24-05-2022 04:15 PM
سرايا - مرض الصرع هو أحد الأمراض العصبية التي يُساء فهمها في كثير من المجتمعات؛ إذ تلاحق وصمات العار والصور النمطية مرضى الصرع وأسرهم على الرغم من أنه مرض منتشر ويعاني منه قرابة 50 مليون شخص حول العالم. فما هو مرض الصرع، ما أسبابه، وكيف يجب التعامل معه؟ إليكم كل ما تريدون معرفته:
مرض الصرع.. نشاط كهربائي غير طبيعي في الدماغ
الصرع هو مرض عصبي يحدث نتيجة وجود اضطرابات في الإشارات الكهربائية في الدماغ؛ إذ تؤدي هذه الاضطرابات إلى ما يُعرف بـ"نوبات الصرع"، لكن مهلاً، ماذا نعني بعبارة "اضطراب في الإشارات الكهربائية"؟
سأبسط الأمر لكم: تستخدم الخلايا العصبية في أدمغتنا إشارات كهربائية للتواصل مع بعضها البعض ولنقل الأوامر من الدماغ إلى سائر عضلات الجسم، لكن في بعض الأحيان، ولأسباب سنشرحها لكم لاحقاً، قد تحدث زيادة مفاجئة في كمية الشحنات الكهربائية في الدماغ، ويؤدي ذلك بدوره إلى حدوث نوبات تختلج فيها العضلات، حتى أن الصرع يوصف في الأوساط العامية بأنه "كهرباء زائدة في المخ"، وهذا مبرر كون النوبات تحدث نتيجة للنشاط العصبي المفرط وغير الطبيعي في القشرة المخية.
أعراض مرض الصرع
تعتبر نوبات الصرع من أبرز الأعراض التي تميز هذا المرض، لكن تلك النوبات تختلف بشكلها وشدتها من شخص إلى آخر، وذلك تبعاً لمكان وجود اضطرابات في الإشارات الكهربائية في الدماغ وإلى مدى انتشار هذه الاضطرابات.
ووفقاً لما ورد في موقع Mayo Clinic، يصنف الأطباء نوبات الصرع إلى ما يلي:
1. النوبات البؤرية (جزئية المنشأ)
تحدث النوبات البؤرية عندما يكون الصرع ناتجاً عن نشاط غير طبيعي في منطقة واحدة فقط في الدماغ، وتنقسم نوبات الصرع البؤرية بدورها إلى نوعين:
· نوبات بؤرية دون فقدان الوعي: لا يفقد المريض وعيه في هذا النوع من النوبات، إنما يعاني فقط من مشاكل إدراكية لما حوله، قد يتغير إحساس المريض برائحة الأشياء أو طعمها أو صوتها، وبعض المرضى يعانون من ظاهرة الديجافو.
من الممكن أيضاً أن يعاني المريض من ارتعاش لا إرادي في جزء من الجسم مثل الذراع أو الساق، كما قد يشعر بالدوخة أو الوخز في أجزاء من جسمه.
· النوبات البؤرية مع ضعف الوعي أو فقدانه: في هذه الحالة قد يفقد المريض جزءاً من وعيه أو قد يفقد الوعي بالكامل، في هذا النوع من النوبات يشعر المريض وكأنه في حلم.
قد يحدق المريض في الفضاء لبعض الوقت ولا يستجيب لما حوله بشكل طبيعي. من الممكن أيضاً أن يؤدي حركات متكررةً مثل فرك اليدين أو المضغ أو البلع أو المشي في دوائر.
ملاحظة: قد يتم الخلط بين أعراض النوبات البؤرية والاضطرابات العصبية الأخرى، مثل الصداع النصفي أو المرض العقلي؛ لذلك من المهم أن يخضع المريض لفحص واختبار شامل لتمييز الصرع عن الاضطرابات الأخرى.
shutterstock مرض الصرع
2. النوبات كلية المنشأ
يحدث هذا النوع من النوبات عندما يشمل الاضطراب جميع مناطق الدماغ. ويوجد 6 أنواع للنوبات كلية المنشأ:
· نوبات غياب الوعي: تكون هذه النوبات مصحوبة بغياب قصير عن الوعي، وكانت تعرف سابقاً باسم نوبات الصرع الصغير، وعادةً ما تحدث عند الأطفال.
يحدق المريض أثناء هذه النوبات في الفضاء مع أو بدون حركات جسدية معينة مثل رفرفة العين أو الشفاه وتدوم هذه النوبات ما بين 5-10 ثوانٍ فقط.
وقد تحدث هذه النوبات عدة مرات في اليوم الواحد (قد تصل إلى 100 مرة في اليوم).
· نوبات توترية: تسبب النوبات التوترية تيبس العضلات وقد تؤثر على الوعي. تؤثر هذه النوبات عادةً على عضلات الظهر والذراعين والساقين وقد تتسبب في سقوط المريض على الأرض.
· نوبات السقوط: أو النوبات اللاوتونية، تسبب فقدان السيطرة على العضلات. ونظراً لأنها غالباً ما تؤثر على الساقين فغالباً ما تسبب الانهيار أو السقوط المفاجئ.
· النوبات الارتجاجية: ترتبط النوبات الارتجاجية بحركات عضلية متشنجة متكررة أو إيقاعية. عادة ما تصيب هذه النوبات العنق والوجه والذراعين.
· نوبات الرمع العضلي: عادة ما تظهر نوبات الرمع العضلي على شكل هزات أو تشنجات قصيرة مفاجئة وعادة ما تؤثر على الجزء العلوي من الجسم والذراعين والساقين.
· النوبات التوترية الارتجاجية: التي كانت تُعرف سابقاً باسم نوبات الصرع الكبير، هي أكثر أنواع نوبات الصرع خطورة.
يمكن أن تسبب فقداناً مفاجئاً للوعي وتيبساً وارتعاشاً في الجسم. وتسبب في بعض الأحيان فقدان السيطرة على المثانة أو عض اللسان.
3. نوبات الصرع غير معروفة المنشأ
هذه النوبات تكون في الغالب غير معروفة الأسباب، وقد تحدث بشكل مفاجئ في ساعات الليل أو خلال النوم، وهذا النوع ليس له تصنيف لعدم كفاية المعلومات عن مكان وسبب منشأ هذه النوبات.
shutterstock مرض الصرع
ما قد يحدث خلال نوبات الصرع
كما ذكرنا تختلف نوبات الصرع في أشكالها وحدتها تبعاً لحالة المريض، وأثناء النوبة، قد يعاني المريض من واحد أو أكثر من الأعراض التالية:
إغماء لفترة قصيرة، ولا يتذكر المريض هذه الفترة فور انتهاء النوبة.تغير في التصرفات.خروج الزّبد من الفم.حركة في العينين.إصدار أصوات تُشبه الشخير.فقدان السيطرة على حركة المثانة والأمعاء.تغيّر في المزاج، مثل: الغضب المفاجئ، والخوف، والرعب، والضحك.تشنجات عضلية.رعشة في الجسم.السقوط على الأرض.الشعور بمذاق مر أو معدني في الفم.الإطباق على الأسنان.عض اللسان.صعوبة في التنفس لثوانٍ.
وما قبل النوبة قد يشعر المريض أحياناً بالخوف أو القلق أو الغثيان أو الدوار أو قد يصاب باضطرابات بصرية فيشاهد وميضاً من الضوء أو خطوطاً متموجة أو بقعاً.
shutterstock مرض الصرع
مضاعفات نوبات الصرع
في حالة النوبات التي تترافق مع فقدان للوعي وتشنجات عضلية قد تزيد بعض المشاكل الجسدية لدى المرضى؛ إذ قد يتعرضون للكدمات أو الكسور نتيجة فقدان الوعي المفاجئ وسقوطهم على الأرض أو ارتطامهم بجسم ما.
كذلك ترتفع معدلات المشاكل النفسية لدى مرضى الصرع بما في ذلك القلق والاكتئاب، نتيجة المرض بحد ذاته من جهة، ونتيجة النظرة المجتمعية للمصابين بهذا المرض من جهة أخرى.
في حالات الصرع الذي يصعب إدارة نوباته باستخدام الأدوية، تزيد معدلات الوفاة كذلك بين المرضى؛ إذ تحدث الوفاة في حال استمرت نوبة الصرع فترة طويلة من الزمن، أو في حالة الحوادث التي قد يتعرض لها المريض في حال داهمته نوبة صرع مفاجئة أثناء مروره في شارع مزدحم بالسيارات، أو في حال أدت النوبة إلى سقوطه من مكان مرتفع أو غير ذلك من الحالات.
أسباب الصرع
وفقاً لما ورد في الموقع الرسمي لمنظمة الصحة العالمية WHO، فإن أسباب الصرع لا تزال مجهولة في 50% من الحالات.
مع ذلك هناك بعض العوامل المحددة التي قد تؤدي إلى الإصابة بمرض الصرع، منها:
العوامل الوراثية، فالصرع قد ينتقل بالوراثة.تلف الدماغ الناجم عن أسباب ما قبل أو خلال الولادة (مثل فقدان الأوكسجين أو الصدمة أثناء الولادة).تشوهات خلقية أو حالات وراثية متعلقة بتشوهات الدماغ.إصابة شديدة في الرأس.سكتة دماغية تحد من كمية الأوكسجين في الدماغ.عدوى في الدماغ مثل التهاب السحايا والتهاب الدماغ أو داء الكيسات المذنبة العصبي.ورم في المخ.
ومن الجدير بالذكر أن الصرع ليس مرضاً معدياً، لكنه قد ينتقل بالوراثة كما سبق وذكرنا.
shutterstock مرض الصرع
علاج الصرع
لا يوجد علاج نهائي للصرع في الوقت الحالي، لكن يمكن السيطرة على أعراضه ومنع النوبات باستخدام الأدوية (إذ تمكنت أدوية الصرع من منع حدوث النوبات لدى 70% من مرضى الصرع).
مع العلم أيضاً أن هذه الأدوية قد تتسبب على المدى الطويل في الشفاء من المرض في بعض الحالات، كما أن نوبات الصرع قد تختفي تلقائياً مع التقدم في العمر في حالات معينة.
وفقاً لما ورد في موقع Healthline، فإن الطبيب سيحدد خطة العلاج الأمثل تبعاً لشدة الأعراض لدى المريض والأمراض الأخرى التي يعاني منها، كما قد تتغير خطة العلاج بعد ملاحظة مدى استجابة جسد المريض له.
وتتضمن بعض خيارات العلاج ما يلي:
الأدوية المضادة للصرع (مضادات الاختلاج): يمكن أن تساعد الأدوية المضادة للصرع في تقليل عدد النوبات أو منعها بشكل نهائي.
ويجب الانتباه إلى أهمية تناول الدواء بالكميات وفي المواعيد المحددة التي يصفها الطبيب؛ لأن إهمال تناول الدواء قد يؤدي إلى عودة النوبات من جديد.
محفز العصب المبهم: وهو عبارة عن جهاز يوضع جراحياً تحت جلد الصدر ويحفز كهربائياً العصب الذي يمر عبر الرقبة لمنع النوبات.
نظام الكيتون الغذائي: قد يلجأ الأطباء إلى وصف نظام غذائي غني بالدهون ومنخفض الكربوهيدرات للأطفال الذين لا يستجيبون للأدوية.
جراحة الدماغ: يتم اللجوء إلى هذا الخيار في حال فشلت الأدوية تماماً في السيطرة على النوبات؛ إذ يمكن إزالة منطقة الدماغ التي تسبب نشاط النوبة عبر الجراحة.
ولا يزال العلماء يبحثون في علاجات جديدة لمرض الصرع منها الجراحات الإشعاعية.