حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
الجمعة ,27 ديسمبر, 2024 م
طباعة
  • المشاهدات: 4360

برتوكولية التأبين وإشهار المذكرات والعمل السياسي

برتوكولية التأبين وإشهار المذكرات والعمل السياسي

برتوكولية التأبين وإشهار المذكرات والعمل السياسي

02-06-2022 09:37 AM

تعديل حجم الخط:

بقلم : حسن محمد الزبن
التأبين أصبح إحتفالية بروتوكولية، لاستذكار الشخصيات المؤثرة في السياسة الأردنية، وحفل التأبين للسياسيين يحضره ثلة من الكبار أصحاب الدولة، والوزراء، والسياسيين، والمثقفين، والإعلاميين، والصحفيين، ومتابعون للشأن الأردني، ومحبون ومهتمون من أطياف أخرى.
ما أريد قوله، أن ما يخص اليوميات والمذكرات التي يسجلها السياسي الذي عاصر الأحداث في الدولة، هي خطوة جريئة إذا احتكمت إلى الحيادية في الطرح، دون تجني على أحد، ودون تقصد البطولة في صناعة الأحداث؛ ففي النهاية هناك رأي آخر، ونقد، واعتراض ممن ما زالوا على قيد الحياة، وعاشوا في خضم الأحداث التي تتحدث عنها أي مذكرات تصدر بغض النظر عن صاحبها.
وصدور المذكرات لأي سياسي، يعني أنها أصبحت ملك العامة، وجزء من التوثيق، رغم رصدها ومتابعتها، وعدم القبول ببعض ما جاء فيها، واعتقادي أن أدب المذكرات للسياسيين قليل، ويمكن تتبعه بسهولة، ولا بدّ للشهادات من المهتمين أن لا تغيب؛ فتكون بصدقية وشفافية عالية، بوضعها المذكرات في الميزان المنصف لمحاكمة المحتوى، ومحاكمة صاحبها تاريخيا وسياسيا، لأنه لا يمكن أن نتعامى عن تجاوزات تمثل في أي جزئية من فصولها محض افتراءات، ونسلم بالأمر أنها أصبحت بين دفتي كتاب، فيتم تبنيها والأخذ بروايتها ضمنا على أنها تشكل وجها من التاريخ السياسي الأردني، وهذا غير مقبول ولا يؤخذ به بتاتا.
كثير من السياسين الأردنيين يخشى أن ينزلق في اتجاه كتابة مذكراته الشخصية، مع أنه يكون قد دون كثير من محطات حياته، ويحتفظ فيها داخل أدراج مكتبه، لكنه لا يرغب أن تخرج للعلن، أو ترى النور لاعتبارات كثيرة لديه، ومن يعرفون الحقيقة بعضهم يغض الطرف عما يصدر من مذكرات، رغم ما خرج عنها فيه ما يجانب الصواب والحقيقة.
من شغلوا المصب العام، كانوا بين سيوف النحر وبين سيوف الصّد، في حياتهم ومماتهم، لكن التأبين عموما يعني طرح الجانب المضيء من حياة المؤبن، ويتناول الحديث فيه عن المناقب والمواقف والتاريخ الشخصي للفقيد.
وأنا هنا مع إنصاف أي رجل دولة عاصر الأحداث الأردنية، حتى وإن كانت حياته مرّت بمنعطفات أو محطات اختلف فيها مع الدولة؛ فلا معنى للمذكرات إذا تطابقت مع رؤية الدولة؛ فالدولة تحكمها السياسة التي تتبدل حسب الظروف الإقليمية والدولية، ولعبة المصالح والمكتسبات، حتى الأشخاص في مواقعهم الرسمية لإدارة شؤون الدولة، كانوا ضمن تفاصيلها، ويُفترض أن يكتبوا عن أخطائهم، وضمور رؤية الدولة أحيانا في قرارات هامة اتخذتها، وتبن فيما بعد أنها خُدعت وضللت واتخذت قرارات غير صائبة ولم توفق في خدمة المصالح الوطنية.
حقيقة وبكل وضوح نحتاج إلى سياسيين أردنيين أصحاب رأي جريء يمتثل في أدائه للمصلحة الوطنية، والرأي السديد ليس طعنا في خاصرة الدولة، بقدر ما هو تصويب للأخطاء السياسية للدولة، والمسيرة بحد ذاتها.
نريد أن يتطابق الرأي الرسمي مع الرأي الصحفي والاعلامي الحيادي والموثوق، لا أن يكون أيا منهم تبعا لللآخر، فتفقد الحكومات مصداقيتها، ويتم محاكمتها بعد رحيلها أنها أخفقت في هذا، وارتبكت في ذاك؛ فالاختلاف في الرأي بأمور الدولة لا يعني توجيه التهم لبعض رجالاتها، أو المطالبة بتحييدهم عن مواقعهم، مع أنهم أهلا لها بفكرهم السياسي وإرثهم الوطني، ما المانع في الاختلاف الذي يثري العمل العام، ولا يهدمه، ويعطي نضارة لوجه الدولة، ويجعل المكاشفة جزء من تاريخ الدولة والوطن، ما دام يحصن النخب من حالة الارتجاف، أو التقوقع في الظل في قضايا حاسمة، حين ترى الأسلم لها النأي بنفسها عن المواجهة، حتى لا تقع في أخطاء تسبب لها المتاعب.
حالة الارتهان للظل تزيد الأمر تعقيدا، وتساهم في إحداث فجوة واسعة بين الحكومة والشعب، وعبر العديد من المحطات، مما يولد حالة من التذمر، والهمس في الخفاء ضد الدولة، أو ضد النظام، وهذا يخلق حالة من تثوير العامة والشارع، وانفاذ مخططات تعمل ليل نهار للنيل من وحدة وصلابة الوطن.
مواقف أي رجل دولة هي التي تحاكمه، والاختلاف معه لا يعني أننا في الجانب الضد، أو نعمل على مصادرة تاريخه كله، فالدولة تخطئ، والسياسي يخطئ، لكن العودة عن الخطأ هو امتثال للتوافقات نحو المصالح العليا، وعدم احراج النظام بتحمل وزر السياسة المرتبكة.
كل شخصية تتقلد المنصب العام لا تخرج عن وطنيتها والرؤى القومية هي بالتأكيد في المسار الصحيح، والاستباقية في الحكم قبل القراءة المتأنية والحصيفة لأي شخصية عامة، هو نوع من التشويش، والظلم، والرؤيا الجائرة حتما، لانها ستحشد رأيا مخالفا استند لاتهامات عشوائية، وتكهنات لا تخدم الانصاف ومشروعيته، وتخلق حالة جدلية في العلاقة بين السياسي والدولة، وبين السياسي والشعب، وترسم ملامح ضبابية، يحيطها التساؤل، والاستفهامات المنطقية والغبية، وبالعموم خلق حالة من الشك والريبة في الحياة السياسية الأردنية عبر بعض المحطات والتحديات والتداعيات، التي لا تنفك أن تحدث في أي دولة في العالم وليس في الأردن تحديدا.
حمى الله الأردن،








طباعة
  • المشاهدات: 4360
 
1 -
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
02-06-2022 09:37 AM

سرايا

لا يوجد تعليقات
الاسم : *
البريد الالكتروني :
التعليق : *
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :
لا يمكنك التصويت او مشاهدة النتائج

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم