02-07-2022 10:27 AM
بقلم : حسن محمد الزبن
إذن الخطرالأول والأكبر"اسرائيل"، والكل يتفق على ذلك، بغض النظر عمن يتسلم الحكومة في تل ابيب، وكما قلت في البداية موضوع الحلف يخطط له من سنوات، وليس فكرة طارئة، تطرح هذه الأيام، وجاء على لسان"نتنياهو"، أنه يتم العمل على إبرام تحالف مع الدول العربية، وكان التوقع أن يكون عام 2019م، قد تم وأنجز، لكن الأحداث والتطورات في العالم والمنطقة أخرت مشروع الحلف.
ونحن في العالم العربي لا يعنينا التحول العدائي نحو إيران ، من قبل "اسرائيل"، ولا يهمنا عقيدتها العسكرية تجاه إيران، لأنها في موضع الشك، وحتى حينما يقول رئيس وزراءها" نفتالي بينيت"، أنهم سيعملون على تطبيق " مبدأ استهداف رأس الأخطبوط بدلا من المخالب"، ولا يعنينا خلط الأوراق والعبث الحاصل بين النظام الإيراني والكيان الصهيوني، ويجب أن نفكر جيدا، ونراجع أولوياتنا، قبل أن ندخل في هذا المستنقع الضحل، وأظنه المصيدة، ولن نحرز أي تقدم في أي اتجاه يخدم مصالحنا كعرب، وسيفقدنا الكثير من وقتنا ومقدراتنا وهيبتنا.
وإذا كانت "اسرائيل" تريد الحرب فعلا وتسعى لها، فما علاقتنا إذ هي ترى ضمن أهدافها أن الضرورة تفرض نقل معركة"اسرائيل" ضد طهران إلى عمق الأراضي الإيرانية، بعد ما أقدمت عليه من سلسلة استهدافات طالت عملاء إيرانيين، وكذلك طالت وكلاء لها في سوريا، وأماكن أخرى، بتأكيد من "بينيت" بأن تل أبيب بدأت تطبيق مبدأ استهداف راس الأخطبوط بدلا من الأذرع"، والهجمات "الإسرائيلية ركزت على برنامج إيران النووي، وعلى العلماء الإيرانيين، واستهدفت فيلق القدس، والحرس الثوري.
وازداد التهديد، أو لنقل التصعيد، بعد اغتيال الضابط" حسين صياد خدائي" في فيلق القدس التابع للحزب الثوري في طهران في 22/ايار/2022م، عدا عن الغارات الجوية التي استهدفت الايرانيين على أراضي سوريا، وتتبجح "اسرائيل" كعادتها بفرد عضلاتها، وتقول" هذه الأعداد كبيرة وستفعل أكثر فأكثر كي تتحول سوريا إلى فيتنام خاصة بهم"، ومما أثار "اسرائيل" إعتقال أشخاص اتهموا بالعمالة والتجسس لصالح "الموساد" نُسب إليهم المحاولة بالقيام بإغتيالات وتصفيات لعلماء نوويين إيرانيين، وحسب "مهدي شمس آبادي" المدعي العام بمحافظة سيستان ديلوشستان" أن اعتقال العملاء جرى عبر عملية استخبراتية معقدة تضمنت ثمانية اشهر من الرصد الدقيق للأهداف الأمنية"، وأن القضية في مرحلة التحقيقات، وسيتم اصدار لائحة إتهام تمهيدا للبت في الأمر بالمحكمة.
وأصبحت إيران تتوعد "اسرائيل" وكذلك "اسرائيل تتوعد إيران، وكل منهما تناصب الأخرى العداء، فطهران تتوعد التهديدات التي تستهدف اراضيها على لسان العميد" علي رضا الهامي" قائد قوات الدفاع الجوي الإيراني " إن أدنى تهديد من العدو سيواجه بصفعة قوية من قواتنا التي ترصد كل تحركات الأعداء خارج حدود إيران".
وإيران وإن جمدت مشروعها النووي، فإنها عازمة على إكمالة، والأمر بالنسبة لها مسألة وقت لا أكثر، كما أنها ماضية في تنفيذ مخططها نحو تركيب مجموعتين من أجهزة الطرد المركزي المتطورة من طراز" آي آر- 6 " في منشأة نطتر النووية تحت الأرض، مما يعني تنفيذه زيادة قدرتها على تخصيب المزيد من كميات اليورانيم بسرعة أكبر.
هذا على الصعيد العسكري والقوة النووية، أما ما يتعلق بالنفوذ؛ فالتمدد الإيراني لا يخضع لأي حسابات، ولا يخضع لفكر سياسي، بمقدار ما يخضع لاعتبارات ممنهجة لتمدد المذهب الشيعي، ما يؤثر سلبا على الأطراف الأخرى بتنامي الطائفية في أي بقعة يصل إليها، وتتمكن جماعات النظام من التغلغل في المناطق التي تصل إليها، وطهران تحلم أن تكون القوة المهيمنة والآمر الناهي في المنطقة، رغم ما تواجه من إخفاقات في إدارة أمورها الداخلية، والصراع على من سيخلف المرشد الأعلى، وتدخل الحرس الثوري في أمور البلاد والعباد، وهذا التخبط والعبث يقودها للتهور وإطلاق يدها بعشوائية هنا وهناك، لتخفي إخفاقاتها التي تعاني منها داخليا، وكأنها تريد أن توصل رسالة أن ما يحدث في الداخل لن يقف حائلا من مخططها في التمدد.
والداخل الإيراني يعج بالمتناقضات، والحياة البعيدة عن الحرية والعدالة والمساواة التي تنادي بها الشعوب والأمم، ويرتفع فيها قمع الحريات للافراد، ولا اعتبار لمباديء حقوق الإنسان، وحياة سياسية يتجلى فيها الصراع بين العمائم والحرس الثوري، والمشاركة السياسية محصورة بالمرجعيات الدينية، وعلى هذا الحال للدولة؛ فهي بالتأكيد تفتقد بعض الاستقرار السياسي، والمؤشرات تقول أن هناك واقع اقتصادي صعب ويعاني من الانحدار، حتى الأمن الداخلي يتعرض لاختراق من المعارضة ومن جهات خارجية منها اختراقات"اسرائيل" العدو الأول للجميع.
ورغم هذا العداء الذي يبدو ظاهريا، لكن لا يلوح في الأفق أي مؤشرات لخوض حرب بالمعنى الشامل للحرب، فكل ما في الأمر إذا ما واجهت "اسرائيل" ضربة من طهران، فإن الرد منها لا يوجه لايران على أراضيها، بل يستهدف أماكن لا تخطر على أي فكر عسكري، وينتقي أهدافا على أراضي لدول أخرى مثل العراق وتركيا وسوريا ولبنان.
وعلى صعيد آخر يجب أن يدرك العرب، أن الهرولة نحو" اسرائيل" أو أي علاقة معها بالخفاء، لا يخدم العمق العربي، ولا يخدم الأمن القومي العربي المشترك؛ فهذه دولة فضّاحة، وتتعمد كشف الأسرار والعلاقات، وتستتر خلف أخبار تصدر عنها لتعقيد المشهد في الإقليم العربي لتصل لمقاربات تخدم مصالحها، وبما أننا ما زلنا في سياق الحديث عن زوبعة الحلف، نستذكر أن قناة 12 العبرية فضحت الترتيبات السرية المسبقة لطرح موضوع الحلف، وأعلنت عن وجود منظومة رادارية في عدة مناطق في الشرق الأوسط منها البحرين والامارات.
هذا يعني أن الفكرة ليست وليدة حزيران من هذا العام، بل أن هناك عمل وترتيب وتنسيق للمضي في تطبيق صور من صور الحلف ومتفق على آليات وأهداف وبنود بإتفاق عدة أطراف، مع أن الإعلام "الاسرائيلي" تحدث عن توجه لإيجاد تعاون استخباري" و "تبادل معلومات تكنولوجية مقيدة" و " تحديد عمليات إطلاق صواريخ كروز وطائرات مسيرة" وبغطاء أمريكي، وكما أنه حسب صحيفة " وول ستريت جورنال" الأمريكية، بأنه في شهر آذار من عام 2021م، في مدينة شرم الشيخ، عقدت الولايات المتحدة اجتماعا سريا لكبار المسؤولين العسكريين الإسرائيليين، وقادة عسكريين من دول عربية، وأنه تم وضع اللبنات الأساسية لنظام" دفاع جوي إقليمي محتمل"، وفي هذا السياق حديث للجنرال" كينيث ماكنزي" قبل عام ونصف من الآن الذي كان يرى "أنه على اسرائيل دمج أنظمة الدفاع الجوي والصاروخي مع شركائها الإقليميين"، وألمح لفكرة الحلف أيضا " رونالد لاودر" وهو دبلوماسي امريكي بمقال له عنوانه"ناتو" للشرق الأوسط، وكذلك "ايلان بيرمان" من مجلس الشيوخ الأمريكي قال " أن هناك أملا في أن تؤدي زيارة الرئيس "بايدن" للشرق الأوسط على سياسة أمريكية أكثر قوة تجاه إيران...." وفي نفس الاتجاه فإن موقع "بريكينغ ديفنس" الأمريكي جاء عنه أن منطقة الشرق الأوسط مقبلة على تطورات سياسية وعسكرية مهمة، موضوعها إيران، وايضا في شهر ايلول من عام 2021م، أعلن البنتاغون دخول إسرائيل رسميا نطاق مسؤوليات منطقة القيادة الوسطى العسكرية" "سينكوم" إلى جانب باقي دول الشرق الأوسط، في حين كانت في السابق ضمن نطاق القيادة الأوروبية "إيوكوم"، بسبب العداء مع الدول العربية، ويتزامن هذا في الوقت الذي تعلن فيه "اسرائيل" أنه " لا حصانة للنظام الإيراني ..فقد ولت"، وهذا يكرس موافقة أمريكا ورغبة "اسرائيل" لتشكيل قوة اسناد تغطية ووضعها في مواجهة مع إيران، وما المقترح الأمريكي لتحفيز التعاون الأمني إلا لوضع خاص لعلاقة عمل مع "اسرائيل" وبعض الدول العربية، لدمج الدفاعات الجوية لإحباط أي تهديد إيراني، وهذ سيكون وفق مشروع قانون دفاع سيوقع عليه من يوافق ويلتزم بمضامينه وبنودةلأجل توفير الحماية بمستوى أعلى ومتطور أكثر من السابق.
إذن الشركاء والأصدقاء الجدد، تحكمهم اتفاقيات ملزمة ومقيدة، قد يتشكل من أعضائها قوة تحالف مستقبلا، قد يكون التوافق على نظام دفاع مشترك لمواجهة الصواريخ الإيرانية والطائرات المسيرة بدون طيار، وقد يكون تحالف "ميسا" حقيقة لم يدخل مراحل التنفيذ، وأن كل ذلك مقدمة لتشكيل حلف عسكري وأمني برعاية أمريكية توفر الغطاء لهذا النشاط العسكري من العيار الثقيل في المنطقة، خاصة أن أغلب المدارس العسكرية العربية واستراتيجياتها، بمن فيهم المدرسة "الإسرائيلية" والأكاديمية الأمريكية في بناء العقول العسكرية وخطط الحرب الحديثة، تدرك أن إيران بحكم قربها من دول الخليج ستكون مهمتها سهلة في تحقيق أهداف خاصة، وأنها قادرة على إدارة الحرب بما تملك من صواريخ وطائرات مسيرة وأسلحة ضمن ترسانة عسكرية لها، تؤهلها لحرب طويلة الأمد تستمر لسنوات كما حدث مع نظام صدام حسين بحربها على العراق لثماني سنوات متتالية، وأنها قادرة على إزعاج العقل السياسي والعسكري لأمريكا و"اسرائيل" ولكل من وافق أن يكون جزء من الحلف أو التحالف في حال المباشرة بتنفيذ مهامه تجاه إيران.
ولكن هذا لن يحدث، على الأقل في المنظور القريب، والمرجح أن يكون الأمريكان قد حزموا أمرهم على أن تكون الحرب إقتصادية في هذه المرحلة، وهذه الفترة بالذات، كأفضلية عن المواجهة العسكرية، بدليل أن هناك نوع من التهدئة، واستئناف للجلوس على طاولة الحوار مع النظام الإيراني عبر وسطاء بعدما توقفت منذ سنة ونصف تقريبا، فيما يتعلق ببرنامجها النووي أو ما يعرف"بالإتفاق النووي" عام 2015م.
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
02-07-2022 10:27 AM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |