حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
الإثنين ,25 نوفمبر, 2024 م
طباعة
  • المشاهدات: 5320

عمان في الخمسينات .. من ذاكرة الأستاذ عبد الرحمن خالد الطورة

عمان في الخمسينات .. من ذاكرة الأستاذ عبد الرحمن خالد الطورة

عمان في الخمسينات  ..  من ذاكرة الأستاذ عبد الرحمن خالد الطورة

12-04-2022 12:41 PM

تعديل حجم الخط:

بقلم : د. محمد عطالله الخليفات
اول مرة أركب فيها القطار كان عام 1953م حيث أرسلني والدي رحمه الله برفقة ابن عمتي المرحوم محمودعبدالقادر اللواما وذلك لأدرس الصف الثاني الأبتدائي في عمان عند عمي المرحوم بأذن الله تعالى سليمان محمد الجديعات الطوره حيث كان يعمل مدرباً في معسكر العبدلي .ففي الصباح الباكر امتطيت وراء والدي ظهر بغل كان لدينا باتجاه قرية أبو مخطوب حيث لم تكن هناك لاطرق ترابية ولامعبدة للسيارات كما أن السيارات كانت في الشوبك بعدد أصابع اليد الواحدة ومن بينها سيارة في قرية أبو مخطوب يملكها المرحوم خلف علي الهباهبه والد كل من المرحوم الأستاذ علي خلف الهباهبه والمهندس سليمان أبومثنى والمتصرف المتقاعد حسين خلف الهباهبه أبو مروان أطال الله بعمرهما ..ركبنا السيارة باكراً باتجاه محطة القطار في عنيزه التي تبعد حوالي 25كم عن الشوبك وأنتظرنا القطار القادم من معان حوالي الساعة الثامنة حيث توقف لملء خزاناته بالمياه لأنه كان يعمل على البخار ..ركبنا القطار وأنا انتظر ان يتحرك فلفت سلوكي أبن عمتي وسألني بماذا تفكر؟فأجبته متى سيتحرك القطار ؟ فضحك ثم أخذني الى أحدى نوافذ القاطرة أو "الفرقون " كما كانوا يسمونه ،فادركت حينها ان القطار يسير بسرعة وانه قد قطع مسافة لابأس بها حيث كنا بالقرب من محطة جرف الدروايش ..توالت وقفات القطار عند كل محطة لتعبئة المياه ونحن ننتظر متى نصل الى عمان ..كان في القطار على ما أذكر رجل متوسط العمر يقال له أبو محمود وعنده مايشبه البوفيه اليوم حيث يشتري منه الركاب حاجاتهم من السندويشات والشاي طيلة مسافة الطريق ، وبقينا على هذه الحال حتى وصلنا نفق القطار في ام الحيران فطلب منا اغلاق النوافذ كي لايتسرب الينا دخان القطار الكثيف وبعد عدة دقائق خرجنا من النفق وفتحنا النوافذ وتنفسنا الصعداء وماهي الا دقائق معدودة حتى وصلنا المحطة الرئيسية للقطار والتي مازالت موجودة الى الآن ومن هناك ركبنا باصاً الى مكان سكن عمي في منطقة مطلة على مخيم المحطة الذي كان يسمى "بخنيفسة" وهي بدايات جبل الهاشمي الشمالي الحالي اذ لم يكن موجودا حينذاك لاالهاشمي الشمالي ولا الجنوبي ولا ماركا أما ماكان موجودا ومأهولا بالسكان فقد كانت جبال التاج والجوفة نسبيا ومخيم الوحدات وجبل اللويبده والحسين وجبل عمان الى الدوار الثاني تقريباً وما عدا ذلك لايوجد الا مخيم الحسين ومنطقة العبدلي حيث القيادة العامة للقوات المسلحة ...بقينا في منطقة خنيفسة حوالي شهرين ثم انتقلنا للسكن في جبل الحسين وبالضبط على الجهة المطلة حاليا على البنك المركزي ،فقد كانت الأبنية في هذا الجبل معظمها على طرفي الشارع .في ذلك الحين كانت القوات الأنجليزية مازالت موجودة في الأردن حيث كانت بعض عائلاتهم تسكن في نفس المنطقة التي نسكنها ..مع بداية الدوام المدرسي سجلني عمي في مدرسة طارق بن زياد الأبتدائية وكان عدد الصف الثاني الأبتدائي فيها 63 طالباً وقد حصلت في نهاية العام على الدرجة ال16 .. كانت معظم أراضي جبل الحسين خالية من السكان وتزرع بانواع الخضروات وكنت أذهب أوقات العطل عند عمي في معسكر العبدلي سيراً على الأقدام وليس امامي سوى مدرسة مسيحية أعتقد أنها الفرير او تراسنطا أما خلاف ذلك فلا بيوت في العبدلي ولا مستشفيات كمستشفى فلسطين وغيره ..كان مع عمي في معسكر التدريب المرحوم الشهيد محمد ضيف الله الهباهبه الذي كان يعطيني في كل مرة من خمسة الى عشرة قروش وهو مبلغ كبير في تلك الفترة ...عندما كنا نريد التسوق أذهب وعمي راجلين وننزل مع نزول طلعة جبل الحسين نحمل "سبتة" مصنوعة من القصب نضع فيها الخضار واللحمة من السوق المجاورة للمسجد الحسيني ونعود كما قدمنا راجلين اذ كان استخدام السيارات قليل وحتى وسائط النقل العامة كانت قليلة ...في صيف عام 1954 اللاهب أذكر ان تنكات امانة العاصمة كانت ترش الشوارع عند الظهيرة لتبريدها وخلال تلك الفترة شاهدت لأول مرة كل من جلالة المغفور له الملك الحسين وملك العراق المرحوم فيصل الثاني حيث كان في زيارة للأردن حيث اصطففنا كمواطنين صغارا وكبارا على طريفي شارع الملك طلال حيث وقف الموكب هناك لتادية الصلاة في المسجد الحسيني ....عندما أتذكر تلك الأيام وأقارنها بما فيه نحن الآن أدرك أننا قطعنا بل حرقنا مراحل تطور كبيرة في أقل من خمسين عاماً كانت الدول التي سبقتنا في التقدم قد قطعتها بعد حروب واوبئة استمرت لمئآت السنين ، فالحمد لله على هذه النعم الوفيرة التي لو قدر لأجدادنا أن يعودوا للحياة مرة أخرى لظنوا بان هذه هي الجنة التي وعد بها المتقون .








طباعة
  • المشاهدات: 5320
 
1 -
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
12-04-2022 12:41 PM

سرايا

لا يوجد تعليقات
الاسم : *
البريد الالكتروني :
التعليق : *
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :
برأيك.. ما خيارات ترامب للتعامل مع إيران بعد فوزه بانتخابات الرئاسة الأمريكية؟
تصويت النتيجة

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم