06-06-2022 11:03 AM
بقلم : محمد يونس العبادي
في زمن التحولات الدولية الكبرى، وتغير موازين القوى، ووسط عالمٍ متغيرٍ بتنا نرى مقدمات مرحلته الجديدة مع تطورات الحرب في أوكرانيا، وأزمات الغذاء والحبوب، وسلاسل التوريد، من يستطيع أنّ يرسم لنفسه مكانةً دبلوماسيةٍ ويؤكد حضوره، فهو قوى ويمتلك الكثير من الحكمة الوازنة، والتقدير الدولي.
مناسبة هذه المقدمة، هي الاجتماع الأوروبي الأخير في البحر الميت، وهو الاجتماع الرابع عشر لمجلس الشراكة بين الأردن والاتحاد، ومن أبرز سماته، وفي ظل ما يخيم على العالم من تطورات، بأنه ينعقد لأول مرةٍ في مقر دولةٍ شريكةٍ للاتحاد، وليس في أروقة الاتحاد في بروكسل.
أهمية هذا الاجتماع، بالحضور الأوروبي الذي مثله مفوض السياسية الخارجية والسياسة الأمنية جوزيب بوريل، والرجل من أهم دبلوماسيي الاتحاد، وقد أثنى بتصريحاته على الأردن، وأكّد على محورية دوره في منطقتنا المضطربة، وقد حضره الاجتماع أيضا، وزراء خارجية قبرص، وإيرلندا، واليونان، والمفوض الأوروبي لسياسة التوسع والجوار، بالإضافة إلى دبلوماسيين أوروبيين.
وقراءة البيان الصادر عن هذا الاجتماع، تشير إلى أنّه جاء بنتائج ذات شقين: سياسية واقتصادية.
في الشق السياسي، تم التأكيد على محورية الدور الأردني في تعزيز الاستقرار بالمنطقة، والتأكيد على حل الدولتين، وإقامة الدولة الفلسطينية على حدود الرابع من حزيران 1967م، بالإضافة إلى التأكيد على أهمية " احترام الوضع التاريخي القائم في الأماكن المقدسة في القدس، بما في ذلك الوصاية الهاشمية التاريخية"، ودعم "الأونروا"، وغيرها من القضايا الإقليمية.
ولكن، من جديد ينجح الأردن وعبر دبلوماسيته على تحقيق مواقف مهمة لفلسطين وقضيتها، وخاصة مع التصعيد الإسرائيلي الأخير، والتحولات التي تجري في مشهده السياسي هناك، إذ باتت الحكومات هناك تترنح، وتقتات على كسب "اليمين الديني"..
أما الشق الاقتصادي للاجتماع الأردني الأوروبي الاخير، فيمكن قراءة أهميته في الالتزام الأوروبي عبر وثيقة أولويات الشراكة 2021 – 2027م، والأردن أول دولة شريكة من دول الجوار الجنوبي تتوصل إلى اتفاق مع الاتحاد الأوروبي حول الوثيقة، فقد تضمنت العديد من المشاريع الهامة مثل دعم محطة تحلية ونقل المياه بين العقبة وعمان، وحزمة مساعدات ثالثة للمملكة، وتوفير دعم أوروبي أولي بـ364 مليون يورو لدعم الإصلاحات في الأردن.
أهمية هذا الاجتماع، أنه وفي سياق متابعة الدبلوماسية الأردنية التي يقودها جلالة الملك، يعبر عن جهد ودور أردني موصول، فقبل نحو الشهر عقدت قمة في واشنطن جمعت جلالة الملك عبدالله الثاني، بالرئيس الأميركي جوبايدن، وحققت الزيارة الملكية نتائج مهمة، بينها التأكيد الأمريكي، على أهمية الوصاية الهاشمية، كما عقد جلالة الملك سلسلة اجتماعاتٍ في الكونغرس، عكست أهمية الدور والرؤى الملكية، وبما ينعكس على الأردن اقتصادياً وتنموياً.
هذه الدبلوماسية الأردنية النشطة، والتي يقودها جلالة الملك عبدالله الثاني، تتعزز أيضاً، بالشراكات الإقليمية التي بات الأردن محوراً فيها، فهنالك الشراكة الإماراتية المصرية الأردنية، وهي شراكة صناعية واعدة، وتأسيس جديد لتكاملٍ اقتصاديٍ هامٍ، في زمن الأزمات والتحولات، وبالتوازي هنالك القمم الثلاثية التي تؤسس لشراكات بين مصر والأردن والعراق.
إننا اليوم، أمام دورٍ أردنيٍ هام، يستبق التحولات الكبرى في الإقليم والعالم، وظلال هذه المتغيرات، أو مقدماتها، باتت تنشأ مع ترتيبات جديدة في النظام الدولي والإقليمي، وهي نتائج لمّا يعانيه العالم من أزماتٍ، لذا تبرز دور الدبلوماسية هنا، أيّ على المحكات.
والأردن بقيادة جلالة الملك، بات يسخر هذه الدبلوماسية بذكاءٍ وحكمةٍ تخدم الأردن، وتحاول التخفيف من وطأة عبوره للعالم الجديد الذي يتشكل، وهو عالم من أبرز سماته: الشراكات الحقيقية القائمة على بناء جسورٍ من المصالح، وهي شراكات تكاملية، تحاول اجتياز مشاكل الاستقطاب، وتأمين مصالح الشعوب.
إنّ دبلوماسية جلالة الملك، تبني على دورٍ أردنيٍ هامٍ عبر المسارات كافة، وتستوعب المتغيرات، بل وتستبقها بحكمةٍ وبثقةٍ ملكيةٍ معهودة.
دام الأردن عزيزاً..
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
06-06-2022 11:03 AM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |