28-05-2022 02:11 PM
بقلم : م. أنس معابرة
لا أستغرب شخصياً مستوى الإدمان الذي وصلنا اليه في إستعمال هواتفنا الذكية، وباتت محط أنظارنا لساعات طويلة، ولم نعد نحفظ رقماً واحداً من قائمة الأرقام الطويلة الى تضمها، حتى عمليات الحساب البسيطة؛ أصبحت تتم من خلالها، ووضعنا على العقول أقفالها.
قد نبرر ذلك الإدمان المفرط بأننا نستخدمها لمطالعة وسائل التواصل الإجتماعي، وقراءة الصحف، ومتابعة الأخبار المحلية والدولية، ومتابعة الحسابات البنكية، ودفع الفواتير الشهرية، وتحويل الأموال، وإجراء إتصالات العمل، وهو حقيقة لا مفر منها، ولكن بإمكاننا تخفيف الإعتماد على تلك الأجهزة، وتشغيل عقولنا في بعض الأحيان، لإستعادة جزء من لياقتنا العقلية والفكرية.
ولكن الإدمان غير المبرر على الإطلاق هو تعلّق الأطفال بتلك الأجهزة، وإصرارهم على متابعة التحديق في تلك الشاشات لساعات طِوال، دون أن يكون لهم عذر من الأعذار التي سبق وأن ذكرناها، فما هو السبب وراء هذا الإدمان؟ وكيف يمكننا السيطرة عليه؟
قد يكون الطفل مقصراً في دروسه، أو مشاغب في المدرسة، مما يتسبب له بالتوبيخ من قِبل المعلم أو المدير في عدة مناسبات أسبوعياً وربما يومياً، وربما يتعرض للتنمر والسخرية من قِبل أقرانه وزملاءه في المدرسة، ثم يعود الى البيت ليلاقي موجة كبيرة من التوبيخ من قِبل الوالدين، على درجاته المتدنية، أو نظراً لإتساخ ملابسه، وربما يتعرض أبضاً للتنمر من قبل إخوته في المنزل، أو جيرانه في الحي، أو أقاربه في الإجتماعات العائلية.
ثم يجلس الطفل الى هاتفه ليمارس لعبته المفضلة، وتبدأ كلمات المديح والثناء تنهال عليه من قِبل المنافسين نظراً لتفوقه وبراعته، ويغوص الطفل في عالم آخر يصنعه بنفسه ويختار أفراده، ويتوج نفسه ملكاً عليه.
وربما كان يتابع مقاطع الفيديو الأسرية المنتشرة بكثرة، وذلك لتعويض النقص في الحنان والإحتواء الأسري الذي يعاني منه في أسرته.
إن إدمان الأطفال اليوم على الأجهزة الحديثة من الهواتف والألعاب، ليس إدماناً على الألعاب ذاتها، بدليل أنهم يقومون بتغيير لعبتهم المفضلة كل فترة من الوقت، ولكنه إدمان على الشعور بالنجاح الذي يجده في تلك المجتمعات الإفتراضية، ويفتقر اليه في مجتمعه الحقيقي.
أما بالنسبة للسيطرة على إستخدام الأطفال لتلك الأجهزة؛ فسأتحدث هنا عن تجربة شخصية وجدتها ناجحة، ونصحت العديد من الزملاء والأقارب بها.
تقوم شركات الهواتف بتصميم برامج لمرقبة الأطفال من قِبل الوالدين، فعند شراءك لهاتف جديد لطفلك أو إعادة ضبط هاتفه القديم، كل ما عليك هو إدخال عمره الحقيقي، وستنصحك الشركة بتحميل برنامج مراقبة الهاتف من أحد الوالدين، إذ أن البرنامج مشترك بين جهاز الطفل وأحد والديه.
تتيح تلك البرامج تحديد مكان الطفل في أي وقت، كما تتيح إمكانية إغلاق الهاتف مباشرة، وتحديد وقت للنوم بحيث يتم إقفال الهاتف لحظتها، وإعادة فتحه بعد الإستيقاظ صباحاً وفق ساعات يتم تحديدها من قبل الأهل، والأجمل من هذا كله؛ أنها تتيح للوالدين التحكم بعدد ساعات إستخدام تلك الأجهزة.
كما أنك تُمكّن الوالدين من معرفة البرامج التي يستعملها الطفل، وحظر البرامج التي لا يرغبون لطفلهم بإستخدامها لأنها لا تتناسب مع أعمارهم، كما أنها تشترط موافقة الوالدين قبل الشروع في تحميل تطبيق جديد على الهاتف.
إن مسؤولية الوالدين فيما يخص إدمان الأطفال على الهواتف هي مسؤولية مزدوجة، تتمثل في توفير الأجواء الأسرية المناسبة، التي يشعر فيها الطفل بالتقدير والثناء والنجاح، وحمايته من التنمر والإستهزاء والإهانة، وتتمثل أيضاً في مراقبة الأطفال وهواتفهم، والبرامج التي يستخدمونها.
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
28-05-2022 02:11 PM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |