29-04-2022 02:40 PM
بقلم : سلمان الحنيفات
منذ النصف الأول من القرن العشرين تم الاهتمام بهذا الجهاز وتطويره والاستفادة منه للرقي بالمؤسسات والمنظمات، حيث تم استعماله في الأعمال التجارية والصناعية، تم تعميمه على كل المؤسسات الأخرى باختلاف أنواعها حين أدركت هذه المؤسسات أنه من واجبها لتستمر أن تتقرب من الجمهور وتوطد علاقتها به سواء كان جمهورا داخليا أو خارجيا، لكن هذا الجهاز لم يلقى الاهتمام به بالمؤسسات العربية مثلما حظي به في الدول الغربية، وذلك راجع لعدم وعي الدول النامية بأهمية وضرورة العلاقات العامة لنجاح المؤسسة ، بسبب اختلاطها مع مفاهيم أخرى قريبة منها، وما زالت هذه المؤسسات وإن كانت قد تطورت تطورا ملحوظا منذ العقد الأخير من القرن العشرين تهمش هذا الجهاز الإداري تهميشا يتطلب اهتماما موسعا وتكوينا مستمرا حتى يدخل شيئا فشيئا في النمط الإداري العربي العصري.
وبالنسبة لتعريف هذا الجهاز ونظراً لأتساع الدائرة التي يهتم بها هذا الجهاز كانت هناك تعريفات عديده حسب الباحث والنمط الذي قام عليه وتم صياغة المفهوم من خلاله فنجد تعريفات عديده صدرت عن مؤسسات دولية.
تعريف قاموس (اكسفورد)هي الفن القائم على أسس علمية لبحث أنسب طرق التعامل الناجحة المتبادلة بين المنظمة وجمهورها الداخلي والخارجي لتحقيق أهدافها مع مراعاة القيم والمعايير والسنن الاجتماعية والقوانين والأخلاق العامة بالمجتمع.
تعريف الجمعية الدولية : هي وظيفة إدارية ذات طابع مخطط ومستمر تهدف من خلالها المنظمات والهيئات العامة والخاصة إلى كسب تعاطف وتأييد أولئك الذين تهتم بهم، والحفاظ على ثقتهم عن طريق تقييم الرأي العام المتعلق بها من أجل ربط سياستها وإجراءاتها قدر الإمكان ومن أجل تحقيق تعاون مثمر أكثر كفاءة عن طريق تخطيط المعلومات ونشرها.
اختلط هذا الجهاز في العديد من التعريفات التي جعلت منه غير صالح في الدول العربية ولا تهتم له الإدارات العليا مما تسبب في العديد من الأخطاء مع الجمهور الداخلي والخارجي لعدم وصول الرسالة الحقيقية لهذه الجماهير ، حيث اختلط عمل هذا الجهاز مع الاعلام من ناحية ومع الدعاية من ناحية أخرى ومع التسويق، مما جعل منه جهاز غير فعال في العديد من المؤسسات ولا تهتم له الادارة العليا .
لكن عندما يتم التعمق بعمل هذا الجهاز سوف نجد انه يعمل بالعديد من الوظائف التي لا يستطيع اي موظف في أي دائرة او شركة او مؤسسة حكومية ان يقوم بها ما لم تكن عنده الدراية التامة في عمل هذا الجهاز لان إدارة هذا الجهاز من قبل متخصصين يوفر الكثير من الجهد والعمل على تلك الدوائر ، فهذا الجهاز يقوم على العديد من الاعمال داخل المؤسسة ، التخطيط ، التنظيم ، الاتصال ،الإداره ، التنسيق ، والتقويم ويقصد بالتقويم قياس مدى نجاح هذا الجهاز .
لكن هناك العديد من المشكلات التي تواجه عمل هذا الجهاز عربياً كغيره من الأجهزة الإدارية المتواجدة في التنظيمات،بحيث تعاني العلاقات العامة من مجموعة مشكلات قد تحد من فعاليتها ولعلها أحد أسباب عزوف الإدارات العربية بشكل خاص على توظيف العلاقات العامة كجهاز إداري رئيسي يمارس نشاطه من أجل صناعة الصورة الكلية للمؤسسة، والانطباع السائد حول وظيفة العلاقات العامة بانها وظيفة فقط لاشخاص يجلسون على ابواب الشركات او المؤسسات ، وعدم صلاحية هذا الجهاز بسبب قلة المهارات المطلوبة لأداء هذه الوظيفة ، وعدم وجود مهنية لأشغال هذه الوظيفة المهمة في الشركات ، وعدم وجود تنظيم مهني للعلاقات العامة بحيث وضع كل شخص بالمكان المناسب فنرى العديد من المؤسسات لديها موظفي علاقات عامة من تخصصات اخرى يعملون بهذه المهنة .
الواقع الإداري الذي تعيشه الإدارة العربية يتطلب في الحقيقة اهتماما كبيرا بموضوع العلاقات العامة، لا ننكر وجود بعض المحاولات لجعلها واقعا إداريا، ولا ننكر كذلك وجود باحثين وأكاديميين لهم القدرة على إدارة المؤسسة وفق مبادئ العلاقات العامة ووفق برامجها، ولكن الواقع يقول عكس ذلك ، فلو تمعنا في الإدارات الغربية من حيث الشركات والمنظمات فسنجد أن الإدارة لا يمكن أن تعمل على صياغة الإستراتيجية الكلية للمؤسسة ولا حتى الفرعية دون العودة إلى مسؤول العلاقات العامة كونه أعرف الموظفين بالجمهور، وكونه الأكثر دراية بما يجب فعله، نسبة كبيرة جدا من تلك المؤسسات تدير أزماتها من خلال قسم العلاقات العامة، لذلك نراها من اوائل المؤسسات في العالم .
لذلك يجب ان ندرك اهمية عمل رجل العلاقات العامة في الدول العربية ،فهم من يصنع صورة المؤسسات لدينا، لذلك فإن الاهتمام بالعلاقات العامة هو حتمية إذا كنا نريد صناعة الإدارة المثالية المواكبة للعصر والقادرة على خوض الحروب بأقل خسائر ممكنة، لأن وسط المؤسسات هو وسط عنيف يأكل فيه القوي الضعيف