17-05-2022 12:07 PM
بقلم : الدكتور الصحفي غازي السرحان
الزيارة التاسعة والثلاثون للملك عبد الله الثاني للولايات المتحدة "الملك الرابع على عرش المملكة الأردنية الهاشمية الرابعة ",وتخللها لقاء قمة بين الملك عبد الله والرئيس الأمريكي السادس والأربعون للولايات المتحدة الأمريكية جون بإيدن , سبقتها زيارات لملك الأردن الثالث " الراحل الحسين بن طلال" إلى الولايات المتحدة الأمريكية بلغت ثلاثا وثلاثين زيارة .
قمة (الجمعة 13/5/2022) في البيت الأبيض تعتبر هي الثانية بعد اقل من عام حيث عقدت القمة الأولى (الاثنين 19/7/2021) بين جلاله الملك والأداره الأمريكية الجديدة بقياده الرئيس بإيدن . رغم أن الملك كان قد أجرى عمليه جراحيه دقيقه في ألمانيا إلا انه لم يخلد إلى الراحة ولم تكن لتحول بينه وبين عدد من المهام التي كان الملك يعتقد أنها ضرورية لنزع فتيل مواجهات متوقعه بين الإسرائيليين والفلسطينيين نتيجة استفزازات واقتحامات إسرائيليه لباحات المسجد الأقصى واعتداءات متكررة على المقدسيين .
التقى الملك قبيل سفره إلى الولايات المتحدة الأمريكية قيادات إسرائيليه في عمان منها الرئيس الإسرائيلي إسحاق هرتسوغ ورئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بينت ووزير الدفاع الإسرائيلي بني غانتس حيث تناولت مباحثات جلالته مع القيادة الإسرائيلية سبل حفظ الاستقرار في المنطقة .زار الملك رام الله والتقى أبو مازن محمود عباس رئيس السلطة الفلسطينية وبعدها بعده أيام أرسل الملك طائرتين مروحيتين لنقل عباس إلى عمان لإجراء مشاورات حول تصاعد العنف في الأراضي المحتلة
تناولت وسائل الإعلام الأمريكية وعلى رأسها صحيفتا الواشنطن بوست ونيويورك تايمزومحطه سي إن إن الإخبارية الأمريكية بكثير من الاهتمام جدول أعمال القمة الأردنية – الأمريكية وترأسها من الجانب الأمريكي الرئيس الأمريكي جون بإيدن وعن الجانب الأردني جلاله الملك عبد الله الثاني . ووصفتها بأنها " زيارة انتصار للملك " حظي فيها الملك عبد الله بأولوية اللقاء مع بإيدن بين زعماء الشرق الاوسط اذ سيحل تباعا ضيوفا على الأداره الأمريكية بقياده بإيدن كلا من رئيسي وزراء العراق وإسرائيل .
رغم عدم تعافي العالم من تداعيات كوفيد 19 ومتحوره الأحدث دلتا وما فرضه المرض من إجراءات وقائية واحترازية إلا أن ذلك لم يكن ليحول دونما استخدام لغة الجسد لدى بإيدن وأركان إدارته ( حيث وضع بإيدن يده على كتف ولي العهد الأمير حسين فيما بسطت نانسي بيلوسي رئيسه مجلس النواب الأمريكي يدها على ظهر الملك ) بعد محادثات ضمت شخصيات نيابيه من الحزبين الديمقراطي والجمهوري , لقاءات مكثفه أجراها الملك والوفد الأردني المرافق له مع أركان أداره بإيدن والكونغرس وقيادات مدنيه وعسكريه وشخصيات أهليه ورسميه تتقارب بمصالح الأردن وصداقته الممتدة زهاء ثلاثة أرباع القرن .
التقى الملك مع سمانثا باورز رئيسه ي واس أيد " الوكالة الأمريكية للانماء والتنمية " وقائد المنطقة الأمريكية الوسطى الجنرال كنيث ماكينزي والتي باتت تضم إسرائيل بدلا من منطقه القيادة الأمريكية في أوروبا , كما عقد الملك لقاءين خصص احدهما لدعم سياحة المغطس والمواقع الدينية المسيحية في الأردن ( رئيس اساقفه واشنطن الكاردينال ويلتون غريغوري ) والآخر لتعزيز قدرات البلاد في مواجهه كورونا ( رئيس مجلس الاداره والرئيس التنفيذي لشركه فايزر البرت بورلا ) وأسفر اللقاء عن تعزيز إجراءات السلطات الصحية الأردنية في مواجهتها لفايروس كورونا ب500 ألف لقاح على شكل هديه من الرئيس بإيدن . كما ألقى الملك كلمه في حفل تسلمه جائزة الطريق إلى السلام في نيويورك 9/5/2022
الترحاب بالملك وولي العهد والملكة بدا ظاهرا على قسمات وجوه زعيمي الغالبية الديمقراطية تشاك تشومر والأقلية الجمهورية ميتش ماكونيل اللذين كانا يسيران على يسار ويمين الملك هذه ألصوره عززتها تصريحات صقور الصقور في الحزبين في مجل النواب زعيم الأقلية الجمهورية كيفن ماكارثي ورئيس لجنه الاستخبارات ادم شيف , الترحاب الذي حظي به الملك كان جامعا ولافتا فسره مراقبون على تعهد الاداره الأمريكية بزعامة بإيدن بدعم الأردن وتعزيز دوره المحوري في المنطقة ,الرئيس بإيدن والذي كان يافعا بالسياسة وسيناتورا مع أول زيارة قام بها الراحل الملك الحسين عام 1959 استعاد بإيدن تلك ألمشهديه بمقارنه ولي العهد بابيه وجده الراحل مشيدا بما سمعه من الأمير حسين ولي العهد من القضايا التي تخص الشباب الأردني الطموح والجدير بمستقبل واعد.
الزيارة الملكية لواشنطن أسفرت عن توقيع البلدان مذكره تفاهم لدعم الأردن ب6 مليارات و335مليون دولار على مدى 5 سنوات , الولايات المتحدة الأمريكيه تتربع على عرش اكبر مانحي المساعدات للأردن بما بلغ العام الماضي وحده مليار ونصف المليار دولار .
أضافه إلى مليار وسبعمائة مليون دولار دعما لجهود الأردن في استضافه اللاجئين السوريين على أراضيه , من هنا تطرق الملك في مباحثاته مع القادة الأمريكان إلى ضرورة عوده سوريا العربية اشاره تأتي ضمن حديث شمل أيضا اعاده تأهيل المنطقة برمتها من تداعيات الحروب والدمار الذي خلفته أفه الإرهاب والكوارث الناجمة عن اختلال معادله الموارد البشرية والطبيعية والمادية وخاصة التشوهات السكانية المتمثلة بموجات اللجوء والنزوح وتفشي البطالة في صفوف الشباب وتضييع سنوات دراسية على ألطلبه جراء التطرف والأوبئة .
جين ساكي ألمتحدثه باسم البيت الأبيض ردت على سؤال حول سبب عدم تحدث الزعيمين لمراسلي الصحف ووكالات الأنباء والاكتفاء ببيان مكتوب صدر عن الجانبين بعد ظهيرة يوم ألجمعه , ساكي وصفت القمة " بالاجتماع الخاص " والذي اقتصر على الملك والرئيس بإيدن أضافه لولي العهد الأمير حسين وعضو واحد من فريق أداره بإيدن السياسية هو الدبلوماسي بريت مغكيرك منسق البيت الأبيض للشرق الأوسط وشمال أفريقيا , لمن يسال لماذا انفرد مغكيرك بالحضور بينما لم يحضرها مسؤول السياسة الخارجية في الاداره الأمريكي أنتوني بلينكن , ساكي أجابت إن مغكيرك على علم ودراية بقضايا الشرق الأوسط وقد سبق له أن خدم في إدارات بوش الابن واوباما وترامب وبإيدن .
قد يكون السبب الأكثر إلحاحا لهذه الزيارة هو الحد من تدهور الأوضاع الأمنية في الضفة الغربية . جدد الملك مخاوفه وتحذيراته تلك التي بحثها مع بإيدن والاداره الأمريكية في لقاء القمة الأولى مع بإيدن وهي انسداد الأفق السياسي وجمود عمليه السلام . صدقت تنبؤات الملك فانفجر الوضع الأمني والعسكري بين الجانبين الإسرائيلي والفلسطيني وأصبح التوتر والعنف هما المشهد اليومي في الأراضي الفلسطينية , حذر الملك من خطورة اقتحام باحات الحرم القدسي الشريف والاستفزازات اليومية للمقدسيين وزاد من خطورة الأوضاع ما أقدمت عليه السلطات الإسرائيلية من اغتيال المراسلة الصحفية الحاملة للجنسيتين الأردنية والأمريكية شيرين أبو عاقله وزاد الأمر حنقا وغضبا ما أقدمت عليه الشرطة الإسرائيلية من اعتداء على نعش أبو عاقله الأمر الذي أثار غضب العالم وهز مشاعرهم ووحد الرأي العام العالمي بضرورة إجراء تحقيق في ظروف مقتل أبو عاقله .
ثلاثة أيام أمضاها الملك والوفد المرافق له في العمل المكثف مع نظيره الأمريكي لتأكيد الصداقة والشراكة ألاستراتيجيه بين الأردن والولايات المتحدة الأمريكية , ثمة تركيز على محورين ألا وهو دور الأردن في صنع السلام وضرورة تعاون الأردن والاداره الأمريكية بوضع آليات لتخفيف التوتر بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي والعمل على حل مبدأ حل الدولتين والحفاظ على الدور المركزي للأردن وضرورة احترام إسرائيل للوصاية الهاشمية على المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس .
في البيان الأمريكي الختامي للقمه والذي جاء على نسختين العربية والانجليزية عزم بإيدن زيارة القدس الشرقية ما يعد انتصارا لجهود ومساعي الملك في أعاده مبدأ حل الدولتين إلى صدارة المشهد كما يعد تراجعا رسميا أمريكيا عن صفقه القرن على الأقل فيما يخص بقاء القدس عاصمة موحده لإسرائيل والتي قاومها الأردن وتعرض من وخزها ما لا تخدره التهاليل . من باب التذكير بإيدن أعلن فور وصوله سده الرئاسة الأمريكية عن فتح قنصليه امريكيه للشؤون الفلسطينية في القدس ما يمثل اعترافا ضمنيا وصريحا في التمثيل الدبلوماسي .
اعتراف المتحدث باسم الخارجية الأمريكية نيد برايس أن اتفاقا بشان برنامجها النووي أصبح بعيد المنال , يعتبر الشرق الأوسط الساحة الوحيدة أمام اداره بايدن لانجاز دبلوماسي قبيل انتخابات التجديد النصفي للكونغرس في نوفمبر المقبل بعد كارثتي أفغانستان وأوكرانيا وتلاشي آمال مفاوضات فيينا ومخاطر قيام الصين باختراق امن تايوان أو اللجوء للخيار العسكري لضمها بالقوة .
بايدن يعمل جاهدا على إحداث اختراق في الشرق الأوسط دون دعم من شركاء قادرين واقعيا على إحداث فارق في حياه الناس . عامان على كورونا وشهران على أوكرانيا وأزمات غير مسبوقة في مجالات نقص الطاقة وارتفاع الطلب المتزايد على الغذاء قد تشكل أرضيه مناسبة للجادين في إيجاد حلول لازمات المنطقة وسط تحذيرات يطلقها البعض من أمكانيه اشتعال انتفاضه فلسطينيه ثالثه ما يدفع يالاداره الفلسطينية برئاسة أبو مازن والاداره الإسرائيلية برئاسة بينت إلى وقوعهما سويا تحت ضغوطات داخليه وخارجية غير مسبوقة لإحداث انفراج في مسار القضية الفلسطينية .
لذلك هي قمة مفتاحيه سيكون للأردن فيها دورا متقدما وأصدقاء وشركاء داعمين في شرق أوسط امن وواعد.
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
17-05-2022 12:07 PM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |