بقلم : نايف المصاروه
فخري بك البارودي ، هو زعيم سوري من دمشق وأحد مؤسسي الكتلة الوطنية التي قادت الحركة الوطنية المناهضة للاستعمار الفرنسي في سورية حتى سنة 1946، وتوفي رحمه الله في عام 1966.
مما ذكره البارودي في مذكراته، أنه في ﻋﺎﻡ 1898 ﺯﺍﺭ ﺍﻻﻣﺒﺮﺍﻃﻮﺭ ﺍﻷﻟﻤﺎﻧﻲ ﻏﻠﻴﻮﻡ ﺍﻟﺜﺎﻧﻲ ﺩﻣﺸﻖ ﻓﺨﺮﺟﺖ ﺍﻟﻤﺪﻳﻨﺔ ﻋﻦ ﺑﻜﺮﺓ أﺑﻴﻬﺎ ﻭﺍﺳﺘﻘﺒﻠﺘﻪ ﺍﺳﺘﻘﺒﺎﻻً حافلاً.

ﺧﻼﻝ ﺍﻻﺳﺘقبال ﻭﻋﻨﺪ ﻣﺪﺧﻞ ﺍﻟﻘﻠﻌﺔ ﻻﺣﻈﺖ ﺍﻻﻣﺒﺮﺍﻃﻮﺭﺓ ﺯﻭﺟﺔ ﻏﻠﻴﻮﻡ ﺣﻤﺎﺭﺍً ﺃﺑﻴض ﺟﻤﻴﻼً ﻓﺄﺛﺎﺭ ﺍﻧﺘﺒﺎﻫﻬﺎ ﻭﻃﻠﺒﺖ ﻣﻦ ﻭﺍلي دمشق حينها ﻣﺼﻄﻔﻰ ﻋﺎﺻﻢ ﺑﺎﺷﺎ ﺃﻥ ﻳﺄﺗﻴﻬﺎ ﺑﻪ ﻟﻜﻲ ﺗﺄﺧﺬﻩ ﻣﻌﻬﺎ ﺫﻛﺮﻯ ﺇﻟﻰ ﺑﺮﻟﻴﻦ .
ﺭﺍﺡ ﺍﻟﻮﺍﻟﻲ ﻳﺒﺤﺚ ﻋﻦ ﺻﺎﺣﺐ ﺍﻟﺤﻤﺎﺭ، ﻭﻛﺎﻥ ﻳﺪعى ( أبو ﺍﻟﺨﻴﺮ ﺗﻠﻠﻮ )، ﻓﻄﻠﺐ ﺇﻟﻴﻪ ﺇﻫﺪﺍﺀ ﺍﻟﺤﻤﺎﺭ ﺇﻟﻰ ﺯﻭﺟﺔ ﺍﻻﻣﺒﺮﺍﻃﻮﺭ ﻓﺎﻋﺘﺬﺭ .
ﻏﻀﺐ ﺍﻟﻮﺍﻟﻲ ﻭﻋﺮﺽ على أبو الخير ﺷﺮﺍﺀ ﺍﻟﺤﻤﺎﺭ , ﻭﻟﻜﻨﻪ ﺃﺻﺮّ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺮﻓﺾ ﻭﻗﺎﻝ :

” ﻳﺎ أﻓﻨﺪﻳﻨﺎ، ﻟﺪﻱ ﺳﺘﺔ ﺭﺅﻭﺱ ﻣﻦ ﺍﻟﺨﻴﻞ ﺍﻟﺠﻴﺎﺩ، ﺇﻥ ﺷﺌﺖ ﻗﺪﻣﺘﻬﺎ ﻛﻠﻬﺎ إﻟﻰ ﺍﻻﻣﺒﺮﺍﻃﻮﺭﺓ ﻫﺪﻳﺔ دون مقابل ، ﺃﻣﺎ ﺍﻟﺤﻤﺎﺭ ﻓﻼ “ . ﺍﺳﺘﻐﺮﺏ ﺍﻟﻮﺍﻟﻲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺠﻮﺍﺏ ﻭﺳﺄﻟﻪ ﻋﻦ ﺍﻟﺴﺒﺐ .

ﺭﺩ ﺗﻠﻠﻮ ﻣﺒﺘﺴﻤﺎً : ” ﺳﻴﺪﻱ ﺍﺫﺍ أﺧﺪﻭﺍ ﺍﻟﺤﻤﺎﺭ إﻟﻰ ﺑﻼﺩﻫﻢ ﺳﺘﻜﺘﺐ ﺟﺮﺍﺋﺪ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﻋﻨﻪ ﻭسيسأﻝ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻣﻨﻴﻦ ﻫﺎﻟﺤﻤﺎﺭ ؟

ﻓﻴﺮﺩﻭﻥ ﻋﻠﻴﻪ : ” ﻣﻦ ﺍﻟﺸﺎﻡ “. ﻭﻳﺼﺒﺢ “ﺍﻟﺤﻤﺎﺭ ﺍﻟﺸﺎﻣﻲ ” ﺣﺪﻳﺚ ﻛﻞ ﺍﻟﻨﺎﺱ ، ﻭﺭﺑﻤﺎ ﻣﻌﺮضاً ﻟﻠﺴﺨﺮﻳﺔ , ﻭﻳﻘﻮﻝ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻫﻞ ﻳﻌﻘﻞ ﺍﻥ ﺍﻣﺒﺮﺍﻃﻮﺭﺓ ﺍﻟﻤﺎﻧﻴﺎ ﻟﻢ ﺗﺠﺪ ﻓﻲ ﺩﻣﺸﻖ ﻣﺎ ﻳﻌﺠﺒﻬﺎ ﻏﻴﺮ ﺍﻟﺤﻤير ؟ ﻟﺬﻟﻚ ﻟﻦ أﻗﺪﻣﻪ ﻟﻬﺎ ﻭﻟﻦ أبيعه “ .

ﻧﻘﻞ ﺍﻟﻮﺍﻟﻲ ﺍﻟﺨﺒﺮ ﻟﻼﻣﺒﺮﺍﻃﻮﺭ ﻭﺍﻻﻣﺒﺮﻃﻮﺭﺓ ﻓﻀﺤﻜﺎ ﻛﺜﻴﺮﺍً , ﻭأﻋﺠﺒﺎ ﺑﺎﻟﺠﻮﺍﺏ , ﻭﺃﺻﺪﺭ ﺍلإﻣﺒﺮﺍﻃﻮﺭ ﺃﻣﺮﻩ ﺑﻤﻨﺢ ﺗﻠﻠﻮ ﻭﺳﺎﻣﺎً ﺭﻣﺰﻳﺎً .

لقد تناول أبو الخير هذا الوسام، وسماه وسام الحمار.

هناك أناس يخافون على شرفهم وعلى كرامتهم، وعلى سمعة بلادهم من أن تمسها الألسن بالسوء، وهناك حمير على هيئة بشر يبيعون البلد بما فيه !

من المؤسف والمشين ،تتابع أخبار الفساد والإعتداء على المال العام وتبديده.
بالأمس طالعت خبرا مفاده أن مدعي عام النزاهة ومكافحة الفساد قرر توقيف 6 موظفين من المركز الوطني للبحث والإرشاد الزراعي 15 يومًا على ذمة التحقيق في مراكز الاصلاح، من بينهم المدير العام السابق، ومندوب ديوان المحاسبة، والحجز على أموالهم المنقولة وغير المنقولة ومنعهم من السفر، حيث بلغ ما اتهموا باختلاسه حوالي 3 ملايين دينار.
وإن الموقوفين الباقين هم المدير المالي ومحاسب المشاريع ومسؤول الرقابة الداخلية ومدير مكتب المدير، وقد وجهت إليهم تهم جناية الاختلاس وجناية استثمار الوظيفة وجنحة الواسطة والمحسوبية وهدر المال العام.
هؤلاء الأشخاص اتهموا بتشكيل مجموعة متفاهمة على التزوير، وإبرام الاتفاقيات الوهمية خلال الفترة من 2012- 2017 مع باحثين ومتخصصين دون علمهم، وتحرير شيكات بأسمائهم، ومن ثم تجييرها بأسماء أقاربهم وزوجاتهم الذين تم تعيينهم في المركز على حساب المشاريع دون أن يلتحقوا بها فعليًا، ليصار بعدها إلى صرف الشيكات ثم اقتسام قيمتها. وبين أن التحقيقات كشفت أنهم زوّروا ختم ديوان المحاسبة، لختم الفواتير والمستندات التي كانوا يزوّرونها لإضفاء صفة الرسمية عليها وأنها مرت في مراحلها القانونية.
السؤال الذي يتكرر إلى متى سيبقى مسلسل الفساد المزعج؟
والى متى سيبقى استسهال الاعتداء على المال العام وتبديده؟
ومتى سيتم صون المال العام وتغليظ عقوبة المعتدي عليه أو المتلاعب به لتصل إلى الإعدام؟

جملة من الأسئلة تطرح في كل حين.... لكن الجواب او جملة الأجوبة هي لدى كل صانع قرار.. وستكتب شهادتهم ويسألون..
كاتب وباحث أردني.