حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
الأربعاء ,20 نوفمبر, 2024 م
طباعة
  • المشاهدات: 2362

رواية "نفرتاري الرقيم" لصفاء الحطاب

رواية "نفرتاري الرقيم" لصفاء الحطاب

رواية "نفرتاري الرقيم" لصفاء الحطاب

09-05-2022 09:18 AM

تعديل حجم الخط:

سرايا - تتلخص هذه الرواية، في حضور الأميرة (نفرتاري) ابنة الملك «عبادة» من «مدائن صالح» إلى مدينة «الرقيم» عاصمة مملكة الأنباط، التي يحكمها الملك الحارث، بهدف الاستشفاء، وذلك بعد أن تراجعت صحتها، وتدهورت نفسيتها، إثر وفاة زوجها وابنها في حادث.

وتكشف الأديبة صفاء صبحي الحطاب في روايتها الخيالية الموجهة للفتيان والناشئة (نفرتاري الرقيم) بأسلوب جمالي متميز، بعض أسرار الكنز الأثري العظيم (البترا)، وقبل ذلك، تكشف النقاب عن أسرار عظمة الأنباط وما سبقوا البشرية إليه من اختراعات واكتشافات، لم يكن أولها الحرف العربي، وبوصلة الوردة النبطية، والشراع المثلث والتقويم الحجري السنوي المتمثل في (الخزنة)، هذا عدا عن تنبؤهم بالحالة الجوية قبل وقوعها، و عن نحتهم في الصخر معالم ومدنا لا تتأثر بالزلازل، فقد كانوا أسياد التجارة في البر والبحر، وعلى معرفة تامة بما يجري في السماء بين الكواكب والنجوم والمجرات.

صفاء الحطاب، صاحبة أسلوب جذاب ومذهل ومدهش، فهي تضع الصغار والكبار في حضرة عوالم، رغم أنها واقعية، إلا أنها تضفي عليها من خيالها المحلق، ما يجعلها، وكأنها، قادمة من عوالم الغيب، وهي لا تستعجل بسط كل المعلومات أمام قارئها دفعة واحدة، بل تجعل الأحداث تسير على اقل من مهلها، ليتشربها القارئ على دفعات، إنها المبدعة التي تتحكم بالسرد، وهي التي تتحكم ببطئه أو سرعته، وهي القادرة على إقناع قارئها بما يستجد من أحداث، فنفرتاري التي تأتي للرقيم غاضبة، رافضة نعيم الحياة ولذتها، ترفض في نهاية الرواية العودة لوالدها وبلادها، وتصر على البقاء في الرقيم، متحدية كل الأعراف السائدة آنذاك، وحين تتعالج فيها، تتزوج ملكها، بعد أن تم تشييد ما يعرف بـ»قصر البنت»لها.

وهكذا تقدم صفاء لقرائها، شخصيات نامية، تتغيّر وتتطوّر وفق المستجدات، ووفق الحبكة المتماسكة التي تتوزع أحداثها على صفحاتها، لتنتصر في نهايتها الصحة على المرض، وليتحول الحزن إلى فرح، ولينتصر الخير على الشر، ولتتجدد الحياة من قلب الصحراء القاحلة.

وصفاء هنا، المتأثرة بمطالعاتها عن الأنباط ومدنهم،هي الأقدر بين كتاب الأطفال في التأثير بقرائها، كيف لا؟وقد جعلتهم يتأثرون حتى البكاء، في حالات الحزن والفرح التي يعيشونها في أثناء مطالعتهم لهذا السرد الإنساني والكوني، الذي يمس شغاف أرواحهم، فيحيي فيها آمالا عظيمة، ويجعلهم يعيشون الأفراح والليالي الملاح، بأسلوب لم نعهده حتى ولا في ألف ليلة وليلة.

ورغم خلو هذه الرواية من الأطفال والناشئة، فقد قامت على التكامل بين الرجل والمرأة، لتشييد أرقى حضارة عرفها التاريخ،وأصبحت فيما بعد من عجائب الدنيا، وللخوض في موضوعات إنسانية نبيلة، أهمها، أن صحراء العرب القاحلة، أنجبت ومن الجنسين، جيشا من المقاتلين الأشجع، عدا عن العلماء والمبدعين، الذين أدهشوا البشرية وأبهروها بما خلدوه، سواء ما ورد منه في هذه الرواية، أو لما أحالت الروائية قراءها إليه في نهايتها من مراجع لمطالعة المزيد.

في هذه الرواية تمتزج بعض الأنواع الأدبية، فهي غير بعيدة عن أدب الرحلات، وفيها أدب الرسائل، وفيها استنطاق للتاريخ واسترجاع لآثاره وعلومه ووقائعه ولأجمل ما فيه، وعدا عن جماليات الوصف التي طالت المكان والزمان والإنسان، فقد تحققت من خلالها الحمولة الفكرية والرسالة الأدبية التي أرادت صفاء أن توصلها لقرائها حول مكانة الأنباط العرب وعظمتهم وعظمة ما قدموه للبشرية.

أن تصدر هذه الرواية عن وزارة الثقافة، الأمر الذي يعكس اهتمام الجهات الرسمية بالمبدعين وبأعمالهم المتميزة، ولكن الأجمل أن تلتفت الوزارة، وغيرها من الهيئات الثقافية، إلى تكريم المبدعة صفاء صبحي حطاب، بجائزة تليق بها وبمكانتها، وبما قدمته للصغار والكبار من أعمال إبداعية تشكل وساما على صدر مكتبة الطفل العربية.

 

 








طباعة
  • المشاهدات: 2362

إقرأ أيضا

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم