07-05-2022 10:04 AM
سرايا - على عكس ما يظن الكثيرون، فإن الكمامات لا تصنع من الورق، بل من مادة البولي بروبيلين البلاستيكية، وهي جزء من عائلة اللدائن الحرارية المضرة بالبيئة، لذلك يصعب التخلص منها بسهولة.
نفايات الكمامات يمكن استخدامها في مجالات مختلفة
ربما تكون جائحة كورونا قد ولت لكنها خلفت وراءها عشرات آلاف الأطنان من نفايات الكمامات ذات الاستخدام الوحيد، والتي أصبحت تشكل معضلة بيئية عالمية. وللحد من مخاطر هذه النفايات ابتكر الباحثون طرقا مختلفة لإعادة تدوير المواد التي صنعت منها الكمامات.
وأثار الارتفاع الكبير في النفايات البلاستيكية الناتجة عن جائحة كوفيد-19 إنذارات على مستوى العالم. وقدرت كميات الكمامات المستخدمة يوميا في أوج الجائحة بحوالي 7200 طن. ينتهي الأمر بحوالي 75% منها، بالإضافة إلى النفايات الأخرى المرتبطة بالوباء، في مدافن النفايات، أو طافية فوق مياه البحار.
الكمامات تتحول إلى معضلة بيئية
وعلى عكس ما يظن الكثيرون، فإن هذه الأقنعة الطبية لا تصنع من الورق، بل من مادة البولي بروبيلين البلاستيكية، وهي جزء من عائلة اللدائن الحرارية المضرة بالبيئة، لذلك يصعب التخلص منها بسهولة. وقد تستغرق الأقنعة البلاستيكية ما يصل إلى 450 عاما لتتحلل وتختفي تماما من البيئة.
ووفقا لبعض التقديرات استخدم البشر في ذروة الجائحة ما يقدر بنحو 129 مليار قناع للوجه و65 مليار قفاز بلاستيكي كل شهر. وقدرت دراسة دولية نُشرت في يونيو/ حزيران 2020 أن العالم يتخلص من 3 ملايين كمامة كل دقيقة.
تشق هذه الأقنعة التي تلقى في الشارع طريقها للاستقرار في التربة أو المياه البحرية عبر المجاري المائية والأنهار، لتضاف إلى ملايين الأطنان من الحطام العائم على سطح المحيط.
وقدر عدد الكمامات التي وصلت إلى محيطات الكوكب في العام الأول من الجائحة بحوالي 1.5 مليار ستتحلل بمرور الوقت إلى لدائن دقيقة، ومن المحتمل أن تتغذى عليها الأسماك والحيوانات البحرية الأخرى. وللحد من هذه المخاطر، طور باحثون طرقا مبتكرة لا تخلو أحيانا من الطرافة رغم جديتها.
إنتاج إسمنت أكثر متانة
أول هذه الحلول المبتكرة، فكرة دمج الكمامات القديمة في خليط الإسمنت لإنشاء خرسانة أكثر قوة ومتانة، وهي الفكرة التي طرحها مؤخرا باحثون من جامعة ولاية واشنطن ووفقا لبيان صحفي للجامعة، أظهر الفريق البحثي أن الخليط الذي يحتوي على مواد الأقنعة كان أقوى بنسبة 47% من الإسمنت شائع الاستخدام.
من المعروف أن عملية إنتاج الإسمنت تعتبر من بين الصناعات الأكثر تلويثا للبيئة، وهي مسؤولة عما يصل إلى 8% من انبعاثات الكربون في جميع أنحاء العالم. ويلجأ المنتجون أحيانا إلى إضافة الألياف الدقيقة إلى الخرسانة الإسمنتية لتقويتها. ويمكن للخرسانة المسلحة المصنوعة من الألياف الدقيقة أن تقلل من كمية الإسمنت المستخدمة فيها، مما يساهم في خفض انبعاثات الكربون بالإضافة إلى خفض التكلفة.
وفي الدراسة الجديدة، طور الباحثون طريقة لتصنيع ألياف صغيرة من الأقنعة الطبية، يتراوح طولها من 5 إلى 30 مليمترا، ثم قاموا بإضافتها للإسمنت البورتلاندي العادي بعد خلطها في محلول من أكسيد الغرافين بهدف تقويتها ومنع تكسيرها. ويوفر أكسيد الغرافين طبقات رقيقة تلتصق بشدة بأسطح الألياف التي تمنع حدوث تشققات صغيرة في الخرسانة وتطيل عمرها.
تحويل الكمامات إلى بطاريات
توصل فريق من الباحثين من المكسيك والولايات المتحدة إلى طريقة لتحويل نفايات الكمامات الطبية إلى بطاريات يمكنها تخزين القدر نفسه من الطاقة مثل بطاريات الليثيوم أيون، ويمكن أيضا أن تكون منخفضة التكلفة.
وقام الباحثون في الدراسة بتطهير الكمامات باستخدام الموجات فوق الصوتية، وغمسها في حبر مصنوع من مادة كربون الغرافين المعروفة بموصليتها الممتازة. ثم قاموا بضغط الأقنعة المطلية بالغرافين وتسخينها لصنع حبيبات صغيرة استخدمت لصنع قطبي البطارية. ولتحسين قدرة الأقطاب على الاحتفاظ بالشحن، تمت تغطيتها بمادة خاصة من أكسيد الكالسيوم والكوبالت.
كما استخدم الباحثون أيضا الكمامات لصنع الطبقة العازلة الفاصلة بين القطبين بعد نقعها في إلكتروليت، ثم لفوا الجهاز في علبة واقية مصنوعة من عبوات الدواء البلاستيكية.
النتيجة كانت مبهرة، فقد أظهرت هذه البطاريات قدرة على تخزين الطاقة مماثلة لبطاريات الليثيوم أيون التجارية الحالية، لكنها تتميز عليها بكونها يمكن أن تكون رفيعة ومرنة وأقل كلفة بكثير.
الكمامات لصناعة أدوات طبية
في بريطانيا تعمل مجموعة من المؤسسات الصحية على إعادة تدوير الملايين من معدات الوقاية الشخصية التي يتم التخلص منها في المستشفيات وخاصة منها أقنعة الوجه.
وكانت النفايات البلاستيكية قد زادت في مستشفيات بريطانيا بشكل كبير خلال جائحة كوفيد-19، حيث يتم سنويا توزيع ما يعادل 28 ألف طن من معدات الحماية الشخصية، بما في ذلك حوالي مليار كمامة في هيئة الخدمات الصحية البريطانية لاستخدامها من قبل الأطباء وأطقم التمريض وباقي طاقم المستشفيات في المملكة المتحدة، ومعظمها لا يتم إعادة تدويره.
لذلك عقد صندوق إمبريال كوليدج للرعاية الصحية شراكة مع هيئة الخدمات الصحية البريطانية وإحدى كبريات شركات تصنيع معدات الوقاية لتحويل النفايات إلى منتجات جديدة مثل قباقيب غرف العمليات، وأحواض الأسرة البلاستيكية.