18-06-2022 09:34 AM
بقلم : م. أنس معابرة
• فوائد الألم
قد يتساءل البعض: وهل للألم فائدة؟ ألا يكفي مقدار العذاب المصاحب للألم مهما كان نوعه، فما الفائدة التي من الممكن أن نجنيها من تعرضنا للألم؟
تخيل أنك لم تشعر بالألم ويدك تقترب من المدفأة، أو والنار قد أمسكت بطرف ثوبك، أو أنك لم تشعر بالألم في جهة القلب واليد اليسرى، هل تعلم ماذا ستكون النتيجة؟
إن الألم الجسدي قد يصيبنا أحياناً، ولكن من المهم أن تدرك أنه عبارة عن إنذار لمصيبة أكبر، أو تحذير من مضاعفات خطيرة، الصداع في الرأس قد يشعرك بضرورة مراجعة الطبيب، وألم الأسنان هو تحذير لتسوس قد يتسبب بخسارة السن لاحقاً، وألم القلب واليد اليسرى هو تمهيد لجلطة قلبية – لا سمح الله -، ويجب عند الشعور به أن تتوجه الى المستشفى فوراً.
عندما سقطت التفاحة على رأس إسحاق نيوتن - على الرغم من عدم تأكيد القصة -، من المؤكد أنها سببت له الألم، فراح يبحث عن السبب الذي دفعها للسقوط، ولماذا لم تتحرك نحو الأعلى أو الى أحد الجانبين، الى أن توصل الى قانون الجاذبية الأرضية، فلولا الألم ما أحس بها نيوتن، ولتأخر الكشف عن قانون الجاذبية لقرون.
إن الألم الذي تعانيه الأم عند الولادة يعتبر أشد أنواع الألم على وجه الأرض بعد الحرق حياً، ولكن الغريب أن الأم بعد ولادتها تعود فتحمل مرة أحرى، ثم أخرى، ولكن ما الذي يدفعها لتحمل كل تلك الآلام عدة مرات؟ إن الأم تعلم جيداً أنها لن تحس بشعور الأمومة لولا تلك الآلام، ولن تجد من يناديها بأمي دون الآلام المخاض، حتى مريم البتول عليها السلام؛ وهي في قمة الألم والمعاناة، يطلب منها الله عز وجل أن تهز الشجرة لتأكل رطباً جنياً.
وملالا يوسف زاي شعرت بالكثير من الألم في حياتها، فهي فتاة باكستانية، سيطرت حركة طالبان على مكان إقامتها، ومنعتْ الفتيات من الذهاب للمدارس. لقد كان بإمكانها الرضوخ للأمر الواقع كغيرها من الفتيات، إلا أنها تحدت الظروف، وكسرت الحصار المفروض من مقاتلي الحركة على الفتيات، وعند عودتها من مدرستها في أحد الأيام، صعد أحد مقاتلي الحركة الى الحافلة التي تستقلها، وأطلق عليها النار في الوجه مباشرة.
لم تمت ملالا، وتم إجراء عدة عمليات جراحية لها، ولكنني أعتقد بأن كمية الألم التي نالتها كبيرة حتى الآن وكافية، فهل توقفت هنا؟ لا لم تتوقف؛ لقد كانت كمية الألم الإضافية تدفعها الى المزيد من العمل للمطالبة بحقوق الفتيات في التعليم، وتم تهديدها عدة مرات، والتهديد بإغتيال أسرتها، إلا أنها زادت الأمل كلما زاد الألم، فما كانت النتيجة؟
لقد بلغ صوتها الآفاق، وطافت حول العالم للترويج لحقوق المرأة في الحياة والعمل والتعلم، وتم بيع الملايين من كتبها، وأصبحت متحدثة مطلوبة حول العالم، وفي عمر 17 عاماً فقط؛ حصلت ملالا عام 2014 على جائزة نوبل للسلام، لتكون أصغر من يحصل على الجائزة على مر التاريخ.
إن الألم جزء من المسار، أو جزء من العملية الحياتية، من المهم لك أن تشعر بالألم في مرحلة ما من مراحل حياتك، ولكن الأهم من ذلك أن تستثمر ذلك الألم لتحوله الى أمل.
خلاصة القول:
الألم موجود وهو جزء من مسارنا في الحياة الدنيا، وعلينا تقبله ومحاولة التكيف مع أشكاله المختلفة.
لولا الألم ما أدركنا أن النار تشب في أجسادنا، أو أننا على وشك الدخول في نوبة مرضية خطيرة، أو إلتهاب، أو خسارة لأحد الأسنان مثلاً.
إن الشكل الأمثل للتعامل مع الألم من خلال تحويله الى أمل، تماماً كما فعل الأنبياء والرسل والصحابة والتابعين، وتماماً كما فعلت ملالا وبوذا وغيرهم.
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
18-06-2022 09:34 AM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |