18-05-2022 04:50 PM
سرايا - يتراكم التوتر المزمن حتى يُصبح أسلوب حياة لبعض النساء، مما يشكل ضغطا على صحة المرأة، قد يسبب الاكتئاب ويضر بالقلب وضغط الدم ويسبب زيادة الوزن والصداع المرتبطين بالتوتر، وهو أكثر شيوعا لدى النساء منه لدى الرجال، بحسب "كليفلاند كلينك" (clevelandclinic)
والتوتر العصبي عند الإناث يكون أسرع وأقوى، إذ "تبلغ نسبة تعرُّض النساء للاضطرابات النفسية الناجمة عن الضغط ضعف الرجال تقريبا"، كما تقول ديبرا إيه. بانجاسر الأستاذة المساعدة والباحثة في طب الأعصاب والغدد الصماء بجامعة "تِمبل" الأميركية
المرأة غالبا هي الأكثر عاطفية في النقاشات أو مواجهة الاستفزازات، "لدرجة تجعل دموعها تنساب من دون سبب، وتقول كلمات غاضبة سرعان ما تندم عليها، مما يجلب جميع أنواع التوتر والدراما إلى حياتها"، وفقا لما ذكرته إلين سكوت في مقالها على موقع "مترو" (Metro)
لذا، لا ينصح الخبراء المرأة بأن تتجاهل مشاعرها وتنغلق على نفسها، بل أن تتعلم كيفية التعامل مع هذه المشاعر بطريقة صحية وأقل دراما، من خلال تعلم الاستجابة بدلا من رد الفعل، والقيام بالأمور التي تسمح بالهدوء والتراجع عن الضغوط
لا لقمع المشاعر
ليس عيبا أن يكون الإنسان عاطفيا، فقد وُجدت مشاعرنا "للحفاظ على سلامتنا، وكتحذير قوي للرد، وخصوصا تحت التهديد"، كما تقول الدكتورة أودري تانغ عالمة النفس ومؤلفة كتاب "دليل القادة للصمود"، مشيرة إلى أن "كبت المشاعر السلبية يمكن أن يُسبب مشكلات في الصحة العقلية، قد تؤدي إلى عدم القدرة على تكوين اتصال إيجابي مع الأشخاص أو الأماكن أو الأشياء"
فعندما يكون أحدنا مرتبكا، يمكن أن يشعر أن عواطفه لا يمكن السيطرة عليها، وأنه على وشك الانهيار، مما يؤدي إلى قيامه بردود أفعال قد يندم عليها، سواء كانت انتقامية من أشخاص آخرين، أو مدمرة للذات
والحل هنا لا يكون في تجاهل مشاعرك، فليس من الصحي ألا تكون لديك مشاعر على الإطلاق؛ ولكن الأمر يتعلق بالذكاء العاطفي، والقدرة على التحكم في ردود الأفعال، للتمكن من الاستجابة بدلا من الرد بانفعال
تَعلُم الذكاء العاطفي
اكتساب الذكاء العاطفي، والتعرف على مشاعرنا وفهمها يبدأ من تحديد سبب الأزمة التي أدت إلى الاندفاع العاطفي، وكذلك الأفكار أو المعتقدات والسلوكيات التي تقف خلفه، ومدى استعدادنا للتخلي عن غير المفيد منها، والبحث عن بدائل يمكن تطبيقها. ثم الانخراط في أنشطة تعزز المشاعر الإيجابية وتُشعر بالرضا، "كالذهاب في نزهة عند الشعور بالإحباط، بدلا من الجلوس والغرق في الغضب، أو استبدال رد الفعل الفوري المتسرع باستجابة صحيحة"، بحسب توصية تانغ
الاستجابة أفضل من رد الفعل الفوري
قد يبدو "الرد" على الاستفزازات تلقائيا؛ ولكن عندما نكون على حافة غضب وصدمة قوية، فقد يُصبح رد الفعل ضارا؛ والأفضل هو التنفس و"الاستجابة". فالمستشارة العلاجية النفسية جو كيرستيد تُخبرنا أن "رد الفعل يكون عادة أسرع كإجراء اندفاعي فوري"، في حين أن "الاستجابة تكون بعد أن نقضي وقتا في التفكير فيما نريد فعله بعد ذلك". لذا، تعتبر الاستجابة هي الأكثر تمكينا "لأنها أكثر تحكما، وتعني أنه يمكننا مواجهة المواقف الصعبة والسيطرة عليها بدلا من امتلاكها لنا". أيضا، الاستجابة تجعلنا نشعر بمزيد من "القدرة على اتخاذ قرار بشأن كيفية التعامل مع التحدي، بدلا من ترك الموقف والظروف والعواطف التي تثيره تطغى علينا"
تقول تانغ "ببساطة، عندما يتعلق الأمر بالنقاشات المستفزة، يكون رد الفعل الفوري غريزيا ومندفعا؛ لكن الاستجابة تضمن ردا منطقيا ومدروسا بدرجة أكبر". فتأجيل الضغط على زر إرسال البريد الإلكتروني -على سبيل المثال- يُعد استجابة، "تمنحنا الوقت، ليس فقط لتكوين رد واضح، ولكن لاستيعاب ما قيل بالفعل، وتوفير الشعور بتأنيب النفس بعد رد متسرع قد لا يخلو من أخطاء"
تعود جو وتحذر من أن الانفعالات القوية يمكن أن تكون مرهقة للغاية إلى درجة تجعلنا نتفاعل بطريقة قد لا تكون الأفضل؛ وغالبا ما نتخذ خيارات سيئة نأسف عليها لاحقا، بعد أن نحوّل الموقف من سيئ إلى أسوأ، ونجد أنفسنا في "دوامة سلوكية تجعلنا نشعر بالأذى وسوء الفهم والعزلة، ويؤدي تكرارها أو استمرارها إلى تآكل صحتنا العقلية"
اقتناص وقفة لتقليل حدة الموقف
لأن ردود الفعل تحدث بسرعة، فمن الأفضل أن نمنح أنفسنا ولو دقيقة للتفكير قبل الرد، وأن نفعل ما بوسعنا للتهدئة وإبطاء الأمور. لذلك تنصح جو "باستغلال ولو أبسط الأشياء من أجل اقتناص وقفة مقاطعة لتقليل حدة الموقف"، كمحاولة تغيير وضعية جسمك عمدا بتحريك كتفيك أو شد رقبتك، أو تغيير نظرتك، أو أخذ رشفة من الماء، أو تذكر ذكرى جيدة، أو الذهاب إلى الحمام، أو "أي شيء يمنحك فرصة للتحكم ومساحة للتفكير في ما يحدث لك، وكيف يمكن أن تمضي قُدما". لا بأس إذن "أن نعتذر للحظة، ونقول لمن أزعجنا إننا بحاجة إلى استراحة وقضاء بعض الوقت بعيدا، حتى لا نتفاعل بطريقة نندم عليها"
التحلي بطول النَفَس
إذا وجدت أن ردود أفعالك العاطفية خارجة عن السيطرة تماما، وأصبح لها تأثير مدمر على حياتك؛ فمن الأفضل التحدث إلى أحد المتخصصين "لمعرفة جذور الأسباب التي تجعلك هكذا، والوصول إلى فهم أفضل لنفسك، والحصول على الدعم المناسب لتغيير طريقة ردك". وفقا لتوصية أودري التي ترى أنه "لا حل لهذا النوع من المواجهات إلا بالخروج من نطاق الأزمة الحاصلة"، والتحلي بطول النفس الذي يسمح بالهدوء والتراجع خطوة للوراء، والابتعاد لفترة وجيزة عن أي ضغوط
وهو ما تدعمه جو بالتأكيد على الحاجة إلى "إيجاد طرق عملية لتهدئة أنفسنا في أوقات التوتر، حتى نتمكن من نزع فتيل الأزمة التي نمر بها، ونشعر بقدر أقل من الإرهاق، ونكسب مساحة تكفي لنكون أقل انفعالا وأكثر استجابة، ونتخذ خيارات أفضل"، وهذه الطرق تشمل "التدرب على أسلوب التنفس، وممارسة التأمل والتمرين، وتعلم طلب المساعدة، وتدوين تجاربنا ومشاركتها مع الآخرين"