04-06-2022 09:17 AM
سرايا - تزاحم سعوديات، الرجال في ورشة لتصليح السيارات في جدة الواقعة على ساحل البحر الأحمر غرب المملكة.
فبعد أربع سنوات فقط على السماح للنساء بالقيادة في المملكة، اقتحمن عالم الميكانيك الذين كان أيضا حكرا على الرجال.
وقرّرت ورشة ”بيترومين إكسبريس“ في المدينة، تطبيق التوجه الذي تدفع في اتجاهه الحكومة لجهة فتح مجالات العمل أمام الرجال والنساء في القطاعات المختلفة.
ولم يخل الأمر من صعوبات واجهتها النساء المعنيات لدى دخولهن مجالا يهيمن عليه الذكور في كل أرجاء العالم، وبشكل أكبر بطبيعة الحال في المملكة المحافظة.
وتتحدث الميكانيكيات عن الأشهر الأولى في الوظيفة التي أثارت لديهن شكوكا وقلقا، بينما تعرضن أحيانا لسوء معاملة من بعض الزبائن.
وتقول غادة أحمد، إنّ ”رجلا كبيرا في السن“ حضر إلى الورشة، وأمر جميع النساء بالخروج منها، قائلا إنّه ”لا يريدهن قرب سيارته“، مفضّلا التعامل مع رجل.
وتوضح ”أحمد“ التي ارتدت قفازات بيضاء ملطخة بالزيوت، ومعطفا طويلا أزرق اللون أنه ”في البداية، طبيعي ألا يثق أحد بي، لأنني امرأة“.
وتضيف أنه ”أمر جديد عليهم (الزبائن الرجال)… بعد سنين من التعامل فقط مع الرجال“.
وفيما كانت تجتهد لتعلّم الأساسيات كفحص زيت المحرك وتغيير الإطارات، مرّت غادة أحمد، بأوقات تساءلت فيها ”إذا كان هؤلاء الرجال فعلا على حق“.
وتقول: ”عانيت في البداية، وكنت أعود للمنزل حزينة ويداي منتفختان وأبكي وأقول: هذه الوظيفة ليست لي. يبدو أن كلامهم (الرجال) صحيح“.
لكنّ مع تطوّر مهاراتها ومعها ثقتها بنفسها، بات هناك زبائن يدعمونها.
وتتابع بفرح: ”قبل فترة، جاء رجل قال أنا فخور بكن جدا، أنتن شرف لنا، أنتن تاج على رؤوسنا“.
تشجيع الأزواج
ويندرج تعزيز حقوق النساء بين أبرز النقاط الواردة في رؤية ”السعودية 2030″، الرامية لتنويع الاقتصاد وتغيير صورة التشدد السائدة في العالم عن المملكة.
وتقول الميكانيكيات لـ“فرانس برس“ إنهن ”لم يكنّ ليبدأن هكذا مهنة شاقة دون موافقة أزواجهن“.
وتذكر علا فليمبان، الأم لأربعة أطفال والبالغة 44 عاما، أنها ”سمعت عن الوظيفة عبر تطبيق (سناب شات)، وسألت على الفور زوجها رأفت إذا كان بوسعها أن تتقدم للعمل بهذه المهنة“.
وتبين أنه ”وافق وساعدها على الاستعداد للمقابلة عبر تعليمها أسماء قطع غيار السيارات المختلفة“.
وبعد حصولها على الوظيفة، تجاوزت ”علا“ سريعا زوجها وابنهما البالغ 23 عاما في المهارة والمعرفة المرتبطة بمجال السيارات.
ويقول رأفت فليمبان: ”الآن باتت لديها خبرة في مختلف أنواع السيارات وكيفية فحصها بعناية وكيفية تغيير الزيت. حتى أنها الآن تقوم بفحص سياراتي“.
وبفضل دعم أسرتها، بات من السهل على ”علا“ التعامل مع الزبائن في الورشة.
وتقول: ”في البداية، كانوا مندهشين جدا أن تعمل نساء في هذا المجال. وكانوا يسألوننا كيف أحببنا هذا المجال“.
وتضيف أن ”هذا أكثر سؤال يُطرح علينا“.
وبينما كانت تتحدث، كان مشعل (20 عاما) يدخل سيارته إلى الورشة لتغيير زيت المحرك.
ويقرّ مشعل بأنه ”صُدم“، حين وجد أنّ امرأة ستقوم بالمهمة، لكنّه كان هادئا إلى حد كبير.
ويقول: ”ما دمن وصلن الى هذا المكان، فبالتأكيد تدربن جيدا“.
ويتابع ضاحكا ”ربما يفهمن أكثر مني بالسيارات“.
ويقول نائب رئيس شركة ”بيترومين“، إنّ شركته كانت ”واثقة من أنّ هذه المبادرة ستشجّع مزيدا من النساء على الالتحاق بقطاع السيارات على كافة المستويات“.
شعور النساء الأخريات
ولعل الأكثر ارتياحا إلى مبادرة ورشة جدة، هن السائقات في المدينة اللواتي يشعرن براحة أكبر حين يأخذن سيارتهن إلى مكان تعمل فيه نساء.
وتقول أنغام جداوي (30 عاما): ”نحن نجعل النساء يشعرن بأريحية حين نعمل على سيارتهن“.
وتوضح: ”بعض النساء يشعرن بالخجل حين يتعاملن مع رجال، فلا يعرفن مناقشة الرجال لمعرفة ما يحدث بسيارتهن. (…) أما معنا، فيناقشن ويسألن كثيرا“.
وبالنسبة لجداوي، كانت هذه الوظيفة حلما ظنت أنه مستحيل.
وتقول: ”كان حلمي أن التحق بمجال السيارات، لكنّ طبعا كامرأة سعودية، لم يكن هذا التخصص متاحا. لذا، حين جاءت الفرصة، قدّمت دون تردد والحمد لله تم قبولي“.
وهي تدرس الآن لتقديم اختبار القيادة ولتحصل على رخصة القيادة خلال شهر.
وتضيف جداوي: ”الآن أعرف المشاكل التي يمكن أن تتعرض لها السيارة“، موضحة أنه ”إذا حدثت لي مشكلة في وسط الطريق، أعرف كيف اتصرف“.