02-07-2022 12:11 PM
سرايا - استوعبت الحكومة الأردنية برئاسة الدكتور بشر الخصاونة ببعض الصعوبة الصادمة التي نتجت عن حادثة تسمم الغاز في مدينه العقبة وأظهر الطاقم الوزاري والحكومة قدرة على التعاطي والاشتباك مع تفاصيل الحادث المؤلم والذي لا يزال يشغل ذهن الرأي العام الأردني وسط ملامح على ظهور خلل وقصور اداري في ميناء العقبة ليس من الانصاف تحميل مسؤوليته السياسية لا لرئيس الوزراء ولا للطاقم الوزاري على الأقل في هذه المرحلة.
عمليا كان رئيس الوزراء أول مسؤول ينتقل فورا إلى مسرح الأحداث في مدينة العقبة ويشرف على الجهد الاغاثي قدر الامكان وبرفقته وزيرا الصحة والداخلية باعتبارهما عنوان الحكومة في ادارة ازمة تسرب الغاز الذي نتج عنه ثلاثة عشر حالة وفاة وأكثر من 250 إصابة.
سياسيا وعمليا تجنّبت الحكومة السيناريوهات التي يريدها ولو مؤقتا الشارع والرأي العام ومنح حكومة الخصاونة فرصة إدارة التحقيق وتجنّب خيار التغيير الوزاري في مثل هذه اللحظة الانفعالية يعني عمليا بان الامور تدار بحكمة وبتروي خصوصا وأن مشكلات الإدارة العامّة في الأردن يُقر بها كبار المسؤولين وتقر بها الاوساط المرجعية أيضا وبالتالي الخضوع للشارع وإقالة مسؤولين كبار فجأة جراء حادث من هذا النوع لا يمنع حصول حوادث أخرى مستقبلا.
وعليه تقرٍر أن تبقى الحكومة وجلالة الملك عبدالله الثاني رئيس الوزراء بصورة علنية بإجراء تحقيق مُفصّل في أسباب ما حصل.
و لاحظ المراقبون أن جلالة الملك شخصيا وهو يوجّه الخصاونة تقصّد الإشارة ألى أنه يريد أن يعرف ما إذا كان الحادث قد نتج عن كسل عند أي من المسؤولين الميدانيين أو عن حالة تقصير إدارية.
ويعني ذلك أن توجيهات محددة صدرت من الملك في الحادث الذي لا يزال منشغلا به الرأي العام بمعرفة بواطن القصور التي أدت لحصول مشكلة الميناء فيما التحقيقات الجنائية للنيابة المعنية مستمرة وفيما سيتدخل مجلس النواب على الأرجح بإجراء جلسات استماع لمعرفة ما الذي حصل مع أن إشارات التحقيق الاولي تؤكد بأن المسألة نتجت عن اختيار رصيف غير مناسب لتحميل شحنة من الغاز المسال وعن تمزق وتهتّك حبل الرافعة التي تحمل الشحنة.
وهي مسألة تنطوي تحت بند الأخطاء الإدارية لكنها أخطاء قاتلة هذه المرة وفيها بعد جنائي وقانوني الاهم وهذا ما لاحظه جميع الأوساط بأن المقارنة بحادثة السلط التي فقد فيها سبعة مواطنين أرواحهم ايضا بسبب نقص الاوكسجين لم تكن في مكانها سياسيا حسب اولويات المرحلة فقد كادت الحكومة ان تقال بسبب تلك الحادثة لكنها منحت الفرصة لأنها كانت في بداية تشكيلها.
واليوم تعاطت الحكومة مع الحادث ومع تفاصيله ومنحت فرصة إدارة التحقيق بمعناه البيروقراطي وتلك مؤشرات مرجعية على أن النيّة غير متوفرة للدخول في استحقاق تغيرات وزارية في هذه المرحلة على الاقل بمعنى ان الاجندة السياسية واضحة الملامح ولا تريد المجازفة بحكومة سرعان ما سيُطالب الرأي العام مجددا باقالتها في حال حصول أي مشكلة والمشكلات تحصل وستحصل بكل تأكيد.
وعلى هذا الأساس يمكن القول بأن ضبط الإعدادات السياسية وإعادة برمجة الأمور اعتمدتا وسائل وتقنيات سياسية تعاملت مع ما حصل باعتباره حادث يمكن أن يحصل بكل الأحوال لكنه يستوجب التحقيق وأغلب التقدير أن نخبة من كبار مسؤولي سلطة إقليم العقبة وميناء العقبة في طريقهم للإقالة وبالنسبة لبعضهم يدخل في سياق المحاكمة لأسباب جنائية بعنوان القصور والإهمال الذي أدّى لمقتل إنسان.
الرأي اليوم