27-06-2022 12:13 PM
بقلم : م. أنس معابرة
لم تكن المرحومة إيمان أول ضحايا العنف الذي تشهده جامعاتنا بين الحين والآخر، وأعتقد أنها لن تكون الأخيرة، ولن يتوقف سيل الدماء على صفحات الكتب ومقاعد الدراسة؛ لحين تدخل الدولة، وإيجاد حلول لهذه المشكلة التي تهدد أبناءنا وبناتنا في الجامعات.
شهدت العديد من الجامعات مشاجرات وحوادث قتل أو إعتداء على الأشخاص والممتلكات منذ تأسيسها وحتى اليوم وربما الغد، إنتهت بعضها بالقبض على الجناة، وتحويلهم الى أروقة المحاكم، ولكن المشكلة ما زالت قائمة ولم يتم حلها حتى الآن.
حاولْ أن تدخل الى مجلس النواب، أو الى دار رئاسة الوزراء، لتجد التفتيش الأمني الدقيق، لدرجة خلع الحزام والحذاء والساعة للتأكد من خلوك من الأدوات الحادة أو الممنوعة، ولكن الدخول الى الحرم الجامعي مسموح بعد التلويح لرجل الأمن القابع على البوابة فقط، مع العلم بأن قدسية الحرم الجامعي؛ أكبر بكثير من قدسية غيرها من الأماكن التي يخضع داخلوها الى التفتيش الدقيق.
بغض النظر عن أسباب جريمة المرحومة إيمان، وإذا ما كان لها دوافع شخصية أو مرضية أو نفسية، إلا أن التقصير الأمني كان واضحاً للعيان، ولا يمكن التغاضي عنه.
لم يتم تركيب أجهزة التفتيش بالأشعة على بوابات الجامعات بسبب التكلفة المرتفعة لها كما يزعُم البعض، ولكن يتم تركيبه في العديد من المواقع والوزارات والمطارات والمراكز الحدودية وغيرها، كونها أكثر أهمية، أو أن حياة مَن هم بداخلها؛ أغلى من حياة فلذات أكبادنا في الجامعات.
إن الرسوم الجامعية التي تُثقل كاهل الأسر في الأردن، والتي تذهب الى خزائن الأباطرة في الجامعات، يتم دفعها لكي ينال أبناءنا تعليمهم في جو من الأمن، ولتوفير بيئة تعليمية مناسبة لهم، ومن حقنا وحق أبناءنا أن نشعر بالأمان لحظة دخولنا الى الحرم الجامعي.
الجامعات قادرة مالياً على توفير تلك الأجهزة على البوابات، وكلنا نعلم تكاليف الدراسة الجامعية والتي تتراوح بين عدة الآف الى مئات منها للطالب الواحد خلال سنوات الدراسة، ولكن طمع العديد من الجامعات حال دون ذلك، وفضلوا تكديس الأرباح الى جانب جثث الضحايا من الطلبة.
إن الرواتب الزهيدة التي تدفعها الجامعات لرجال الأمن كان سبباً في تقاعس عددٍ منهم عن القيام بواجبهم في مراقبة الداخلين الى الجامعة، أو حتى تفتيشهم في حال الريبة والشك، ونتج عنه مجموعة من أشكال العنف المتفرقة، والتي نشهدها بين الحين والآخر.
تضع شركات الطيران شخصاً مختصاً على بوابة الطائرة، وظيفته قراءة لغة المسافر الجسدية، ودراسة إحتمالية ميله للعنف خلال الرحلة، والإطلاع على قدراته البدنية، كل هذا بعد التفتيش الأمني الدقيق على عدة مراحل داخل المطار، ولكن الجامعات تخلو من رجال الأمن المختصين، الممتلكين للفراسة القادرة على تمييز الطالب المتوتر من الطالب العادي.
لو كان جهاز التفتيش بالأشعة موجوداً على بوابة الجامعات؛ لتجنبنا كثيراً من حوادث العنف داخلها، بل لحَسَب المجرم ألف حساب قبل الشروع بجرمه داخل الحرم الجامعي.
نعم؛ لقد كان من الممكن أن يرتكب المجرم جريمته خارج الحرم الجامعي، هنا يتم الحديث عن المشاكل المتراكمة التي تعصف بالمجتمع، والذي إضمحلت فيه الطبقة الوسطى، وطغى الفقر على زمرة كبيرة من الشعب، وحالت الرسوم الجامعية الباهظة بين الطلبة ومقاعد الدراسة، وإرتفعت نسب البطالة الى أرقام قياسية، وحلقتْ أسعار الأراضي والشقق في السماء، وأصبح الزواج ضرباً من الخيال.
خلاصة القول:
لا بد أن تتحمل الجامعات المسؤولية المُناطة بها، في تأمين بيئة تعليمية آمنة مناسبة للطلبة، وأن تتخلى عن جشعها في تحقيق الأرباح، وأن تعمل على تركيب أجهزة التفتيش بالأشعة، وتوظيف الكوادر الأمنية ذات الخبرة.
يناط بالدولة المسؤولية في البحث عن حلول جذرية لمشاكل الشباب، المتمثلة بالبطالة وإرتفاع الأسعار، كتنظيم حفلات الزواج الجماعي، والإسكانات الحكومية ذات الأسعار المعقولة، وقروض الزواج الميسّرة وغيرها.
من الضروري أن تواجه الدولة تلك التحديات، وأن تتحلى بالموضوعية والجدية أيضاً، لأن الأزمات في تفاقم، وستزداد مع مرور الوقت، إذا لم تجد من يضع لها حداً.
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
27-06-2022 12:13 PM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |