16-05-2022 03:35 PM
بقلم : أمين فهد القضاة
أربعةٌ وسبعون عاما على آخر جملة قيلت قبل إغلاق الباب " توخذيش كل الاغراض يا أم أحمد، خذي الشغلات المهمة، يومين وبنرجع"، لكنّ اليومين أصبحت أربعة أعوام أضيفت إلى سبعين أُخر في ملزمة جموع المنتظرين العودة والمعلقين بهبة نسيم غربية.
لاشك أن ذكرى النكبة تملأ القلب مرارة، والنفس حسرة، لكنّ النسيان لم ولن يجد إلى قلوبنا سبيلا، فمن عُجنت نفسه من تراب فلسطين، وشرب من ماء الأردن الطاهر لا يمكن له أن ينسى أو يتناسى بلاد التين والبرتقال والليمون.
فالنكبة وإن شملت كل بلاد العرب والمسلمين باغتصاب أرض العروبة والإسلام فلسطين، الّا أن لذكراها في الأردن طعما آخر، ووجعا آخر، يمتد من الدرة الى الطرة، فعندما أصيب الفلسطيني وتوجع، لجأ إلى أخيه الأردني، لأنه يعلم أنه سندٌ لمن صدقا يناديه، ولأنه يعلم أنه شريك له في النضال، ولأنه يعلم يقينا أن بعضا من ثرى القدس الطهور هو من رفات أجساد الشهداء الأردنيين هناك.
ولأن بعضاً من أبنائنا اليوم، هو من تراب فلسطين في نسب شريف طاهر، عندما اجتمع الأردني والفلسطيني في ميثاق غليظ كما وصف رب العزة، فقد جاء تراب فلسطين وماء الأردن ليشكلا طينة واحدة، عُجنت منها نفوس تأبى إلّا أن تتعلق بالحق والأرض والكرامة والوطن.
أربعةٌ وسبعون عاما أو أربعةٌ وتسعون، فالغضب الساطع آتٍ، مهما بلغ زمن التنكيل والتهجير عتيا، فالحق لا يسقط بالتقادم، بل يورث للأجيال، وجموع المنتظرين باقية على العهد، وقوافل الشهداء مازالت تسير على درب التحرير، ولاتزال أجراس العودة تنتظر أن تقرع، ولابد لها في يومٍ ما أن تقرع.
سنعودُ رغم أنف الاحتلال، ورغم أنف الاختلال ، سنعودُ لنعيدَ للبيوت بهجتها، وللأرض خضرتها، وللشيح والقيصوم والزعتر ألقه وبهاءه، سنعودُ لنصلي في مسجدنا، ونأكل من زيتوننا، ونتفيأ ظلال السرو واللزاب، ونخزن القُطْين لبرد شتاء جميلٍ قادم، فلايزال المفتاح مخبأ وباب البيت ينتظر.
فلا تحزني يا بهية المساكن، ولا تيأسي يا زهرة المدائن، فالغضب الساطع آت، والنصر آتٍ، ان لم يكن معي، فمع ولدي، أو مع حفيدي، لكنّه آتٍ وأنا كلي إيمان.
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
16-05-2022 03:35 PM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |