بقلم : الدكتور فارس محمد العمارات
اظهرت التغيرات العالمية والاقليمية خاصة بعد الحرب الروسية الاوكرانية نوعاً من التشكيل الهندسي للامن من جهة ولنوعية الصراع وتشكيل التوازنات العالمية من جهة اخرى ، وقد استدعى ذلك السعي من كبار القادة الروس إلى الحديث عن نظرية الهندسة الجديدة للامن العالمي ، وخلق توازن جديد يجبر الدول الاخرى على اعادة رسم سياساتها الخارجية وكيفية اتداول والتعامل مع الدول الاخرى ، خاصة في ظل عدم كفاية القوة لتشكيل الردع العسكري والاستراتيجي للدول الاخرى .

نائب رئيس مجلس الأمن الروسي ديمتري ميدفيديف تحدث عن نهاية الحرب الرسوية الاوكرانية بانها يجب أن تقود في النهاية إلى ظهور ما يسمى "هندسة جديدة للأمن العالمي"، وهذا سوف يتم من خلال التوازن الامني والعسكري بين القطبين المتصارعين على تشكيل هندسة جديدة للامن العالمي وتشكيل خريطة جديدة للصراع والحرب والسلم ، وهذا يتم من خلال وقف التدخلات الخارجية في شؤون الدول او الدفاع بالوكالة عن بعضها ، لوجود مصالح خاصة لدى الدول الكبرى والتي تتمتع بقوة عسكرية واستراتيجة يجعلها تشكل كيفية الصراع حسب ما تراه مصالحها واتجاهاتها .
ان القرارات التي تتم من خلال ما وراء المٌحيطات سيكون لها اثر سلبي على الشكل الهندسي الذي يسعى إلى رسمه الدب الروسي ، فضلا عن شكل الصراع وكبح جماح بعض الدول التي قد تسول لها نفسها بالسعي إلى التلصص على عقر الدار الروسية من خلال قنوات قد تكون مٌحرمة بالنسة لروسيا وبعض الدول الاخرى التي تسعى إلى الحفاظ على اسرارها العسكرية والاستراتيجة ، وتسعى إلى اشعار العالم اجمع بأن هناك توازن في القوى وان ما يٌسمى بالقطب الواحد قد ولى إلى غير رجعة ،وان السعي إلى السيطرة على العالم قد بات حٌلما لن يتحقق.
مما سبق فان زوايا الهندسة الجديدة للامن العالمي ستكون اكثر حدة مما كانت عليه سابقاً خاصة في ظل تحجم القوة الغربية ، خاصة بعد ان فشلت اسلحتها في كبح جماح الالة العسكرية الروسية ، ول تمنع من تقدمها باتجاه مدن اوكرانية عدة ، ناهيك عن ان الامن المتعلق بالطاقة والغذاء قد تخلخل عن ما كان عليه سابقاً ، وتأثر منه العالم اجمع خاصة ان هذا الامن ينضوي تحت منظومة الامن الشامل ، والتي تعرضت اضلاعه الة التخلخل والاهتزاز ، وان بعض الدول قد تنهار هندسة الامن في بعض جوانبه، ولن يتمكن من السيطرة على زوايا نال منها الزمن ، جراء الفقر والجوع والعوز ، وتأكل الرواتب ، وتغول المديونية والبطالة على شتى الجوانب الاجتماعية والإقتصادية فيها ، الامر الذي يتطلب من كثير من الدول اعادة تشكيل منظومة الامن ، واعادة رسم الشكل الهندسي حسب ما سيكون عليه الشكل الهندسي للامن العالمي القادم .