02-05-2022 04:07 AM
سرايا - تسعة عشر كاتبًا من بلاد عربية وأجنبية يشاركون في كتاب «نجيب محفوظ شرقا وغربا» الذي أعدَّه الكاتبان مصطفى عبدالله وشريف مليكة، وشارك في تحريره ومراجعته الكاتب أحمد كمال زكي.
وقع الكتاب في حوالي أربعمائة صفحة وصدر عن دار غراب للنشر والتوزيع بالقاهرة، وشارك فيه من الكتاب الأجانب الذي سبق أن قدَّموا ترجمات محفوظ بالإنكليزية، كل من روجر آلان وريموند ستوك.
يضم الكتاب مجموعة من الدراسات والشهادات المهمة التي تدور حول نجيب محفوظ الكاتب والإنسان، ذلك أن عميد الرواية العربية لم يكن كاتبا عاديا، بل كان كاتبا فذا، وكان إخلاصه لمحليته ولقضايا وطنه سبيلا لانطلاقه عالميا، فأصبح أدبه عاكسا للأدب العربي كافة، وليس الأدب المصري فحسب، وكان ولا يزال أول كاتب عربي يتوَّج بجائزة نوبل للآداب عام 1988 وهي الجائزة – التي لم تزل - الأكبر والأرقى في العالم.
يرى د. أحمد درويش في تقديمه للكتاب أن هذه الكتابات - التي احتواها الكتاب – تؤكد في مجملها المعنى الذي قاله محفوظ نفسه في رثاء صديقه الفنان الكبير محمد عبدالوهاب: «لقد أخذ الموت منك ما استطاع، وترك لنا ما لا يمكن للموت أن يأخذه وهو روح الفن العظيم». ويؤكد على أن الكتابة بالنسبة لمحفوظ كانت «نفَس الحياة».
ويتحدث د. صبري حافظ عن جائزة نوبل وجدليات العلاقة مع الغرب، والأدب العربي وجمهورية الأدب العالمية، مؤكدا أن ترجمة ثلاثية محفوظ الشهيرة إلى الفرنسية هي التي جلبت له نوبل، مشيرا إلى أن الأدب العربي أكثر توفيقا في هذه اللغة، وإن كانت اللغة الفرنسية أقل أهمية من حيث توفير النص لقراء العالم الأوسع من اللغة الإنجليزية. والدليل على ذلك أن «الثلاثية» باعت في طبعتها الإنجليزية أكثر من نصف مليون نسخة. وأن تلك المبيعات تجاوزت مبيعات كل رواياته مجتمعة في اللغة العربية.
وعن اهتمام محفوظ بموضوع الترجمة، يوضح حافظ أن صاحب نوبل لم يسعَ إلى الترجمة ولم ينشغل بها، فقد كان همه الأساسي وربما الوحيد – وهذه من أهم فضائله – هو الكتابة لقارئ اللغة التي يكتب بها، والتعبير عن واقعه وصبواته ورؤاه والفاعلية في مناخه الثقافي.
أما د. حسين حمودة فيتناول «العتبة» في روايات نجيب محفوظ على المستويين الحرفي والمجازي، حيث تتردد مفردة «العتبة» في روايات محفوظ وتتصل بشخصيات متنوعة وبمواقف متباينة وسياقات مختلفة، ولكنها – في هذا كله – لا تنفصل عن دلالات تقود إلى معنى الاجتياز أو محاولته أو العجز عنه.
طبعت التعامل التداولي مع النص، ووسمت قراءته بالتعدد والتردد والتناقض أيضا. موضحا أن دراسته تطمح إلى أن تفتح بابًا جديدًا لدراسة أجناسية «المرايا»، وعلى ذلك فهو يتناول القضية الأجناسية في «المرايا»، متسائلا: ما الرواية السيرذاتية»؟ مجيبا أنها ليست سيرة ذاتية. وهنا يتوقف ميهوب عند طفولة نجيب محفوظ، ودراسته في الجامعة، ووظيفته، وأصدقائه ومعارفه، والتناص الذاتي في أعماله، والمشروع السيرذاتي عنده، ويستخلص من ذلك كله أن رواية «المرايا» نص متميز بين قائمة روايات نجيب محفوظ الأخرى، متميز بنمط السرد المتشظي الذي اختاره، ومتميز بالتفات محفوظ بعد توقف دام خمس سنوات عن الكتابة، وعقب نكسة 1967 إلى ذاته يتأمل ما انقضى من سنوات عمره.
وعن قضية الكتابة عند عميد الرواية يتوقف أحمد فضل شبلول، مستعرضًا آراء محفوظ نفسه في هذه القضية من خلال الرجوع إلى عدد كبير من حوارات صاحب «ميرامار» في بعض الصحف والمجلات العربية.
أما الكاتب والمفكر د. ماجد موريس إبراهيم فيكتب عن «الحس الصوفي عند نجيب محفوظ» من خلال البحث في دائرة المكان، والبحث في دائرة الزمان، وأين توجد الحقيقة؟
ويكتب سامي البحيري عن «حضرة المحترم العائش في الحقيقة»، ويتحدث محمود الشنواني عن أسرار التركيبة المحفوظية، التي تلخصها عبارته: «بنيت حياتي على الحب؛ حب الحياة وحب الناس وحب العمل، وأخيرا حب الموت».
أما الروائي والقاص د. شريف مليكة فيكتب تحت عنوان «الإنسان المهول .. صاحب القلم السخي» متذكرا لقاءاته مع محفوظ أثناء أجازاته من عمله بجامعة جونز هوبكنز بأمريكا، مختتما مقاله بكلمات من نور وردت في مدخل «ملحمة الحرافيش» يقول فيها محفوظ: «في ظلمة الفجر العاشقة، في الممر العابر بين الموت والحياة، على مرأى من النجوم الساهرة، على مسمع من الأناشيد البهيجة الغامضة، طرحت مناجاة متجسدة للمعاناة والمسرَّات الموعودة لحارتنا».
ويختتم الكاتب الصحفي مصطفى عبدالله الجزء العربي في كتاب «نجيب محفوظ شرقا وغربا» بمقال يحمل عنوان «اعترافات فيلسوف الرواية العربية» مؤكدا أن أجواء الإسكندرية الصافية انعكست على مزاج نجيب محفوظ، وبدت فيما صدر عنه من اعترافات وآراء بالغة الصدق والجرأة والصراحة، حتى أن مريديه في الثغر كانوا وهم يودعونه، بعد انتهاء لقاء الأربعاء، يتعجلون عودته يوم السبت التالي لاستئناف مجلسه السكندري.