04-06-2022 10:26 AM
بقلم : ثائر جبريل القراله
منذ العصور التي اتسمت بالاستبداد والانغلاق وصراعات قامت على أتفه الأسباب تكوّن العقل العربي المُعقد والذي لا يقبل أي رأي للآخر حتى أنه لا يقبل الآخر نفسه ... مشكلة العقل العربي أنه عقل إذا لان يلين بخباثة، عقل يعرف كل شيء ولا يجهل شيء وكل العقول عداه جاهلة ... عقل متعالي وشكاك صناعة استبدادية بامتياز ....
ما زالت العقلية العربية غارقة في بحور الظلمات نائمة في ظلمات عصور الأساطير والخرافات وتحمل أثقال التخلف الروحي والإنساني.
يرفض العقل العربي الاعتراف بحقيقة الأشياء وهذا نتاج الموروث الفكري والثقافي و دليل على وجود علة في خبايا هذا العقل.
رغم كل ذلك التحرر التعصبي الذي عاشه العقل العربي في العصور السابقة إلا أنّه يعاني منذ عصور ليست ببعيدة مما يسمى بالتّبعية وقد ترتب على هذه العقلية التّبعية أن أصَّلتْ لدى الإنسان العربي اتِّكاليةً تحمل طابع مُخزي، فكانت النتيجة التي وصَل إليها هذا العقل هي تحوُّلَه إلى عقْل استِهلاكي غير مُتزن.
إنَّ العقل العربي وحسب الواقع المرير يتم التعامل معه مِن قِبل نُخبَته، وحيث أن له بُعد عالمي أصبَح سلَّة مُهمَلات يُرمى فيها كل نفايات العالم دون حاجة لغربلتها أو حتى تنقيتها، بل إنّ العقل العربي أصبح مجال تَسفيه وسُخرِية للآخرين يَتندَّرون به وبتصرُّفاته ويلصقون به ما يريدون حسب متطلبات الموقف والمصلحة.
حسب المصادفات الغريبة التي يعيشها كوكبنا والذي ينافي الفطرة السليمة سواء على المستوى الفردي أو الجمعي فإنّ العقلية العربية تسير عكس الدنيا بل وعكس التاريخ (إلى الخلف دور).
ولو تتبعنا المسيرة الطبيعية لشعوب العالم لعرفنا أنّها فعلاً خرجت من عصور الظلمات إلى النور، ومن الخرافة إلى الحقيقة، إلا الشعوب العربية التي كرهت عقليتها النور بل تسعى بكل جهدها وتقاتل من أجل البقاء في دائرة الجهل والسكون في عوالم الظلام .
قد نصادف كثير ممن يعتقدون أن العقلية العربية بدأت بالنهوض من خلال بزوغ ما يسمى بالعقلانية التأسيسية القائمة على استيعاب المناهج المعاصرة و الكثير من الطروحات المختلفة! إلا أنها وإن اتفقت على أصل النهوض، لكنّها في الحقيقة تختلف في الرؤية وطريقة التعامل مع تحقيق هذا النهوض.
لا يمكن للعقلية العربية أن تسير في طريق الإبداع والابتكار إلا من خلال النقد الذاتي والاعتراف بالاخطاء من دون مكابرة، قد نصل وقتها فقط إلى مرحلة البداية في إصلاح الخلل مرتكزين على الحوار وقبول التعددية والاختلاف، وبالتالي النهوض من مستنقع الركود وغياهب الماضي وطقوس الأنا لعلّنا ندرك شيئاً من الإنسانية التي قد تساعدنا في دخول حلبة المنافسة مع مجتمعات تصالحت مع ذواتها منذ زمن بعيد.
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
04-06-2022 10:26 AM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |