06-07-2022 04:27 PM
بقلم : م. أنس معابرة
ما زلتُ في الحديث عن المشاكل التي تواجه الجيل الصاعد، تحدثت في الجزء الأول عن بعض المظاهر السلبية للأجيال المعاصرة، وطرحت في الجزء الثاني مجموعة من الحلول الواجب إتباعها للخروج بجيل قادر على تحمل المسؤولية بنجاح، ونستكمل في هذا الجزء وهو الأخير بعض الحلول الواجب إتباعها.
رابعاً: تحسين الرقابة المجتمعية.
لقد كان للمجتمع دور كبير وفعّال في الماضي، فيجد الأب نفسه مسؤولاً عن صلاح أهله وأسرته وأقاربه وأبناء جيرانه، وزملاءه في العمل، أما اليوم؛ فيكتفي الواحد منهم بنفسه فقط، ولا يتكبد عناء صلاح الآخرين.
لقد كان للعائلة والعشيرة دور كبير في صلاح أبناءهم، بل ويتابعون تصرفاتهم، يأمرونهم بالمعروف، وينهونهم عن المنكر، ويتبادلون النصائح فيما بينهم. ولكن غابت للأسف تلك العادات الحميدة، وأصبح اليوم الجار لا يعرف جاره، ولا يلتفت الى حال أبناءه من الأساس.
ولكن الخطر الأكبر يكمن في أن فساد أبناء جيرانك قد يكون سبباً في فساد أبناءك أنت، فهم يرافقونهم في المدرسة أو الحي، ويتأثرون بشكل كبير بتصرفاتهم، وسيقودونهم الى ذات طريقهم، إن كان خيراً فأحمد الله، وإن كان شراً؛ فجزء من اللوم يقع عليك.
تخيل أن يتعاون الجيران فيما بينهم لصلاح أبناءهم، يدفعون أبناءهم الى مرافقة الصالحين والإقتداء بهم، والإبتعاد عن الطالحين وأصحاب العادات السيئة والنفور منهم، عندها سيصنعون جواً إيجابياً مناسباً للأطفال، يحافظون فيه على أخلاقهم الحسنة، ويجنبونهم العادات السيئة وأصحابها.
إذا ذكر جارك عيوب أحد أبناءك أو تصرف سلبي له؛ لا تنهره أو تنفر منه، بل حاول أن تتقبل النصيحة، وتأخذها بعين الإعتبار، وبدل أن تلوم جارك على التدخل في حياتك وحياة أسرتك؛ إعمل على إصلاح الخلل في أخلاق ابناءك، فربما يكون ناصحاً أميناً.
يجب أن تتأكد بأن صلاح أبناءك وحسن أخلاقهم؛ لن يتوفر إلا من خلال إيجاد بيئة حسنة طيبة، فيجب عليك أن تمد يد العون الى الجيران والأهل والأصحاب والزملاء، وأن تتعاونوا فيما بينكم لتحقيق الهدف الكبير المتمثل بصلاح أبناءكم جميعاً.
خامساً: تشديد رقابة الدولة.
يقع على الدولة مسؤولية كبيرة في هذا المجال، تتلخص في الرقابة على وسائل الإعلام المختلفة، كالتلفاز والإذاعة والصحف ووسائل التواصل الإجتماعي، وألا تسمح لمجموعة من الفاشلين التافهين في تصدر الشاشات وصفحات الجرائد، والبرامج التلفزيونية والإذاعية.
لا بد من المراجعة الأخلاقية لجميع البرامج والمسلسلات والأفلام، والتأكد من إلتزامها بتعاليم الدين الحنيف، والعادات والتقاليد المجتمعية، ولسنا بحاجة الى الإعتراض على مسلسل أو فيلم أو برنامج ليتم وقف عرضه على الشاشات، بل لا بد من إتخاذ الدولة خطوات جادة في هذا المجال لمنع عرضه أو تصويره من الأساس..
تسعى الكثير من المحطات التلفزيونية، وصفحات مواقع التواصل الإجتماعي الى جني الأرباح من خلال زيادة المشاهدات والدعايات والإعلانات، وذلك من خلال لجوؤهم الى مواضيع متطرفة، وشخصيات جدلية، وحوارات ساخنة، وإيحاءات جنسية، وهنا يكمن دور الدولة في وقف تلك المهازل ومنعها والإعتراض عليها، ومحاسبة المسؤولين عن إخراجها للمجتمع.
الأفلام والمسلسلات تخضع للرقابة، في الماضي كانت رقابة أخلاقية، تمنع المشاهد الساخنة والقبلات والأحضان، ولكنها اليوم أصبحت سياسية، تهدف الى عدم التعرض للشخصيات أو الإشارة الى فسادهم، وتغاضت للأسف عن الكثير من الإباحية والشذوذ والإيحاءات الجنسية، التي تثير غرائز الشباب، وتتسبب في إنحرافهم، لدرجة تصريح أحد الفنانين الى ضرورة زيادة المشاهد الساخنة في الأفلام، لدفع الناس الى مشاهدتها والإقبال عليها، وبالتالي جني المزيد من الأرباح، على حساب فساد أخلاق جيل بأكمله.
بإمكان الدولة إحكام رقابتها الأخلاقية على الأفلام والمسلسلات، وصفحات مواقع التواصل الإجتماعي؛ فكما نعرف جميعاً بأنها قادرة على التوصل الى شخص أساء الى أحد المسؤولين في منشور عبر شبكات التواصل، وملاحقته أمنياً وقضائياً، وبالتالي فهي لديها من الإمكانيات ما يؤهلها الى المراقبة الأخلاقية، وتبقى لديها الشروع في ذلك.
إذا قصّرت الدولة في دورها الرقابي، لا بد أن ننشط نحن في الدفاع عن مستقبل أبناءنا وصلاحهم، من خلال إيصال اصواتنا للمسؤولين بضرورة تشديد الرقابة الأخلاقية، وعدم المتاجرة في مستقبل أولادنا على حساب الأرباح التي تتدفق الى جيوب المنتجين والمخرجين لتلك البرامج والمسلسلات والأفلام، والعمل على إنذار وإغلاق القنوات والصفحات التي تتجاوز الحدود الأخلاقية للدين والعادات المجتمعية.
وإذا فشلت جميع الجهود السابقة في تشديد الرقابة، وخذلنا المسؤولون عنها؛ نعود الى المربع الأول في ضرورة الرقابة الأسرية على ما يشاهده الأبناء عبر التلفاز، أو من خلال برامج اليوتيوب او صفحات التواصل، من خلال برامج الرقابة الأسرية التي أشرت لها سابقاً، أو من خلال المتابعة المباشرة لما يشاهدونه، والجلوس معهم خلال فترات المشاهدة، وتحذيرهم من بعض الممثلين والمشاهير المنحرفين.
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
06-07-2022 04:27 PM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |