13-04-2022 11:43 PM
سرايا - في إحدى قرى ولاية بُهلاء بسلطنة عُمان وعند واحة يحيط بها النخيل، بقي مسجد الرحيب شامخا ومحافظا على بنائه منذ مئات السنين، وشاهدا على تراث المنطقة وعاداتها، وبقيت أركانه تروي للأجيال القادمة براعة ما يتميز به أهالي المنطقة من عادات وتقاليد ترجمتها تفاصيل هذا المسجد.
ولمسجد الرحيب قصة معروفة عند أهالي المنطقة إذ يزعمون أنه سمي بمسجد "الأمانة" وفق رواية يقصها محمد بن حماد بن مرهون الهنائي أحد أعيان المنطقة للجزيرة نت عن تسمية المسجد بهذا الاسم قائلا "سُمي بمسجد الأمانة لأنه يحتفظ بما يوضع بداخله، فيحفظ أمانات أصحابه إلى حين عودتهم".
ويروى أنه في يوم من الأيام ترك أحد الأشخاص خنجره في المسجد، وشاهده أحد المارة وأخذه، وعندما هم بالخروج من باب المسجد وهو يحمل الخنجر فقد بصره، فوقف مكانه وأعاد الخنجر، فرجع له بصره.
وحاول تكرار العملية عدة مرات فكان يفقد بصره كلما هم بالخروج من المسجد وبيده الخنجر ويعود إليه بصره عندما يعيدها إلى مكانها فسُمي بمسجد الأمانة، لمحافظته على الأمانات التي توضع بداخله مهما طالت مدة بقائها إلى أن يعود صاحبها.
تاريخ المسجد
يقول الشيخ حمد بن سنان بن غصن الهنائي إن مسجد الرحيب مسجد قديم جدا، ويقدر عمره بأكثر من 200 سنة، ويحتوي على "صرح" خارجي يستخدم عندما يزيد عدد المصلين، كما يستخدم للإفطار في رمضان، إذ تعلق فيه "الجحال" (مفردها "جحلة) وهي أوان فخارية تستخدم لحفظ الماء باردا.
ويقوم أهالي المنطقة بتعبئة "الجحال" بالماء من فلج (قناة مائية) "الغويف" وفلج "بلادسيت" القريبين من المسجد، وهذه "الجحال" هي مصدر الماء لمرتادي المسجد والمارة.
ويوجد خلف الصرح "النضد" وهي غرفة صغيرة تستخدم لتخزين التمور، ويقول محمد بن حماد الهنائي إن هذه الغرفة كانت تستقبل كميات كبيرة من التمور، سواء أكانت من أموال المسجد أو من تبرعات أهالي المنطقة.
ورغم قدم المسجد والتغيرات المناخية، فإن مسجد الرحيب ما زال يحتفظ ببنائه، وبين جدرانه الترابية الصلبة يحكي الهنائي عن جودة بناء المسجد قائلا "بُنيت جدران المسجد من الصاروج وهو طين محروق يُصنع محليا، ولا يتآكل بفعل العوامل البيئية والمناخية وإنما يظل محتفظا بقوته وصلابته عبر مئات السنين".
أما أبواب المسجد فهي مصنوعة من الأخشاب العُمانية وبالتحديد من خشب شجرتي السدر والسمر، ولا تزال هذه الأبواب تحتفظ بجودة النجارة المحلية وجمال زخارفها.
جودة البناء
ويتابع الشيخ الهنائي حديثه عن جودة بناء مسجد الرحيب ومهارة البناء والدقة اللامتناهية في تفاصيله فيشير إلى الزخارف الموجودة في نوافذ المسجد، كما يتحدث عن صلابة السور المحيط بالمسجد الذي بُني محليا من الحجارة والطين.
ورغم وجود المسجد على ضفة وادي المنتق، وكما هو معروف في أحيان كثيرة عند غزارة الأمطار قد يؤثر الوادي على الأبنية والممتلكات القريبة من ضفتيه، فإن مسجد الرحيب لم يتأثر بالوادي.
وانطلاقا مما تشهده محافظة الداخلية من اهتمام أهاليها بترميم الأماكن التراثية وتحويلها إلى مزارات سياحية واستثمارها في إنعاش الحركة السياحية والاقتصادية بالمنطقة، يأمل أهالي قرية بلادسيت الموجود بها المسجد، ترميمه والحفاظ عليه.
وطبقا للإحصائيات الموجودة بموقع وزارة الأوقاف والشؤون الدينية بسلطنة عُمان، فإن عدد الجوامع في السلطنة يصل إلى 15 ألفا و770 جامعا ومسجدا موزعة على مختلف محافظات السلطنة، وتضم محافظة الداخلية العدد الأعلى من المساجد إذ يوجد بها 3105 مساجد وجوامع.