24-04-2022 11:26 AM
بقلم : الدكتور أحمد الشناق - أمين عام الحزب الوطني الدستوري
يمر الأردن بمرحلة إنتقالية بين مرحلتين تاريخيتين مختلفتين، بما جرى من تحديث وتطوير على النظام السياسي نحو نقلة نوعية بالحياة السياسية والحزبية والبرلمانية، لشكل جديد في إدارة شؤون الدولة بإعتماد نمط الحزبية وصولاً لحكومات حزبية برلمانية من خلال المشاركة الشعبية في عملية إنتخابية.
إن إعتماد القائمة الحزبية في قانون الانتخابات النيابية، هو تطوير على الديمقراطية النيابية وأركان النظام البرلماني الأردني، ونظام الحكم النيابي الملكي الوراثي.
فهل التشريعات المتعلقة بالدستور والأحزاب والانتخابات، تكفي وحدها بعد أن أصبحت نافذة لحياة سياسية وبرلمانية جديدة ؟ أم تحتاج البلاد لثورة ثقافية تكمل مسار التحديث وتبلغ به إلى أهدافه الحقيقية، ولتمنح للشعب فرصة التغيير بإرادته، وبما يجنب الوطن التغيير العنيف المفاجئ في البنية السياسية والإجتماعية للدولة، وكيف السبيل بهذا المخاض بولادته الجديدة الذي جاء بمبادرة وإرادة سياسية وطنية من الملك، للإنتقال إلى مرحلة جديدة تعبق بالحرية ودور المواطنه الفاعلة، ولتحرك شعبي كمشروع وطني كبير ، في تجديد الدولة بإعادة إنتاجها سياسياً بقواعدها الإجتماعية وكفاءة إنسانها بوعاء حاضن للعقل الجمعي للأردنيين في حزبية برامجية منتمية لوطنها، ومنح المواطنين الغطاء القانوني للمشاركة الوازنة في إدارة الشأن العام، وفسح المجال أمام المعارضة لتقاسم السلطة بشرعية سياسية ودستورية، وما جرى من تطوير للعملية الانتخابية، ونتساءل هل سيحقق الإصلاح المنشود على الركن الأول في نظام الحكم بمؤسسة البرلمان القائم على الكتل البرامجية أهدافه بتجديد النخب السياسية من قواعد شعبية ؟ في ظل هذا التسلل والإستعجال بإختراق الصفوف الامامية للقيادة السياسية كمنتج للتحديث السياسي، بتشكيلات أقرب ما تكون لتدوير النخب القائمة، وقبل آوان الحراك المجتمعي وإفرازات القواعد الإجتماعية من خلال تغيير في منظومة قيم ثقافية مجتمعية سادت لفترات افقدت الثقة بالنظام النيابي المعبر عن الأمة كمصدر للسلطة وركن اول في نظام الحكم النيابي الملكي الوراثي ؟ وهل سيشهد المستقبل السياسي ترقيعات وعلى حساب صناعة التاريخ الجديد للدولة بالإنتقال إلى الديمقراطية المتجددة كنموذج وطني، وليكون الأردن مركزاً للإشعاع في موج عواصف هوجاء على المنطقة بشكل دولها المهددة بإعادة الصياغة، بإستغلال عدم استقرار مجتمعاتها وصراعاتها على أحداث تاريخية، أو عدم استقرارها بغياب العدالة الإجتماعية والبطالة والفقر وتوفر العلاج والسكن ودخل للأسرة بحياة كريمة وغياب للعدالة بتوزيع الثروة وحصة الفرد من الناتج القومي، وهي عوامل تنبئ بثورات إجتماعية التي قد لا تكتفي بتغير الحكومات، في حال عدم الإستجابة للمؤثرات الداخلية، ويبقى سؤال فلسفي وفكري وثقافي يتعلق بمستقبل الدولة الوطنية الجديدة، بمعطيات وتحولات تاريخية على المنطقة والإقليم، في ظل تحولات عالمية بترتيباتها الجديدة.
لماذا الثورة الثقافية كمقدمة للإنتقال من مرحلة تاريخية إلى مرحلة تاريخية جديدة بتحديث الدولة ؟
الهدف من الثورة الثقافية تغيير المرتكزات والمفاهبم المجتمعية التي لم تعد مناسبة لدولة عصرية ديمقراطية، فالثورات الثقافية الكبرى في تاريخ المجتمعات، استطاعت تلك الثورات تغيير المجتمعات من خلال التغيير الثقافي الذي يؤدي إلى استنباط قيم جديدة بتطوير على قيم قائمة وسابقة، وجعلها قادرة على نقل التفكير الجمعي بما يضمن سلوكاً جمعياً يتناسب مع مرحلة تاريخية جديدة.
ثقافة مجتمعية لا تتوقف عند تشريعات وأقوال، ولا أشكال مظهرية ديكورية، إنها قيم تتغلل في روح المجتمع وتؤثر في العقول، وتعمل على تطوير السلوك المجتمعي بما يستنهض منظومة القيم الجديدة، ومع نبذ للقيم السلبية، قيم جديدة تضمن وحدة الرؤى وتنمّي الروح الحية في الوطن، قيم جديدة تُنهي ظاهرة المتملقين والإنتهازيين والواسطة والمحسوبية والرشوة والفساد المالي والسياسي بأشكاله وآليات تفاعله المجتمعية المختلفة في أوساط المجتمع، وكافة القيم غير الجيدة والطارئة على المجتمع الأردني بعلاقته مع الدولة والسلطة السياسية. فأساس التحديث السياسي يتطلب حاضنة إجتماعية نقية لإنطلاقة مسيرة الإصلاح نحو نموذج ديمقراطي اردني متجدد بحواضن إجتماعية، تعبّر عن طموحاتها وآمالها وهمومها وتطلعاتها، بعقلانية وتوازن في إطار الشرعية الدستورية بمؤسسات الدولة .
نعم نحن نحتاج إلى ثورة ثقافية بإستراتيحية دولة تعيد هيكلة عديد الوزارات والمؤسسات بأداء دورها الجديد، بتحريك مجتمعي ثقافي وفعّال ، يتداخل مع النسيج الإجتماعي، وتنفتح على كل العقول لتحريك الطاقات والكفاءات الكامنة، والإرتقاء بمستويات الحوار إلى التفكير السليم المتوازن ليكون قادراً على التحول والانتقال إلى مرحلة جديدة وبما يواكب هذا التحديث على نظامنا السياسي ومستجدات العصر بمواجهة تحديات أردنية بعقل وخلق في إيجاد الحلول، ولحماية الدولة الوطنية الأردنية في مملكة هادئة نحو المستقبل السياسي للأردن، ثورة ثقافية في الأزمة الراهنة وطنياً وإقليمياً وعالمياً، لإيقاف حالة التفكك سمة هذه المرحلة بتحولاتها، نعم لثورة ثقافية بخوض معركة أفكارها، لإحداث نقلة نوعية بحياة الأردنيين السياسية، نحو مملكة هادئة مزدهرة بمواطن يعيش فيها بكرامة ورفاه، وبمكانة لها تحت الشمس
نعم لثورة ثقافية تمنح الشعب فرصة التغيير في مسار التحديث السياسي لتحقيق الأهداف الوطنية بأقدام تمشي على الأرض نحو دولة وطنية ديمقراطية حديثة
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
24-04-2022 11:26 AM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |