23-04-2022 11:26 AM
سرايا - رمضان شهر العبادات، وهو أيضا موسم الإنتاج الدرامي في مختلف أنحاء العالم العربي، إذ تنتج مسلسلات بتكلفة تتجاوز مليارات الدولارات سنويا.
وبحسب إحصاءات غير رسمية، أنتج خلال الموسم الرمضاني الحالي 172 مسلسلاً عربيا.
وهو ما قد يتطلب 86 ساعة في اليوم الواحد لمشاهدتها جميعا.
وتستحوذ مصر على نصيب الأسد من الإنتاج الدرامي، فهي الدولة العربية الأكثر إنتاجا لمسلسلات رمضان، إذ أنتجت خلال هذا الموسم 36 مسلسلا عربيا تُعرض على قنوات مصرية وعربية مختلفة.
أوضاع اقتصادية صعبة و أجور بالملايين.
تتداول مواقع التواصل الاجتماعي أرقاما ضخمة تتعلق بتكلفة إنتاج هذه المسلسلات وأجور الممثلين فيها، بحيث تصل إلى 45 مليون جنيه مصري أي ما يقرب من 2.4 مليون دولار أمريكي لأحد أبطال هذه الأعمال الدرامية المقدمة لهذا الموسم، وهو الأعلى أجرا خلال رمضان 2022 ، وهي أرقام غير رسمية لم تتمكن بي بي سي من تدقيقها.
وتعاني مصر من ظروف اقتصادية صعبة تراجع على إثرها سعر صرف الجنيه المصري بنحو 15 % خلال يوم واحد بنهاية مارس / آذار الماضي.
يشكك بعض المصريين الذين تحدثنا إليهم في جدوى إنفاق هذه المليارات على المسلسلات بينما تئن البلاد من وطأة تضخم طاحن وارتفاع بالأسعار تراوح بين 20 - 50 في المئة.
ويعيش نحو 60 % من المصريين تحت خط الفقر وفقا لتقرير للبنك الدولي في مايو / أيار 2019.
بينما يدافع آخرون، عن هذه الأرقام التى تبدو مبالغا فيها على اعتبار أنها دليل على جودة المنتج.
لا جديد هذا العام
ويقول الناقد الفني، أحمد سعد الدين، لبي بي سي، إن تكلفة المسلسل الواحد تتراوح بين من 30 إلى 40 مليون جنيه مصري أي ما يعادل تقريبا مليار و مئتي مليون جنيه مصري للموسم بالكامل، وهو رقم عادي للغاية مقارنة بالسنوات السابقة ولا يوجد شيء مختلف هذا العام.
وأضاف أن هذا الرقم لا يخص شهر رمضان وحده وإنما يمثل إجمالي تكلفة الإنتاج الدرامي المصري على مدار العام.
ويرى سعد الدين أنه على مدار الـ 15 سنة الماضية، تتحكم وكالات الإعلان في الإنتاج الدرامي المصري و العربي عموما.
ويتفق العاملون في المجال على أن وكالات الإعلان أصبح لها اليد العليا، فهي ترغب منتجو الدراما على تكثيف إنتاجهم لشهر رمضان، على ان تُعرض على مدار العام وهو ما يضر بجودة الدراما المصرية والعربية على وجه العموم وحجم مشاهدتها وتفاعل الجمهور معها.
احتكار الإنتاج الدرامي المصرية
في مصر، أنتجت الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية نحو 14 عملاً خلال الموسم الرمضاني الحالي، وهي شركة تشير تقارير صحفية إلى أنها مملوكة لجهة سيادية.
وعلى رأسها مسلسل "الاختيار-3" ، وهو الجزء الثالث من الدراما الرمضانية، الذي يوثق لمرحلة حكم الرئيس المصري الراحل، محمد مرسي، قبل أن يطيح به الجيش، ليتولى الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي الحكم في البلاد.
بينما أنتجت شركات خاصة 16 عملاً منفردة أو عبر إنتاج مشترك مع شركات عربية ، وبحسب هذه الأرقام تقلّص الإنتاج الدرامي الرمضاني للشركة المتحدة للخدمات الإعلامية، إلى النصف تقريبًا خلال هذه الموسم بعد شبه احتكار دام مدة 4 سنوات
ويؤكد الناقد الفني المصري، سعد الدين، أن الأرقام التي تُتداول على مواقع التواصل الاجتماعي، ليست صحيحة نهائيا وأنها ليست أكثر من مجرد ضجة إعلامية أحيانا تكون مقصودة بهدف الترويج للمسلسل نفسه
ويضيف "معظم النجوم والمنتجين يحاولون تضخيم الأرقام المتعلقة بإنتاج العمل الدرامي للادعاء بأن العمل تكلف هذه الأرقام لزيادة الطلب على العمل نفسه باعتباره عملا مرتفع الجودة، والأرقام الحقيقة لا تتجاوز ربع الأرقام المعلن عنها غالبا"
وتتطرق معظم مسلسلات المصرية خلال هذا الموسم الرمضاني للتحديات الأمنية التي مرت بها البلاد خلال السنوات العشر الأخيرة، وقضايا المرأة، إلى جانب الكوميديا
وركّزت الدراما الاجتماعية القليلة بالأساس خلال هذا الموسم الرمضاني على مخاطبة شريحتين اجتماعيتين شديدتي التناقض والتباعد
وهما الطبقة شديدة الفقر، التي وجّهت إليها جرعة مكثفة من الأعمال التي تعزز صورة البطل الشجاع، الأقرب إلى "البلطجي". وتضم الشريحة الثانية أصحاب الثروات والنفوذ، وهي أقليةٌ محدودةٌ مقارنة بعشرات الملايين من محدودي الدخل ومعدوميه.
لكن التركيز على هذا النمط من الدراما - بحسب مشاهدين التقت بهم بي بي سي - يحرم المشاهدين من الدراما التاريخية والدينية التي كانت تقدم عادة خلال شهر رمضان في السنوات الماضية.
ورغم المبالغات في الأرقام التي سُربت بشأن تكلفة الإنتاج هذا العام ، يشكو بعض النقاد من تراجع المستوى الفني للأعمال المقدمة.
في هذه الأثناء يشكو الناقد الفني اللبناني، محمد حجازي ، في حديث لبي بي سي من تراجع المحتوى العربي في الدراما المصرية بحيث أصبحت الدراما المصرية "منغلقة على قضايا الداخل" و لم تعد تولي اهتماما بالقضايا الأوسع التي تمس بقية مواطني الدول العربية.