19-05-2022 09:22 AM
بقلم : الدكتور فايز أبو حميدان
صوت البرلمان الفنلندي بـ 188 صوت مقابل 8 أصوات معارضة لانضمام فنلندا الى حلف الناتو ، وقامت فنلندا والسويد بتقديم طلب العضوية رغم كل التهديدات القادمة من موسكو ورغم قطع امداد الكهرباء من شركة RAO الروسية وإيقاف تصدير الطاقة وخاصة الغاز والبترول .
فبعد 82 عاماً من عدم الانحياز قامت فنلندا باتخاذ قرار جريء نابع من تخوفات مصير مظلم ومدمر كما حدث مع أوكرانيا.
فنلندا كانت تابعة للمملكة السويدية في القرون الماضية وخاضت عدة حروب للحصول على الاستقلال في التاريخ ونالت اخر استقلال لها عام 1917 بعد استيلاء البلشفيون على السلطة بقيادة فلاديمير لينين ، وتم احتلالها عدة مرات من قبل الإمبراطورية الروسية واخر معاركها كانت معركة الشتاء عام 1939 عندما غزاها جوزيف ستالين بجيش بلغ تعداده 700 ألف جندي في معركة الشتاء وتفاجئ بالمقاومة الشرسة من الجيش الفنلندي قليل العدة والتسليح وانتهت الحرب بعد 6 أشهر باتفاقية سلام حيث تنازلت فنلندا عن 10% من أراضيها والتزمت الحياد في الصراعات الدولية وخاصة بين معسكر الدول الاشتراكية وحلف الناتو .
وهناك حدود مشتركة بين روسيا وفنلندا يبلغ طولها 1430كم وحدود بحرية على بحر البلطيق ، وتبعد هلسنكي عن ثاني اكبر مدينة روسية سانت بطرسبرغ 300 كم أي ربع المسافة التي تبعدها عن موسكو وهنا نتفهم الحساسية الكبرى لدى الكرملين من وصول حلف الناتو الى مناطق قريبة من روسيا وهذا كان أحد الأسباب المعلنة لروسيا حين غزت أوكرانيا في 24 شباط من هذا العام أي منع تمدد حلف الناتو ، ولكن حرب أوكرانيا أدت أولاً الى إعادة احياء حلف الناتو الذي كان يعاني من موت سريري كما وصفه الرئيس الفرنسي ماكرون وأدت الى زيادة التضامن والتعاون العسكري والاقتصادي للحلف ورفعت الميزانيات العسكرية المقررة لجيوشه ، كما أدت الى انضمام دول جديدة لهذا الحلف .
ان طموح روسيا في انهاء مبدأ القطب الواحد والذي نشأ مطلع التسعينات بعد تفكك الاتحاد السوفيتي وسيطرة أمريكا لما يزيد عن ثلاثة عقود على الساحة الدولية هو امر مفهوم وربما مفيد للسياسة العالمية ولكن من يرغب في تعدد الأقطاب عليه تقبل قرارات الدول الأخرى في الانحياز الى أحد هذه الأقطاب واحترام سيادتها وقبول الحدود الجيوسياسية المعمول بها والمعترف بها دولياً وإيجاد لغة وسلوك للمحافظة على الامن والسلام العالمي وعدم استخدام الطاقة والغذاء كسلاح ضد الاخرين أو الاعتداء المسلح على هذه الدول.
الأيام القادمة ستثبت ان الهجوم الروسي على أوكرانيا كان خطأ فادح مما أدى الى تدمير البنية التحتية لدولة صناعية متقدمة وتهجير اكثر من 6 ملايين مواطن إضافة الى الخسائر البشرية بين المدنيين ، يضاف الى ذلك الخسائر البشرية والعسكرية للجيش الروسي واستنزاف وعزل روسيا سياسياً والحاق ضرر كبير باقتصادها نتيجة للعقوبات الصعبة المفروضة ، كما أدت الحرب الى دخول الدول الأوروبية في أزمة طاقة كبيرة ستؤدي الى إعاقة الصناعة وتدهور الاقتصاد فيها وخاصة الدول الصناعية الكبرى مثل ألمانيا وفرنسا وإيطاليا . وهذا سيؤدي الى ركود اقتصادي قد يتبعه ازمة مالية عالمية .
كما ان روسيا وأوكرانيا من الدول الأولى في العالم في تصدير الحبوب والذرة وغيابهما سيؤدي الى نشوء ازمة غذاء عالمية وارتفاع غير مسبوق على الأسعار وبالتالي ستعاني الدول الفقيرة ودول العالم الثالث من صعوبات كبيرة واضطرابات سياسية وتحركات شعبية نتيجة لارتفاع الأسعار فيها .
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
19-05-2022 09:22 AM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |