي تمتلك اسلحة نووية مُعلَنه ولديها اقتصاد قائم على الصناعة والزراعة ، كل هذا اهَّلَها بان تكون نداً لثاني دولة فيها اكبر تجمع سكاني على هذا الكوكب ولديها من الامكانات على كل المستويات ما يفوقها باضعاف مضاعفه وهي الهند ، فهي تُعامِلُها نداً لند.

لم يتغير سلوك خان منذ ظهوره على الساحة السياسية الباكستانيه منذ تسعينات القرن الماضي ، حيث كان معارضاً لسياسة بلاده في تعاملها مع الامريكان والانجليز ، وكان يقولها صراحة بانه يرفض ان تكون بلاده خادماً مطيعاً لهؤلاء ، وبقي على هذا المبدأ الذي انتخبه حزبه ومعه غالبية الشباب والنساء بناء عليه ، والذين خرجوا اليوم الى الشوارع في مظاهرات رافضة لما اقرَّه البرلمان في حجب الثقة عنه ،فما زال عمران على هذا المبدأ حتى الآن ،
"ربما كان الحكم عليه مؤجَّلَاً عقاباً له على نزاهة الانتخاب ، فليس لهذا النوع من الانتخاب ثواب "
اذاً ما الذي حصل فاغضب الامريكان وجعلهم بين عشية وضحاها يؤلبون الناس في الباكستان ويجعلوا لهذا القرار الذي اتخذوه بعزل "خان" وألبسوه صفة الشرعية بتغطية من البرلمان "الحر" ويُخرِجوه من الحكومة بطرفة عين ، الآن !!

ليس الوقت مناسباً لسياسة العصى والجزرة في هذه الظروف الحرجة التي يقف فيها الواعون المراقبون والمدركون خطورة الامر على رؤوس اصابع اقدامهم مدركون ان للاحداث الجارية الان في اوروباً بِغَضّ النظر عن تسميتها كما يقول بوتين بانها عملية
خاصه ، او كما ارادتها الدولة العميقة بان تكون حرباً ، وربما تصبح شامله ،
بكل التسميات الممكنة والمقبولة والمعقولة او بالخروج عن النص في تسميتها ،
فإن العالم من اقصاه الى اقصاه لن يكون بعد هذا المخاض العسير كما كُنَّا مِن قَبلُ نراه ،
حتى ولو كان المولود فأرا .
يوسف رجا الرفاعي