08-06-2022 01:00 PM
بقلم : الدكتور فارس محمد العمارات
لا احد ينكر ان مواقع التواصل الإجتماعي، هي ترسانة من المواقع والتطبيقات والمنصات ، وجيوش بلا عدة ولا عتاد ، سوى انها ظهرت لتسهيل عمليات التواصل وتبادل الآراء والأفكار والاطلاع على ثقافات وتقاليد ومٌعتقدات المٌجتمعات التي اصبحت تعيش في دائرة إفتراضية ضيقة، مٌختصرة بذلك المكان والزمان بين الأفراد لتجعل العالم أصغر مما يبدو عليه فلغياب الشروط والقيود لمٌستخدميها أضحت ملاذاً لجميع طبقات المٌجتمع ولم تقتصر على فئة مٌعينة، والمؤسف حقاً بان الهوية الرقمية لم تعد نفسها الهوية الحقيقية التي كنا نتغنى بها ذات يوم بالرغم من ضيق اليد وضنك العيش.
في مواقع التواصل الاجتماعي تغيب المثالية والكمال ، حيث لا مكان للقبح والبشاعة، ويبتعد البعض عن آنتقاء حالاته وعباراته ، ويتفنن في مدح نفسه وإظهار محاسنه، ويحظى بحياة خيالة رائعة، لا فرق بين العاقل والجاهل، بين الغث والسمين، بل يزيد كل منهم الوضع سوأ بافعاله وتخطيه لكل محاذير السلوك بفنون من التزييف، لتكشف لنا هذه المواقع جانباً مٌخفياً من النفاق والانفصام في الشخصية، وانحراف الحقائق عن مسارها ، وينالوا من الافراد بعيداً عن التحري ، وينتقصوا من مكنونات المٌجتمع ، وينالوا من بعض الاشخاص الذين شٌهد لهم بالاستقامة والنظافة لتكالب بعض الاهداف الزائفة واصحاب الرؤى السوداوية .
وإذا كانت مواقع التواصل قد قدمت لنا الكثير من الإيجابيات ومهدت الطريق نحو عالم سريع، إلا أنها تبقى سيفا دو حدين فسلبياتها لم تٌعد قابلة للتجاهل، كونها رمزا للخداع والنفاق الاجتماعي، خاصة في ظل ضعف بعض القوانين التي لم تٌشكل رادعا للبعض .
ومن نتائج البحث في سلوكيات هولاء الذين نالوا من الحقيقة وهشموا صورتها ، فان أبرز الدوافع وراء خلق هذه الهوة بين حياة الفرد الواقعية والافتراضية، التقليد الاعمى، والسعي للنجومية الرخيصة، فكثرة التزييف داخل هذه المواقع جعل بعض الاشخاص يدخل في صراعات نفسية حقيقية، يشعر خلالها بالدونية واحتقار الذات، وما يثبت ذلك اللهث وراء الاخبار المٌفبركة، والصور غير اللائقة ، ورفضهم للاطلاع على اي مقالات قد تٌشكل اضافة نوعية لهم .
وبالتوازي مع العالم الواقعي، فالعالم الافتراضي بدوره يساعد على نشوء علاقات ذات طابع مختلف بعيدا عن ان يفهم مغزاها ومسارها، حيث تتشكل علاقاتنا إنطلاقا من قناعات خاطئة ، فقد نتأثر بصور أشخاص من داخل هذه المواقع، حيث اثبت بشكل قاطع ان من ينتقي صوره بآحترافية ويٌحسن النشر يحظى بآهتمام أكبر وعلاقات أكثر، وتكون غالبا علاقات مبنية على مٌغالطات وأسس غير واقعية، ينتهي بها المطاف إلى التشتت ، مما يجعل الشخص يستمر في الدوران داخل حلقة ٌمفرغة.
قد تقدم مواقع التواصل الاجتماعي الكثير من الإيجابيات ، إلا أنها تبقى سيفا دو حدين فسلبياتها لم تعد قابلة للتجاهل، كونها رمزا للخداع والنفاق الاجتماعي ،ولم يعد مٌمكنا أن يكون هناك تمييز بين الحقية والخيال، وان المٌحافظة على الذات ستكون مٌرتبطة بتغليظ العقوبات على كل فرد قد يتعدى حدود الكياسة والاخلاق ، ويعمل على تحريف الحقيقة وتوشيهها ، وان لا يقف ذلك عند القانون بل يجب ان يتعده إلى تهذيب السلوك وتوطين الافراد الجانحين عن عين الحقيقة وشفافيتها .
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
08-06-2022 01:00 PM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |