05-07-2022 01:56 PM
بقلم : الخبير المصرفي / عدنان ابوقاعود
ان رفع البنك الفدرالي الامريكي سعر الفائده على الدولار للمرة الثالثه هذا العام بهذه النسب وبشكل متكرر ومتقارب زمنياُ باجمالي 1.5% هدفه سحب السيوله التي ضخت بالاقتصاد أثناء أزمة كورونا على شكل معونات للامريكيين للسيطره على التضخم الذي بلغ 8.5% بسبب ارتفاع أسعار الطاقة والعقارات والمنتجات الغذائية. وعلى الرغم من أن اجراء الفدرالي الامريكي هذا جاء لمعالجة أزمه داخلية بالاقتصاد الامريكي الا أن معظم البنوك المركزية بدول الاقليم والعالم سارعت برفع أسعار الفائده لديها ومن ضمنها المركزي الاردني الذي استجاب ورفع سعر الفائده بكل مرة بنفس النسبه للمحافظه على الاستقرار النقدي.
ان قرار البنك المركزي الاردني رفع سعر الفائده جاء حتمياً وليس خياراً، ليس لمعالجة التضخم بالدرجة الاولى بل لارتباط الدينار بالدولار وللابقاء على الهامش السعري للفائده الدائنة بين الدينار والدولار للمحافظة على جاذبية الدينار كعملة ادخار ذات عائد أعلى، وتجنب تضائل الفارق السعري بين فائدة الدينار والدولار لعدم اغراء بعض المودعين الى تحويل دنانيرهم الى دولارات وهذا ما يطلق علية اصطلاحاً (بالدولره).
بالطبع فان رفع سعر الفائدة بالاردن بهذا الوقت جيد لكبح التضخم الذي وصل 4.39%، الا ان له أثار سلبية كبيرة على الاقتصاد الاردني الذي يُعاني أصلاً وساتطرق لها من جوانب مختلفه، فرفع سعر الفائده بالاساس يُسبب ركود اقتصادي يؤدي الى تباطئ في النمو، وتزيد تكلفة الاقتراض على الافراد والشركات والحكومة وتنخفض القوه الشرائية والانفاق الاستهلاكي للمواطن وتتراجع بالتالي الايرادات الحكومية على شكل تراجع بالجمارك وضريبة المبيعات، وهذا بدورة له أثار سلبيه على المديونية المرشحة للزياده، وستتعثر الجهود الحكومية المبذوله لتخفيض نسب البطاله والفقر التي وصلت 22.8% و24% على التوالي.
كما أن رفع سعر الفائده له أثار سلبية على المقترضين الحاليين، لذلك قام البنك المركزي بتوجية البنوك لعدم رفع القسط على المقترضين نتيجة رفع الفائده عن طريق زيادة مدة القرض وهذه معالجة مرحلية مؤقتة، أي أنه تم تأجيل أثر رفع السعر لنهاية عمر القرض حيث سيكتشف المقترضين بعد سنوات أن مدة قروضهم حسب العقود قد أنتهت وما زال عليهم رصيد مدين مطلوب منهم تسديده، وكذلك فان المقترضين الجُدد سيتاثرون أيضاً برفع سعر الفائده اذ سترتفع تكلفة الاقتراض عليهم وستنخفض قيمة القروض التي من الممكن حصولهم عليها كون زيادة قيمة القسط ستؤثر على ارتفاع نسبة عبئ الدين على دخولهم. ومن ناحية اخرى فان رفع سعر الفائده جاء من مصلحة المودعين بالبنوك حيث سترتفع نسبة الفوائد التي سيحصلون عليها على ارصدتهم نسبة وتناسب مع المبلغ المودع ومدة الربط، الا انه من الملاحظ أن استجابة البنوك لرفع سعر الفائده الدائنة للمودعين لم تكن بنفس سرعة ومقدار زيادة سعر الفائده علي المقترضين وهذه الفجوه بالاسعار ستزيد من أرباح البنوك.
من جانب أخر فان ارتفاع اسعار الفائده له اثار سلبية على الاستثمار والمشاريع اذ أن سعر الفائده المرتفع سيغرى أصحاب الاموال والصناديق الاستثمارية نحو الاستثمارات الامنة والاقل مخاطرة مثل شراء السندات أو ربط الودائع بالبنوك المحلية والعالمية باسعار فائده مرتفعة نسبياً ومضمونة العائد خاصه في ظل الاوضاع العالمية المضطربة حالياً، مما يعني حجب جزء من رؤوس الاموال المتاحه عن الاستثمار المُنتج.
وعلى المستوى الدولي فان استمرار رفع سعر الفائده من قبل الفدرالي الامريكي بالاشهر المتبقية من هذا العام لتصل الى 3% كما هو متوقع، ومع استمرار الحرب الاوكرانية التي ستطول على ما يبدوا مع مرور أكثر من أربعة أشهر على اندلاعها، هذا سيفاقم الجمود والازمات التي عانا منها العالم خلال ازمة كورونا وسيعاني منها العالم مستقبلاً على شكل أزمات متتالية من ركود تضخمي Stagflation ، الى ارتفاع في أسعار الطاقة، الي خلل في سلاسل التوريد، الي أزمة غذاء، الى ندرة وصعوبة الحصول على الغاز والنفط في فصل الشتاء القادم خاصه في اوروبا، الى صراعات سياسية وعسكرية بسبب تضارب المصالح لما يجري بالساحة العالمية، وما يتبع ذلك من مشكلات اقتصادية فرعية نتيجة هذه الازمات مثل الكساد وتزايد الفقر والبطالة وتباطئ حركة التصنيع والانتاج وزيادة في ميزانيات التسليح.
كالعاده فان الذي يدفع ثمن التجاذبات والصراعات السياسية والعسكرية بين الدول الكبرى هم سكان الدول الفقيره الاقل حظاً والدول النامية محدودة الموارد في الشرق الاوسط ودول جنوب اسيا وافريقيا، فالازمات العالمية المتتالية سترفع من نسبة التضخم لمستويات غير مسبوقه بمعظم اقتصادات العالم حتى في منطقة اليورو الذي وصل الى 8.6%، وتوقع البنك الدولي أن يتراجع النمو الاقتصادي العالمي بنحو الثلث مقارنه بالعام الماضي.
بمثل هذه الاوضاع العالمية غير المستقره يصعب وضع حلول مثالية لمعالجة التحديات الاقتصادية المتغيره، والتسليم بالامر الواقع والانتظار والترقب أيضاً غير مقبول، فمن واجب الوزارات المسؤولة عن السياسة المالية والاستثمارية أن تضع الخطط البديلة والعمل بحرفية لزيادة النمو الاقتصادي لتقليل نسب الفقر والبطاله، والادوات لذلك معروفة وهي زيادة الانفاق الراسمالي باطلاق المشاريع الكبيره والنوعية المشغله للايدي العامله، وتخفيض ضريبة المبيعات، ومنح حوافز لتشجيع الانتاج الصناعي والزراعي والسياحي حيث ان مصفوفة الانفاق والانتاج والعمل هي المفتاح السحري للنمو الاقتصادي.
لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "فيسبوك" : إضغط هنا
لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "تيك توك" : إضغط هنا
لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "يوتيوب" : إضغط هنا
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
05-07-2022 01:56 PM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |